جاسوس إسرائيل الذي خدع نصر الله وعون
ما أن أعلن عن اعتقال العميد المتقاعد فايز كرم بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وإلا سارع كثيرون للتأكيد أن ملف جواسيس إسرائيل في لبنان سيشهد مفاجآت كبيرة خلال الأيام المقبلة .
ويبدو أن تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 3 أغسطس / آب خلال الاحتفال بذكرى انتصار المقاومة على إسرائيل في حرب تموز ترجح صحة ما سبق .
فهو ألمح إلى أن هناك شخصيات كبيرة تحظى بالاحترام في لبنان ولكن في حقيقة الأمر هم جواسيس لإسرائيل ، مطالبا حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري بسرعة اعتقالهم بل والإسراع أيضا بإعدام الجواسيس الذين تم اعتقالهم خلال العامين الأخيرين .
وتابع " الاختراق الإسرائيلي لقطاع الاتصالات أكبر وأضخم مما تبين حتى الآن " ، وتساءل " ماذا يعني اكتشاف 100 جاسوس يعملون لصالح إسرائيل في لبنان خلال أقل من عامين ؟" .
وبالنسبة لقضية اغتيال رفيق الحريري والقرار الظني المرتقب من قبل المحكمة الدولية ، قال نصر الله :" جميعنا نريد الحقيقة في قضية اغتيال الحريري ونرفض التزوير والتسييس لأن الحقيقة حق وطني لكل لبناني ".
واتهم نصر الله في هذا الصدد إسرائيل باغتيال رفيق الحريري ، مؤكدا أنه سيكشف في 9 أغسطس معطيات وأدلة تثبت هذا الاتهام وتفتح آفاقا هامة في الوصول للحقيقة وعقاب الجاني .
وتابع " سأضطر لكشف أحد الأسرار المهمة فيما يتعلق بعمليات المقاومة لإثبات ارتكاب إسرائيل لجريمة اغتيال الحريري ".
جواسيس ألفا
وإلى حين الكشف عن أدلة نصر الله ، فإنه منذ توالي سقوط شبكات التجسس الإسرائيلية داخل لبنان وخاصة في قطاع الاتصالات والأدلة حول تورط إسرائيل باغتيال رفيق الحريري تكتسب مصداقية يوما بعد يوم .
بل واللافت للانتباه أن ثلاثة من أكبر الجواسيس الذين سقطوا في الفترة الأخيرة كانوا يعملون لصالح إسرائيل منذ التسعينات وهو الأمر الذي رجح بشكل كبير تورط إسرائيل في كافة التفجيرات التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة وليس اغتيال رفيق الحريري فقط .
ففي 15 يوليو / تموز ، أعلن وزير الدفاع اللبناني إلياس المر عن اعتقال موظف ثان يعمل في شركة "ألفا" للاشتباه في تجسسه لصالح إسرائيل ، هذا فيما ذكرت مصادر أمنية لبنانية أن الموظف الموقوف يدعى طارق ربعة ويعمل مهندس اتصالات ووصفته بأنه "أكثر خطورة" من موظف آخر في الشركة يدعى شربل قزي كان اعتقل في يونيو الماضي .
ووفقا للمصادر ذاتها ، فإن ربعة كان يعمل في "ألفا" منذ عام 1996 وبدأ التعاون مع المخابرات الإسرائيلية عام 2001 ، موضحة أنه اعتاد أن يسافر إلى خارج لبنان مرتين في الشهر وكان يجلب معه في كل مرة عشرة آلاف دولار نقدا على الأقل.
وبالنظر إلى أن اعتقال شربل قزي كان كلمة السر في إلقاء القبض على ربعة وكشف عملاء إسرائيل داخل قطاع الاتصالات في لبنان ، فإنه كان يتوقع الإعلان بين لحظة وأخرى عن القبض على مزيد من الجواسيس ، إلا أن المفاجأة هذه المرة كانت غير متوقعة تماما .
اعتقال فايز كرم
ففي 4 أغسطس ، كشفت مصادر أمنية لبنانية عن اعتقال ضابط متقاعد مقرب من زعيم التيار الوطني الحر النائب ميشيل عون بتهمة التجسس لصالح إسرائيل ، موضحة أنه على مستوى عال من الخطورة وأن اتصالاته مع إسرائيل تعود إلى زمن بعيد.
وسرعان ما اتضح أن الشخص المقصود هو العميد المتقاعد فايز كرم "62 عاما" والذي يعتبر من مؤسسي التيار الوطني الحر وعضو مكتبه السياسي ، كما أنه كان رافق عون عند لجوئه لباريس عام 1990 إثر خسارته المعركة مع سلطة الرئيس إلياس الهراوي التي أخرجت عون من قصر بعبدا بالقوة بدعم من الجيش السوري.
وكان كرم المتخرج من المدرسة الحربية عام 1972 برتبة ملازم قد ترقى حتى بلغ رتبة عميد ، لكنه ترك المؤسسة العسكرية بعد ذهابه مع عون إلى المنفى .
ويبدو أن اعتقاله بتهمة التجسس لصالح إسرائيل صدم كثيرين في لبنان بصفة عامة وحزب الله بصفة خاصة ، بالنظر إلى أن التيار الوطني الحر بزعامة عون يتمتع بعلاقة مميزة مع حزب الله وهناك مخاوف من أن يكون كرم استطاع معرفة بعض الأسرار عن تحركات المقاومة أو تحركات قادة حزب الله وخاصة الشيخ حسن نصر الله .
هذا بجانب أن كرم هو المشتبه الثاني بالتعامل مع إسرائيل من العاملين بالحقل السياسي بعد زياد الحمصي المنتمي لتيار المستقبل والذي كان يشغل منصب نائب رئيس بلدية بمنطقة البقاع ، وهو الأمر الذي يعطي مصداقية لتصريحات نصر الله حول أن ملف التجسس لا يقتصر فقط على الأشخاص الـ 100 الذين اعتقلوا منذ إبريل/ نيسان 2009 بتهمة التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية وبينهم عسكريون متفرغون ومتقاعدون ومهندسو اتصالات وإنما يشمل أيضا شخصيات تشغل مناصب كبيرة في لبنان .
وإلى حين الكشف عن كافة جواسيس إسرائيل ، فإنه يجب على جميع اللبنانيين الحذر تجاه الفخ المنصوب لهم فيما يتعلق بالمحكمة الدولية التي تحقق باغتيال رفيق الحريري خاصة بعد تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي جابي أشكنازي التي أشار فيها إلى احتمال حدوث صدامات في لبنان بعد صدور القرار الظني وحديث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن احتمال اتهام عناصر من حزب الله بالتورط في الجريمة.
فالإعلان عن اعتقال فايز كرم وقبله ربعة وشربل أكد تغلغل إسرائيل داخل لبنان وسيطرتها على كل شيء اسمه "اتصالات" هناك بما فيها الخلوي والشبكات المدنية واللاسلكي والإنترنت وهو ما يبعث برسالة واضحة مفادها أن إسرائيل تعبث بحياة اللبنانيين وتتجسس عليهم ليل نهار ولا فرق في هذا الصدد بين المسئولين والجهات الأمنية والأفراد العاديين فالجميع تحت رقابتها.
والخلاصة أن مؤامرة إسرائيل ضد لبنان أكبر مما يتوقع الجميع ولذا لا بديل عن توحد فريقي 8 و14 آذار وراء إظهار الحقيقة وإجهاض أية محاولات للفتنة .
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=401313