شبح الابن


إن قصص ظهور أشباح أو أرواح الموتي سواء في الأحلام أو في الحياة الواقعية لمطالبة الأحياء بالانتقام لها تعد شائعة الحدوث في كل مكان وزمان..
وهناك بعض أشباح القتلي أو الموتي التي تظهر فقط لتطالب بدفن جثة صاحبها.. ومن أشهر هذه الحالات تلك الخاصة بشاب يوناني إختفي في ظروف غامضة ولم يعثر له علي أثر.. وظل شبحه يظهر لوالده بشكل يومي تقريبا في الليل.. وذات مرة، أصر شبح الإبن علي أن يتبعه والده إلي مكان خارج العاصمة اليونانية أثينا.. وهناك طلب الشبح من الأب أن يحفر الأرض ليكتشف جثة إبنه بملابسه الكاملة وقد مزقتها الطعنات.. وطلب الشبح أن يتم دفن جثته في مدافن الأسرة بعد أداء الطقوس المعتادة.. وبعد أن تم ذلك، لم يعد شبح الابن يظهر مرة أخري وكأنه إستراح بعد أن تحقق مطلبه.. ومع إنتشار كل هذه القصص حول ظهور الأشباح والأرواح، كان من الضروري أن يبذل جهد علمي محدد لتنقية هذه القصص من الاوهام والمبالغات والتحقق من صدقها قبل التعامل معها كظاهرة لايمكن إنكارها.. وهكذا، تشكلت في لندن عام 1882 جمعية الأبحاث النفسية والتي انطلقت من فكرة أن الحيرة أو الدهشة لايمكن أن تمثل نقطة النهاية لمسألة ظهور الأشباح والارواح. لذلك، تم تشكيل لجان للتحقق والبحث والتحري بهدف مراجعة الأدلة والبراهين التي يؤكد بها من يتعرضون لهذه الظاهرة صدق رواياتهم.. ومن بين هذه اللجان واحدة اطلق عليها اسم 'لجنة البيوت المسكونة' ولجنة تقصي الحقائق حول الأشباح، والتي كانت مهمة أعضائها تتمثل في دراسة وتحليل قصص وحالات ظهور الأشباح والأرواح.
وكان أعضاء هذه اللجان، وهم من الخبراء والباحثين المتخصصين في شتي نواحي المعرفة، يدركون أن مهمتهم الأساسية هي الوصول للحقيقة وتجاهل أي حالة لايمكن اثباتها بالأدلة المادية المجردة.
وكانت الخطوة الأولي هي جمع القصص والحالات التي تتردد حول ظهور الأشباح والأرواح ثم اخضاعها للبحث والتقصي قبل الاعتراف بها..
وخلال السنوات العشر الأولي من تشكيلها، تمكنت جمعية الأبحاث النفسية من جمع عدد هائل من قصص ظهور الأشباح وكانت مصادر هذه القصص هي الأشخاص الذين عايشوها أو ما نشر في الصحف والكتب..
وخلال الفترة من ابريل 1889 وحتي مايو 1892، شارك في جهود البحث 410 من المتخصصين الذين توجهوا بأسئلتهم لآلاف الاشخاص وحصلوا علي 17 ألف اجابة حول تفاصيل ظهور الأشباح والأرواح.. وكان أعضاء لجان البحث يطلبون من هؤلاء الأشخاص الاجابة 'بنعم' أو 'لا' علي أسئلة مثل:
هل سبق لك رؤية شبح وأنت في حالة اليقظة التامة وهل سبق لك أن سمعت أو أحسست بوجود كائن غريب بالقرب منك دون أن يكون هناك أي تفسير مادي لوجوده؟
وفي حالة الرد بالايجاب، ينتقل المحققون الي فحص الشاهد من الناحية الصحية والنفسية وما اذا كان قد مر بهذه التجربة أكثر من مرة..
وبعد ذلك، يتم الاستماع لتفاصيل الحالة من حيث زمان ومكان حدوثها.
ومن بين 17 ألف شخص تم استجوابهم، قال 1684، أي نسبة 9.9 في المائة، أنهم مروا بتجربة اللقاء مع الأشباح. وقد تم استبعاد جميع القصص التي حدثت لأصحابها أثناء اصابتهم بأمراض أو ارتفاع في درجة الحرارة علي أساس أنها كانت نوعا من الهلوسة وأيضا، تم استبعاد الحالات التي لم تكن فيها رؤية الشبح أو الروح واضحة وبشكل حاسم أو التي يمكن الشك فيها أو تفسيرها علي أسس مادية مهما كانت.

يتبع..