زميل رياض
تحياتي

سأنظر فيما طرحتَه بشأن رسول الله محمد فقط لأن هذا الحوار مخصص لهذا الغرض وبعد أن ننتهي يمكن أن ننقل أي طرح لك في موضوع الأنبياء ليكون على رابط "دحض شبهات حول الأنبياء في القرآن الكريم":

http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...fid=5&tid=33089

والآن نبدأ على بركة الله:

......................
ألم يجدك يتيما فأوى وضالا فهدى(الضحى93: 6)
.....................

وجدك ضالًا........ أي قبل النبوة فهداك بالنبوة والرسالة. ولكن ما معنى أن محمدًا كان ضالًّأ؟ عندما أقول أن فلانًا قد ضل الطريق ووجده أحد أفراد المدينة فهداه، هل أقصد أنه كان ضالًا أي مرتكبًا للكبائر في المدينة؟ بالطبع لا. وإنما الضلال هنا هو البحث عن الحقيقة مع عدم الوصول إليها. كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بحَّاثًا عن الحقيقة يتعبد في غار حراء ويقلب وجهه في السماء يريد أن يهتدي لخالق الكون. فوجده الله ضالًا أي ليس عنده منهج ولا معرفة ولا علم ولا كيفية معرفة الله والتعبد لله. فبين الله له كل هذا وكلفه بالرسالة.

.....................
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك(الخطايا)الذي انقض ظهرك(الشرح94: 1-3)
.....................

الوزر له عدة معانٍ، منها: العبء الثقيل. ويكون المعنى ان الله خفف عن كاهل رسوله أعباء النبوة وتبليغ الرسلة بعد أن بذل الجهد الكبير فيها في البداية.

.....................
إذ تقول للذي انعم الله عليه وأنعمت عليه(ابنه زيد) امسك عليك زوجك(زينب) واتق الله تخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه(الاحزاب33: 37)
.....................

{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } (الأحزاب 37)
يقولون "وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ" تخفي حب زينب وقد قلت حين رأيتها "سبحان مقلب القلوب" حتى فُتِنَت وطُلِّقَت من زوجها زيد. وهذا باطل مردود لأن ما ورد في هذا الشأن كلها روايات مدسوسة لا أصل لها. لقد كان يرى زينب كل يوم فهي ابنة عمه ويعرفها جيدًا وهو الذي زوجها لزيد. ثم وصلت الأمور بين السيدة زينب وزوجها زيد حدًا لا يطاق. ولم يكن هناك حل سوى الطلاق. وأعلم الله نبيه بذلك وأنه متزوجها ليبطل عادتين من عادات العرب في شخص الرسول: التبني، وتحريم الزواج من زوجة الابن بالتبني. وأصيب الرسول بحرج بالغ وخشي كلام الناس. فأنزل الله تعالى قوله: "وتخفي في نفسك ما الله مبديه (وهو خبر طلاق زينب ثم زواجك بها) وتخشى الناس (أي تخشى كلامهم) والله أحق أن تخشاه (أي لا تنظر إلى كلام الناس إذا قضى الله أمرًا مهما كانت شدة كلامهم ووقعه عليك)". قال عمر وابن مسعود وعائشة ما نزلت على الرسول آية هي أشد عليه من هذه الآية.

.....................
يأيها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم(التحريم66: 1)
.....................

ليس تحريمًا تشريعيًّا بحيث يصير هذا الشيء حرامًا على الرسول وعلى أمته. وإنما المعنى انه يترك الشيء الحلال الذي تنفر أزواجه منه. وكثير منَّا يفعل ذلك ويترك طعامًا حلالًا ويشتري آخر يحبه أفراد الأسرة مبتعدًا عن الأنانية ومفضلًا الصالح العام على الخاص.

.....................
يأيها المدثر(محمد)…ثيابك فطهر الرجز فأهجر(المدثر74: 1.-5)
.....................

الرجز هو المأثم. يا أيها النبي اترك المأثم. وليس المعنى أنه مرتكب الآثام والذنوب. ولكن الأمر هنا لهدفين: جعل ذلك تشريعًا في الإسلام، وتهييجًا لأتباع ذاك النبي بترك الآثام. وهذا يماثل تمامًا قول المسيح في دعائه إلى الله "ونجنا من الشرير" (أي الشيطان) مع استحالة وقوع المسيح في حبائل الشيطان وخداعه. ولكن هذا لتحفيز الأتباع على التضرع إلى الله والاستعاذة به. وينسحب هذا المعنى على قوله تعالى "يا أيها النبي اتق الله" و "واستغفر الله" و "لقد تاب الله على النبي وعلى المؤمنين" .......الخ.

.....................
عبس وتولى أن جاءه الأعمى… لعله يزكى أو يذكر …أما من استغنى(الغني)فأنت له تصدى(تسمع)… أما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى(عبس80: 1-10)
.....................

الرسول هنا اختار الأصعب. فالرجل الأعمى جاء ليعلن إسلامه في الوقت الذي كان موعدًا متفقًا عليه بين وجهاء قريش والرسول عليه الصلاة والسلام وكان أمله ان يؤمنوا بالله. أما هذا الرجل فهو مؤمن ولا مشكلة من جانبه. فلما جاء هذا الرجل الأعمى تغير وجه الرسول وانشغل بمحاولة أن يهدي الله به هؤلاء الأكابر من قومه ليعز الله بهم الإسلام ولينجيهم من نار الآخرة.

.....................
فأصبر أن وعد الله حق واستغفر لذنبك …(غافر40: 55)
استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات(محمد47: 19)
لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار(التوبة9: 117)
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر(الفتح48: 2)
.....................

ذنوب الأنبياء جميعًا هي ما وقع منهم من صغائر تجوز في حق الأنبياء ويفغرها الله بالاستغفار. والصغائر في الشريعة الإشلامية هي ترك الأوْلى سهوًا ونسيانًا عن غير عمدٍ أو إصرار أو أن يفاضل بين موقفين جائزين ثم يختار ما يراه أفضل فيحكم الله بأفضلية ما لم يختاره رسوله كالموقف من الرجل الأعمى. والاستغفار في الإسلام ليس مرتبطًا بالذنب بالدرجة الأولى. وإنما هو عبادة. لذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم 70 أو 100 مرة. وإنا نستغفر الله بعد الصلاة المكتوبة ثلاثُا. فهل الصلاة ذنب؟ الاستغفار في الإسلام عبادة من العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه طالبًا عفوه وغفرانه. ويأتي أمر الله لرسوله بالاستفغار ليكون قدوة لأمته لتحبيبهم في هذه العبادة. وهو كقوله تعالى "يا أيها النبي اتق الله ..." وذلك لوضع أمر التقوى موضع الأمر للأمة ولتشجيعهم على التقوى اقتداءً برسولهم كما ذكرنا. كذلك الأمر بالاستفغار.

.....................
قل أنا أو إياكم لعلى هدي أو في ضلال مبين قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون(سباء34: 24-25)
وهنا يصف القران نبيه واتباعه بالمجرمين !
.....................
وردت آيتان في القرآن الكريم متماثلتان والفرق بينهما لو تعلمون عظيم. لنقرأ ما جاء على لسان سيدنا نوح:

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ} (35) سورة هود

فهذا أسلوب من أساليب الجدل. سيدنا نوح يقول على فرض أنني اختلقت هذه الرسالة إليكم فإن الله سيحاسبني على هذه الجريمة ولكن أشهدكم أني بريء من جرائمكم وهي الكفر ومطاردة المؤمنين والتنكيل بهم.

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم استعمل أسلوبًا جدليًّا أرقي في جدال الكافرين:

(قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مّنَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللّهُ وَإِنّآ أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلَىَ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ) [سورة: سبأ - الأية: 24]
(قُل لاّ تُسْأَلُونَ عَمّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ) [سورة: سبأ - الأية: 25]

تحياتي