{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 1 صوت - 1 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الموازين العسكرية ترجح كفة مصر في حاله نشوب حرب محتملة على النيل
عاشق الكلمه غير متصل
فل من الفلول
*****

المشاركات: 6,017
الانضمام: May 2007
مشاركة: #27
RE: الموازين العسكرية ترجح كفة مصر في حاله نشوب حرب محتملة على النيل
ملك «الحبشة» تعهد بعدم إقامة أى مشاريع تؤثر على «سريان النيل» دون موافقة مصر

انتهت الحلقة الماضية عند سوء أحوال الوضع فى السودان، ودخول الاحتلال الإنجليزى مصر عام ١٨٨٢، مما أدى لفتور الاهتمام البريطانى بالملف المصرى- الحبشى، حتى جاء الإخلاء المصرى «المؤقت» للسودان، عقب الثورة المهدية فى ٨ يناير سنة ١٨٨٤، ودخلت قوات «المهدى» حاميات «كسلا» و«أميدبت» و«سنهيت»، وقطعت عنها الاتصال بالخرطوم.

ووجدت الحكومة الإنجليزية وقتها أفضل السبل لإنقاذ القوات المصرية فى شرق السودان، وهو الاتفاق مع «يوحنا» إمبراطور الحبشة على تقديم العون العسكرى لانسحاب تلك القوات عن طريق الحبشة، مقابل الاعتراف له بكل المطالب الإقليمية التى كانت مثار نزاع بينه وبين خديو مصر، أى أن بريطانيا «ضغطت» على مصر لقبول التنازل عن بعض ممتلكاتها للحبشة نظير مساعدتها للقوات المصرية، التى كانت مرابضة شرق السودان، ومثلما نجحت بريطانيا فى إرغام مصر على قبول الجلاء عن السودان، تمكنت أيضا من اقتطاع أجزاء من ممتلكات مصر فى السودان الشرقى ومنحها للحبشة.

المستشارة هايدى فاروق، الباحثة فى الأرشيفين الأمريكى والبريطانى، قالت: «الوثائق توضح أنه فى ٣ يونيو سنة ١٨٨٤ تمكنت الأطراف الثلاثة مصر وإنجلترا والحبشة (إثيوبيا) من عقد معاهدة عدوة، التى وقعها عن الجانب الإنجليزى الأدميرال ويليام هيوت قائد الجيش الإنجليزى فى الشرق الأوسط والهند، وعن الجانب المصرى مازون باشا محافظ مصوع، وعن الجانب الإثيوبى الملك يوحنا نفسه، وهى المعاهدة التى نصت فى مادتها الأولى على السماح للحبشة، بعد توقيع الاتفاق، بمباشرة أعمالها التجارية عن طريق ميناء مصوع عبر الأراضى المصرية، بما فى ذلك الاتجار بالأسلحة والذخائر».

وأضافت «هايدى»: «ونصت المادة الثانية على أنه بدءًا من الأول من سبتمبر عام ١٨٨٤ ترد مصر إلى الحبشة بلاد بوغوص، وعند جلاء القوات المصرية عن كسلا وإميديب وسنهيت تؤول ملكيتها بما فيها من منشآت ومبان مصرية، وبما تشتمل عليه من مهمات وذخائر إلى ملك الحبشة، فيما تعهد ملك الحبشة فى المادة الثالثة بتقديم جميع التسهيلات الممكنة للقوات المصرية فى انسحابها من كسلا وإميديب وسنهيت عبر الحدود الحبشية لتعود إلى مصوع المصرية، فى حين نصت المادة الرابعة على أن يتعهد خديو مصر بأن يمنح ملك الحبشة جميع التسهيلات اللازمة فيما يختص بتعيين رجال الدين القساوسة فى الحبشة.

وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية على أن يتعهد الطرفان، المصرى والحبشى، بتبادل تسليم المجرمين الفارين من العدالة، فى حين أوصت المادة السادسة بأنه فى حال حدوث خلاف بين خديو مصر وملك الحبشة بعد التصديق على هذه المعاهدة، يقبل الطرفان بتحكيم ملكة إنجلترا».

وتابعت «هايدى»: «بنهاية القرن التاسع عشر بدأت إنجلترا تنظر بعين الارتياب لمحاولة بعض الدول الأوروبية التسلل إلى شرق أفريقيا والتقدم صوب أعالى النيل، على حساب الممتلكات المصرية السابقة فى السودان، وما جاوره، ولتهديد أمن مصر المائى، خاصة أن إنجلترا كانت تعتبر إخلاء مصر للسودان عملاً مؤقتاً لتستطيع الأولى تكوين جيش قوى لاستعادة السودان من جديد، وفى نفس الوقت فإن التمسك بهذا المنظور يفيد إنجلترا فى وضع يدها على السودان باسم مصر».

وأضافت: «فى المقابل كانت منطقة أعالى النيل على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لمشروعات إنجلترا التوسعية فى أفريقيا التى كانت تحلم بخلق إمبراطورية تمتد من سواحل البحر المتوسط شمالاً وصولاً إلى مدينة الكاب جنوباً، لتشطر القارة الأفريقية إلى شطرين، إلا أن هذه الأحلام اصطدمت بالمعارضة الفرنسية للاحتلال البريطانى لمصر، وكانت إنجلترا تخشى أن تؤدى معارضة فرنسا إلى مهاجمتها لمنطقة أعالى النيل وتهديد مصر، ولهذا حرصت إنجلترا على الإسراع بمنع الوصول الفرنسى إلى تلك المنطقة، وفى نفس الوقت كان لزاماً على إنجلترا أن تحول بين إيطاليا والحبشة وألمانيا وبين الوصول إلى أعالى النيل بعد وضوح رغبة هذه الدول فى السيطرة عليه للتحكم فى مخصصات مصر المائية».

ووفق الوثائق حاولت إنجلترا استرضاء إيطاليا التى عارضت هى الأخرى الاحتلال البريطانى لمصر دون أن يكون لها نصيب فى تلك «الغنيمة»، وعندما أبدت إيطاليا اهتماما كبيرا بميناء عصب بعد أن اشترته من الشركة الإيطالية عام ١٨٨٢، وأرادت أن تتخذ منه منفذا لها على مياه البحر الأحمر، وجدت إنجلترا أنه من الحكمة تشجيع إيطاليا على فتح مجال لتوسعاتها فى المنطقة، فوقعت اتفاقاً معها عام ١٨٨٥ أعطت بموجبه الأخيرة ميناء مصوع المصرى، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إنه باحتلال إيطاليا للميناء المصرى، أوقفت مرور السلاح إلى «يوحنا» ملك الحبشة، وسمحت بإرساله لعدوه «منليك» ملك شوا.

وتابعت الباحثة: «بهذا الإجراء خيبت إنجلترا آمال إثيوبيا ونقضت معاهدة عدوة، فاحتلت إيطاليا عدوة، ورآها ملك الحبشة فرصة مناسبة حيث نازل القوات الإيطالية فى موقعة عدوة فى الأول من مايو ١٨٩٦، وأرغمها على توقيع معاهدة أديس أبابا مع الملك منليك فى ٢٦ أكتوبر من نفس العام، التى اعترفت فيها إيطاليا باستقلال الحبشة وتحديد الحدود بينها وبين إريتريا».

وأضافت: «فى المقابل نجحت فرنسا فى تشجيع الحبشة على إرسال ٤ حملات إلى أعالى النيل لاحتلاله، ورغم أنها لم تحرز نجاحا، إلا أنها أظهرت أطماع الحبشة فى الضفة اليمنى من نهر النيل، فوجدت إنجلترا نفسها مضطرة لأن تبذل نشاطاً مضاداً لنشاط فرنسا فى أديس أبابا، خاصة أن العلاقات بينها وبين الحبشة لم تكن مرضية، نظراً لمساعدة إنجلترا إيطاليا فى حربها ضد الحبشة سنة ١٨٩٦».

وقالت «هايدى»: «فى هذه الأثناء بدأت القوات المصرية تتقدم تحت قيادة كتشنر صوب السودان لاستعادته، وفى يوليو سنة ١٨٩٨ وصل القائد الفرنسى مارشان إلى قرية فاشودة ورفع العلم الفرنسى فوق القرية، فتقدمت القوات المصرية صوب الجنوب، ووصلت فاشودة فى ١٩ سبتمبر سنة ١٨٩٨، ووجه كتشنر إنذاراً إلى «مارشان» بإخلاء القرية ورفع العلم المصرى فوقها ثانية، واضطرت فرنسا للرضوخ، وتم عقد اتفاقية ٣١ مارس ١٨٩٩ بين فرنسا وإنجلترا، التى أسدل بها الستار على مطامع فرنسا فى نهر النيل وواديه».

ورغم هذه الأحداث، ظلت مشكلة الحدود بين ممتلكات مصر والحبشة التى عجزت مصر عن حلها فى عهد الخديو إسماعيل قائمة دون حل، ورأت إنجلترا فى ذلك فرصة عام ١٩٠٢ نتيجة خطأ وقعت فيه فرنسا، واستغلته إنجلترا لصالحها، بعد أن منح إمبراطور الحبشة أحد السويسريين عام ١٨٩٤ حق امتياز مد خط سكة حديد الحبشة، وتكونت لهذا الغرض شركة فرنسية، أخذت على عاتقها تنفيذ هذا الخط، وعجزت الشركة الفرنسية عن القيام بالتزاماتها واحتاجت زيادة رأس المال، فوجدت الشركات الإنجليزية الفرصة سانحة للاشتراك فى زيادة رأس المال، لتحصل بذلك على فرصة لفرض نفوذها فى الحبشة بجوار النفوذ الفرنسى.

وتدخلت الحكومة الفرنسية لدى الشركة المنفذة للخط ومنحتها إعانة سنوية تقدر بنصف مليون فرنك لمدة ٥٠ عاماً، لزيادة رأس المال واستطاعت أن تسيطر على الشركة دون استشارة ملك الحبشة، بصفته صاحب الحق الأول فى منح ذلك الامتياز.

واستغلت إنجلترا هذا الخطأ، حسب الوثائق، عندما أكد مبعوثها السير «جون هارنجتون» لدى «منليك الثانى» ملك الحبشة أن هناك «سوء نوايا» من الجانب الفرنسى حيال بلاده، ولذلك منحت إنجلترا الملك «منليك الثانى» أرضا من «الممتلكات المصرية» مساحتها ٣٦٠٠ كم مربع، تقع على الجنوب الشرقى من السودان وتتصل بنهر السوباط (جزء من إريتريا، وآخر من الشمال إثيوبى)، فبسطت إثيوبيا حدودها لتشمل هذا النهر، وتم الاعتراف لها بسيادتها على أراضٍ احتلتها من مصر وتشمل المسافة الواقعة بين نهرى «بارو» و«الجب».

وفى ١٥ مايو ١٩٠٢ تم توقيع معاهدة بشأن الحدود المصرية مع الحبشة (إثيوبيا) وهى الاتفاقية التى تم الحصول على صورتها الأصلية من الأرشيف البريطانى وتعهد فيها ملك الحبشة بعدم تشييد أو السماح بتشييد أى عمل على النيل الأزرق وبحيرة «تسانا» أو نهر «السوباط» من شأنه منع جريان المياه إلى النيل إلا بالاتفاق مع حكومة جلالة الملكة البريطانية وحكومة مصر بالسودان، وفق ترجمة نصوص المعاهدة.

واتفق الطرفان خلال المعاهدة على أن خط الحدود بين السودان وإثيوبيا يسير من «أم حجر» إلى «القلابات»، فالنيل الأزرق فنهر «بارو» فنهر «بيبور» ثم نهر «أكوبو» حتى «مليلة»، ومنها إلى نقطة تقاطع خط عرض ٦ شمالا مع خط طول ٣٥ شرق جرينتش وتم رسم خط الحدود بالمداد الأحمر فى الخريطتين الملحقتين بالاتفاق.

وفى المادة الثانية من الاتفاقية تعهد الإمبراطور منليك الثانى، قبل حكومة صاحبة الجلالة البريطانية، بعدم تشييد أو السماح بتشييد أى عمل على النيل الأزرق وبحيرة تسانا أو نهر السوباط يكون من شأنه منع جريان المياه إلى النيل إلا بالاتفاق مع حكومة جلالة الملكة البريطانية وحكومة مصر بالسودان.

ووفق المادة الثالثة، يتعهد الإمبراطور «منليك»، ملك إثيوبيا، بأن يسمح لحكومة جلالة الملكة البريطانية فى السودان باختيار قطعة أرض بجوار «إيتانج» على نهر «بارو» لا يزيد طولها على ٢٠٠٠ متر ولا تزيد مساحتها على ٤٠ هكتاراً لاحتلالها وإدارتها كمحطة تجارية، طالما خضع السودان للحكم المصرى الإنجليزى، واتفق الطرفان المتعاقدان على أن الأرض المؤجرة لن تستخدم فى الأغراض السياسية أو الحربية.

وبمقتضى المادة الرابعة، من الاتفاق منح الإمبراطور «منليك» حكومتى الملكة البريطانية والسودان حق إنشاء خط حديدى عبر الأراضى الحبشية لربط السودان بأوغندا. وفى البند الثانى ورد اتفاق الحدود المحدد للحق المصرى والسودانى فى مياه النيل، والذى أكد أن العدول عنه يقتضى من أطرافه العدول عن الأرض المصرية التى تتسيدها إثيوبيا، والتى تحددت لها فى عام ١٩٠٢ بموجب «المنحة المصرية»، وهى ذات الأرض ونفس الاتفاقية التى تمسكت بها إثيوبيا فى ترسيم الحدود بينها وبين إريتريا قبل أعوام، مما يعنى إقرارها قانونا باتفاق ١٩٠٢.
اتفاقية ١٩٢٩ المنظمة لمياه النيل مجرد «خطابات متبادلة» والكونغو أقرت بحق مصر مقابل حصولها على منابع بحر الغزال

المتعارف عليه بين الباحثين والمهتمين بملف المياه فى العالم وتحديداً قضية مياه النيل والاتفاقات المنظمة لتوزيع النهر على الدول المطلة عليه، أن إتفاقية عام ١٩٢٩ هى المنظم لتوزيع حصص المياه بين الدول، وهو ما رددته وسائل الإعلام فى الفترة الأخيرة، بعد أن تفاقمت المشكلة بمطالبة الدول المطلة على النهر بإعادة توزيع الحصص الخاصة بكل دولة والسعى لتقليل حصة مصر الحالية، والبالغة ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنوياً.

هايدى فاروق، الباحثة فى الأرشيفين الأمريكى والبريطانى، تقول: «فى الأيام الأخيرة أدلى رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوى بأحاديث لعدد من وسائل الإعلام المصرية أشار فيها بدهاء المُطلع والمُستطلع إلى نقطة مهمة، وهى أن اتفاق ١٩٢٩ لا يتعلق من بعيد أو من قريب بإثيوبيا، إلا أن الحقيقة «الموثقة» هى أن اتفاق ١٩٢٩ إن جاز اعتباره اتفاقاً لم يتناول سوى العلاقة التنظيمية بين دولتى المصب فى شأن المياه فقط وتناول أيضا الدول التى كانت تحت الإدارة البريطانية وليس من بينها بالفعل إثيوبيا، كما قال رئيس الوزراء».

حول جذور اتفاق ١٩٢٩ تقول هايدى: «فى ٢٥ يناير عام ١٩٢٥ أرسل رئيس مجلس الوزراء المصرى خطاباً (معدة الموضوع لم تذكر اسم رئيس الوزراء وهو فى الغالب أحمد زيور باشا لأن هذه الفترة شهدت العديد من رؤساء الوزارات فى وقت محدود) إلى المندوب السامى البريطانى أعرب فيه عن قلقه مما جاء فى المذكرة البريطانية المؤرخة فى ٢٣ نوفمبر ١٩٢٤، والتى وجهت عقب مقتل السير لى ستاك بشأن تزايد مساحة الأطيان التى تروى الجزيرة بالسودان من ٣٠٠ ألف فدان إلى قدر غير محدود».

وتضيف: «وقتها رد المندوب البريطانى السامى بخطاب مؤرخ فى ٢٦ يناير عام ١٩٢٥، جاء فيه أن الحكومة البريطانية مع اهتمامها بتقدم السودان لا تنوى الافتئات على حقوق مصر الطبيعية أو التاريخية فى مياه النيل، وهى الكلمة التى جعلت الخبراء المصريين، ونتيجة للتواتر المغلوط، يرددون أن اتفاق ١٩٢٩ ثبتت فيه حقوق مصر على النيل، وتجاهلوا أنها خطابات وليست اتفاقاً، وكانت تتناول قضية الرى بين دولتى المصب فقط، وأنها كانت تقصد أن تفسر تلك التعليمات بغير هذا المعنى».

وتتابع هايدى: «تشكلت لجنة من رئيس كان إنجليزياً وعضوين أحدهما مصرى والآخر إنجليزى، وأتمت بحثها، ووضعت تقريرها فى ٢١ مارس ١٩٢٦، فيما أصدرت الحكومة المصرية فى سنة ١٩٤٨ كتابا بعنوان (Nile Waters Agreement) ضمنت فيه المراحل التى سبقت اتفاق مياه النيل بين السودان ومصر وتقارير لجنة مياه النيل، ثم أخذت وزارة الأشغال العمومية المصرية فى دراسة هذا التقرير، واستمرت المحادثات والمراسلات وانتهت بتبادل خطابين فى ٧ مايو ١٩٢٩، أطلق عليهما بطريق الخطأ اتفاق المياه».

ووفقا للمستندات– التى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها- كان نص خطاب رئيس مجلس الوزراء المصرى آنذاك على النحو التالى: «تأييدا لمحادثاتنا الأخيرة، أتشرف بأن أرسل لسيادتكم وجهة نظر الحكومة المصرية بشأن مسائل الرى التى كانت موضوع المناقشة بيننا، والحكومة المصرية توافق على أن البت فى هذه المسائل لا يمكن تأجيله، حتى يتيسر للحكومتين عقد اتفاق بشأن مركز السودان، غير أنها مع إقرار التسويات الحاضرة تحتفظ بحقها فيما يتعلق بالمفاوضات التى تسبق عقد مثل هذا الاتفاق، وبناء عليه تقبل الحكومة المصرية النتائج التى انتهت إليها لجنة مياه النيل فى سنة ١٩٢٥ المرفق تقريرها بهذه المذكرة، والذى يعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا الاتفاق».

وذكر الخطاب أيضا أنه من المفهوم أن الترتيبات التالية، يجب مراعاتها بشأن أعمال الرى على النيل وهى، أولا: أن يكون لمفتش عام الرى المصرى فى السودان وموظفيه أو أى موظفين يعينهم وزير الأشغال العامة، الحرية فى التعاون مع المهندس المقيم فى «خزان سنار»، بخصوص إجراء المقاييس لتضمن الحكومة المصرية أن توزيع المياه وتنظيم الخزان، تم وفقا للاتفاق المعقود.

ثانياً: ألا تقام أو تجرى أى أعمال للرى على النيل أو فروعه، أو على البحيرات التى تغذيه، سواء الموجودة فى السودان أو فى الأقاليم الخاضعة للإدارة البريطانية، والتى قد تضر بأى شكل بمصالح مصر، سواء بتقليل كمية المياه التى تصل إليها، أو بتعديل تاريخ وصولها أو تعديل منسوب المياه، إلا بالاتفاق مع الحكومة المصرية.

ثالثا: تقدم للحكومة المصرية التسهيلات اللازمة، لتنفيذ الإجراءات الضرورية للقيام بدراسة كاملة للقوى على نهر النيل فى السودان.

رابعا: فى حالة ما إذا قررت الحكومة المصرية بناء أى أعمال على النهر أو على فروعه فى السودان، أو اتخاذ أى إجراءات بقصد زيادة موارد المياه لمصلحة مصر، فإنه يتفق مع السلطات المحلية على اتخاذ الإجراءات التى تتخذ للمحافظة على المصالح المحلية».

أما خطاب اللورد «لويد»، فكان نصه الآتى: «تشرفت باستلام المذكرة التى بعثتم بها سيادتكم إلينا اليوم، ومع تأييدى للقواعد التى تم الاتفاق عليها كما هى واردة فى مذكرة سيادتكم، فإنى أعبر لسيادتكم عن سرور حكومة صاحبة جلالة الملك بأن المباحثات أدت إلى حل سيؤدى إلى زيادة تقدم مصر والسودان ورخائهما، وأن حكومة جلالة الملك بالمملكة المتحدة لتشاطر سعادتكم الرأى فى أن مرمى هذا الاتفاق وجوهره هو تنظيم الرى على أساس تقرير لجنة مياه النيل، وأنه لا تأثير له فى الحالة الراهنة فى السودان،

وفى الختام أذكر لسعادتكم أن حكومة جلالة الملك سبق لها الاعتراف بحق مصر الطبيعى والتاريخى فى مياه النيل، وأكرر أن حكومة جلالة الملك تعتبر المحافظة على هذه الحقوق مبدأ أساسيا من مبادئ السياسة البريطانية، كما تؤكد لسعادتكم بطريقة قاطعة أن هذا المبدأ أو تفصيلات هذا الاتفاق ستنفذ فى كل وقت أياً كانت الظروف التى قد تطرأ فيما بعد.

وتعود «هايدى» بالذاكرة إلى الوراء قائلة: فى ٢٩ أبريل عام ١٨٨٧، تم توقيع اتفاق بين فرنسا وبلجيكا أصبح بمقتضاه خط الحدود (خط التباين بين منطقتى نفوذهما)، هو مجرى نهر «الأوبانجى»، ابتداء من مُلتقى الكونغو، وحتى نقطة التقاطع مع خط الموازاة الشمالى لدرجة ٤°، وعقب هذا الخط تعهدت الكونغو بألا تحاول بسط أى نفوذ سياسى لها على الضفة اليمنى «للأوبانجى»، وتعهدت حكومة فرنسا من جهتها بألا تتعرض للضفة اليسرى لهذا النهر تحت خط الموازاة المذكور.

وكان هذ االخط – وفق «هايدى» - عند درجة ٤° هو أقصى خط مُوازاة أقره مؤتمر برلين عام ١٨٨٥ ليكون حد الكونغو الشمالى.

ويقول الفرنسيون إن منابع ومجرى «الأوبانجى» لم تكن مكتشفة فى هذا التوقيت حتى يمكن تنفيذ الاتفاق وتعيين الحدود بدقة، وأن المكتشفين البلجيكيين فى عام ١٨٨٨ تمكنوا من إقامة الدليل على أن «الأوبانجى» بالقرب من خط الموازاة الشمالى لدرجة ٤° كان يتألف من اجتماع نهرين إحدهما «إمبومو» والآخر نهر «الأوله»، وكان وكلاء دولة الكونغو يدّعون أن مجرى النهر الرئيسى هو «إمبومو»، فى حين كان الفرنسيون يقولون إنه نهر «الأوله».

وتقول الباحثة فى الأرشيفين البريطانى والأمريكى: «كانت أطماع بلجيكا ظاهرة فى هذا التوقيت، حيث امتدت طموحاتهم إلى أعالى نهر النيل فى مديرية خط الاستواء، ومديرية بحر الغزال وتجاوز الحدود التى رسمها لهم مؤتمر برلين عام ١٨٨٥ والمعاهدة الفرنسية- الكونغولية فى عام ١٨٨٧، حيث وصلت تجريدة «فان فركهوفن» فى أوائل عام ١٨٩٣ إلى النيل واحتلت دوفيلة».

وتضيف «هايدى»: «فى نفس الوقت تقدمت تجريدات بلجيكية كثيرة إلى الشمال فاحتلت زونجو وبانزيفيل وبانجاسو وياكوما عام ١٨٩١، ورافاى عام ١٨٩٢، وليفى الواقعة بالقرب من ديم الزُبير عام١٨٩٣ فى بحر الغزال، وبلغت حدود دارفور فى عام ١٨٩٤، إضافة إلى حفرة النحاس، وبعد أن كانت حدودها المرسومة عند درجة ٤° من خط العرض الشمالى، أصبحت عند درجة ١٠°، أى على بعد أكثر من ٧٠٠ كيلو متر من شمال الأوله».

وتتابع: «كان أكبر هَم لأنجلترا فى ذلك الوقت هو سد طريق التوسع فى وجه فرنسا، ومنعها من الوصول إلى أعالى النيل، وسرعان ما تم توقيع اتفاقية ١٢ مايو ١٨٩٤ بين إنجلترا والكونغو، وبمقتضاها تنازلت إنجلترا، لحكومة الكونغو لمدة معينة، عن القسم الأكبرمن منابع (بحر الغزال) وعن قطعة أرض صغيرة على ضفة النيل الغربية وسط الأراضى المصرية تُسمى (حاجز لادو) LADO ENCLAVE، وإن احتفظت بحقوق مصر فى حوض اعالى النيل، كما اعترفت إنجلترا للكونغو بمنطقة نفوذ فيها وفى مُلحق المُعاهدة نص الطرفان على أنه بمناسبة تأجير بعض الأراضى فى شرق أفريقيا فإنهما لا يجهلان ما لمصر من حقوق فى حوض النيل الأعلى».

وتقول هايدى فاروق: «وفق الوثائق احتجت ألمانيا على هذه المعاهدة وأرغمت إنجلترا وبلجيكا على سحب الشرط الخاص بامتياز قطعة الأرض الملاصقة لتنجانيقا، ثم جرت مفاوضات بين فرنسا والكونغو انتهت بتعهد الأخيرة فى ١٤ أغسطس عام ١٨٩٤، بألا تحتل أرضاً فى شمال اللادو، وتقرر أيضاً أنه ابتداء من أندوروما (حيث ينبع نهر أمبومو) يكون للكونغو الحق فى بسط نفوذها حتى خط الموازاة لدرجة ٥.٤ °، وعلى النيل حتى اللادو».

وتضيف: «لم يقم البلجيكيون بأى احتلال فعلى فى هذه المنطقة (اللادو)، ولكنهم بادروا إلى احتلالها حوالى عام ١٨٩٨، عقب حادثة فاشودة، فأذن الإنجليز لهم بالبقاء بشرط ألا يعتدوا على بحر الغزال، وكانت منطقة لادو تمتد فى هذا التوقيت إلى مسافة ١٥ ألف ميل مربع (٥٢ ألف كيلو متر مُربع تقريباً) وعدد سكانها ٢٥٠ ألف نسمة، وبذلك بلغت مساحة الكونغو بعد هذه المعاهدات التى اقتطعت جُزءاً غير قليل من الممتلكات المصرية نحو ٢ مليون و٢٠٠ ألف كيلو متر مربع».

وبناء على اتفاق ٩ مايو ١٩٠٦ بين حكومة بريطانيا وملك الكونغو، كان لهذا الأخير الحق فى إدارة لادو مدى حياته، ولم تمض ستة أشهر على وفاته حتى أعيدت منطقة «اللادو» إلى مصر، وذلك فى ١٦ يونيو ١٩١٠. وهنا تشدد «هايدى» على أن هذا الاتفاق هو تحديداً ما يجب الارتكاز عليه، لأنه ينص على أن «لمصر حقاً فى مجرى النيل ثابتاً ثبوت الحدود»، بالإضافة إلى أن اتفاق ١٣ مايو عام ١٨٩٤،

وهو اتفاق حدود، والذى تم تعديله بالاتفاق الموقع فى لندن فى ٩ مايو ١٩٠٦، هو الاتفاق الوحيد المنوط العمل فى إطاره فى مُجابهة أى خطوات قد تحذوها الكونغو تجاه التوقيع على «ورقة عنتيبى»، ومن ثم لا يجوز الاحتجاج بكونهما اتفاقات للمستعمر– حسب «هايدى» - فهما ليسا اتفاقى مياه، بل إنهما اتفاقا حدود.

وتقول الباحثة فى الأرشيفين البريطانى والأمريكى: «وفق مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو المبدأ الذى تأسست عليه منظمة الوحدة الأفريقية، ثُم الاتحاد الأفريقى، فإن عدم الأخذ باتفاق الحدود لعام ١٩٠٦ يقوض مبادئ المنظمة، ولأن الأخذ باتفاق عام ١٩٠٦ أصبح وجوبياً انطلاقاً من كونه اتفاقاً للحدود، فإن إلزامية بنوده أصبحت فرضاً لا يُمكن التنصل منه.

ووفق نص المادة الثالثة فى الاتفاق– الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه- فإنه «يُحرم» على الكونغو بناء أى سدود أو مُنشآت على نهرى «سمليكى» أو «ايسانجو»، أو فيما يجاورهما من شأنها التأثير على كمية المياه الداخلة فى بحيرة «ألبرت» ما لم يتم ذلك بالاتفاق مع الحكومة المصرية فيما نصت المادة الرابعة على منح امتياز لشركة «إنجليزية– بلجيكية» لمد واستغلال خط سكة حديد يبدأ من الكونغو حتى الجزء الصالح للملاحة من النيل بجوار «اللادو»،

ونصت أيضاً على أنه عند انتهاء احتلال إقليم «اللادو» فإن السكة الحديد تخضع للحاكم المصرى العام فى السودان، أما اتجاه هذا الخط فإنه يعين باتفاق حكومتى مصر والكونغو، ولتأمين رأس المال اللازم لهذا الخط، فإن الحكومة المصرية التزمت بضمان مُعدل للفائدة، بواقع ٣% على مبلغ لا يتجاوز ٨٠٠ ألف جنيه.

ونصت المادة السادسة بمعاملة السفن التجارية التى تحمل علم الكونغو أو بلجيكا فى الملاحة أو التجارة فى أعالى البحار نفس معاملة السفن المصرية بغير تمييز وتخضع لقوانين الحاكم المصرى العام فى السودان فيما حددت المادة الثامنة بأنه فى حالة حدوث أى خلاف حول الاتفاق (اتفاق ١٩٠٦) فإنه يُحال برمته ودون شرط تراضى أطرافه إلى محكمة لاهاى ويكون قرارها مُلزماً.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 08-09-2010, 04:58 AM بواسطة عاشق الكلمه.)
08-09-2010, 04:52 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: الموازين العسكرية ترجح كفة مصر في حاله نشوب حرب محتملة على النيل - بواسطة عاشق الكلمه - 08-09-2010, 04:52 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  حكم العسكر أم عسكرة الحكم – وخواطر حول العسكرية وخاصة المصرية نظام الملك 2 1,407 02-03-2012, 08:04 PM
آخر رد: نظام الملك
  أزمة مياه النيل مختلقة ولا خوف على حصة مصر coco 5 3,472 09-16-2011, 04:03 PM
آخر رد: coco
  الأسس الاقتصادية للقوة العسكرية مجدي نصر 0 1,483 01-14-2010, 11:57 PM
آخر رد: مجدي نصر
  الأنظمة العسكرية عدوان على حقوق الانسان lellou 0 1,260 08-06-2009, 05:01 PM
آخر رد: lellou
  ترتيب الدول من حيث القوة العسكرية الحر 28 19,552 12-16-2008, 02:22 PM
آخر رد: الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS