The Old Man and the Sea

العجوز و البحر واحدة من أهم الروايات في القرن العشرين التي أغرت النقاد بتفسيرات عديدة . علق أرنست هيمنجواي على الرمزية في أشخاص روايته بأنه :" لا يوجد عمل كبير ، كانت الرمزية خلف أبطاله منذ البداية ، و أنه إذا نجح في جعل العجوز عجوزا حقا ،و الصبي صبيا حقا ، و السمكة سمكة حقا ،و البحر بحرا حقا ، فإن روايته ستكون قابلة لكل التأويلات بعد ذلك " . العجوز و البحر كما أراه هو صراع الإنسان ضد كل أعدائه ؛ قوى الطبيعية القاسية ، الكائنات الحية الأخرى ، الضعف و التآكل الداخلي . حفل الأدب منذ نشأته بحكايات تجسد هذا الصراع التقليدي والمستمر والمتجدد بَيْنَ الإنسان والقوى المعاكسة ، والبحر بسحره الخالد وزرقته المحيرة كان دائما مسرحا لإنتصارات الإنسان و هزائمه . تميز الأدب الأمريكي بروايتين من أكثر روايات البحر روعة و قوة ، هناك الروائي الأمريكي المعروف " هيرمان ميلفل Herman Melville " و روايته الشهيرة الخالدة “موبي ديك Moby-Dick” التي جسد فيها الصراع بين سفينة الصيد وجماعات حيتان العنبر المتراصة في المناطق الاستوائية الدافئة ، هناك أيضا مواطنه ارنست همنغواي ورائعته " العجوز و البحر " . وتعتبر الرواية الأخيرة و بجدارة ثاني أعظم رواية في أدب البحر التي صورت الصراع بين الإنسان وقوى الطبيعة ، وتُظهر الرواية قوة الإنسان وتصميمهُ وعزمه على نيل أهدافه والوصول إلى ما يصبوا إليه وامكانية انتصاره على قوى الطبيعة المعادية ، وفقا لمقولة همنغواي ” قد يتحطم الإنسان ..ولكنه لن يهزم ” .
تتجلى شخصية همنغواي القوية و الحساسة معا في روايته ومفهومه العميق للبحر وعوالمه وقواه الطبيعية ، و تجسد الرواية بعمق صراع الإنسان مع قوى الطبيعة ، و ثقة الكاتب في قدرة الإنسان على التحدي و المقاومة . الصراع يتجسد بين الصياد والسمكة و في تصميم العجوز على مواصلة النضال حتى الموت صائحا في السمكة “.. أيتها السمكة … سأظل معك حتى أموت ..!” . ففي هذه الحالة تشترك قوة أخرى يقاومها االعجوز الذي لا يصارع السمكة فقط بل أيضا يصارع جروحه وضعفة ووحدته ، يصارع الآلام التي سببها جر الحبل وشده في المعركة (معركة الموت والحياة ) . يجمع سانتياجو قواه وإرادته ويطعن بحربته السمكة طعنة الموت محققا الانتصار في معركة رهيبة . لا ينتهي الصراع الإنساني مع قوى الطبيعة بانتصار سنتياجو على سمكته الكبيرة ، و لكن الصراع يتجدد مع اسماك القرش المتوحشة التي تدافعت باتجاه السمكة وتجمعت حولها وهي تنزف دما . بدأت بذلك معركة مطاردة جديدة بين العجوز الذي حصل بعد جهد وعناء كبيرين على السمكة فجاءت تلك الأسماك لتجبر العجوز على أن يقاتل دفاعا عن سمكته .
تنهش أسماك القرش المتوحشة في لحم السمكة حتى انتهت السمكة بالكامل بين أنياب القرش الحادة ، تتصاعد معاناة العجوز وتكب المعاناة ويعاني مرارة الهزيمة وقام بجذف قاربه صوب الشاطئ وكان الهيكل العضمي للسمكة واتجه صوب ذلك الكوخ وقد حلَّ به التعب واوهن حتى انكفأ على وجهه اكثر من خمس مرات في الطريق . رغم ما حدث من إرهاق وهزائم متتالية لكنها لم تدع هذا الإنسان يستسلم ، بل يستمر و يقرر ان يمضي في رحلة جديدة . رغم الشوائب والعراقيل التي تضعها أمامنا الحياة والفشل والهزائم ، سيبقى الإنسان قادرا على القتال و النصر ، هكذا أكدت الرواية بحزم أن الرجال لم يخلقوا للهزيمة .. قد يهلك الرجل دون أن يهزم . يقول العجوز عن خبراته " ينبغي لي أن أفكر لان التفكير هو كل ما يقي لي القوة " .. " لا مكان لليأس إنها لحماقة إن يستولي اليأس على الإنسان كما أنى لا أعتقد بان اليأس حقيقـة" .
رغم روعة القصة و أداء سبنسر تراسي الجيد ، إلا أنه كان واضحا طوال الفيلم أنه جرى تصويره في خزان كبير داخل الأستوديو ،و كان يفتقر للبانوراما الواسعة التي تكشف روعة البحر الكبير و جلاله .