عزيزي ابو خليل،
انا لا اقارن درجة العداء مع اسرائيل بتلك التي مع ايران او تركيا. و لكن ما اردت قوله ان ايران لم تكن في يوم من الايام و حتى تاريخ هذه اللحظة صديقة للعرب، و دعمها لحركات المقاومة الجادة منها (كحزب الله) و الغير جادة (كحماس) ما هي الا ورقة تساوم بها من اجل مصالحها حينما يحين الجد. فايران لم تتورع مثلا من التعاون مثلا مع امريكا في فترة الحرب العراقية الايرانية لشراء اسلحة منها لدعم المجهود الحربي فيما عرف آنذاك بفضيحة الكونتراس في الوقت التي اطلقت على امريكا مسمى الشيطان الاكبر.
ايران قورش لا تختلف عن ايران كسرى ولا تختلف عن ايران الشاه ولا تختلف عن ايران الملالي في رؤيتها لعلاقاتها مع العرب، فجوهرها يبقى واحد و لكن لونها يتغير مع تغير نظام الحكم هناك. ففي زمن الشاه كانت ايران مخفرا امريكيا ثانيا في الشرق الاوسط بعد اسرائيل، و اليوم اختلف الشريكان الامريكي و الايراني فقررت الاخيرة فتح مخفرها الخاص بها وفق رؤيتها و لونها الجديدين. و مع هذا لا تتوانى ايران في التعاون احيانا مع الشيطان الاكبر من اجل تسليك مصالحها كما يحدث اليوم بالعراق.

نرجع لقضية الديمقراطية و الاستفتاءات، و هنا اكرر ان الشعوب في الشرق الاوسط غير ناضجة بعد لمثل هذه التجربة (و لا ارى ما يهين في مثل هذا القول، فهو وصف علمي لما يحدث و غير المقصود التقليل من شأنها)، بدليل صعود التيارات المعادية اصلا للديمقراطية (كحماس، و الاخوان في مصر و من قبلهما في الجزائر) بطرق ديمقراطية. و لا اعرف مثلا كيف تفسر لي نتيجة الاستفتاء التي قامت بها الجزيرة نت قبل حرب الخليج الاخيرة و التي اعطت ما نسبته ٩٠ بالمائة لصالح انتصار العراق على امريكا فيما لو نشبت الحرب بينهم!!!!
لاحظ ان هذه الشعوب عاطفية تنبع قراراتها من قلبها و ليس من عقلها، و هنا سأعطيك مثلا آخرا من الامس القريب، و هو عند انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في العام ١٩٩١ هبٌّ المقاومون الفلسطينيون في الضفة الغربية و قطاع غزة يقفزون الى السيارات العسكرية الاسرائيلية، التي كانوا بالامس يقذفونها بالحجارة، يزينونها باغصان الزيتون، و بعد المؤتمر و بعد او توتر و احتكاك مباشر مع الوضع العسكري الاسرائيلي بالضفة رجع رشق الحجارة.
عزيزي ابو خليل، الشعوب الديمقراطية من سماتها انها تنتهج سياسات ثابتة، فلا تتعكر مثلا سياساتها اتجاه بلدان حصل بها حادث او حادثين خطف لرعاياها فيها (كما حصل من خطف في اليمن مثلا) او لا تنتهج سياسة عدائية ضد دول لان الاعلام فيها معادٍ لها (للدول الديمقراطية)، بينما لان شعوبنا عاطفية و غير ديمقراطية فان رسم كاريكاتوري عفوي يهيجها من المحيط الى الخليج و يجعلها تحرق سفارات و مصالح دول يُشك في طواطؤها مع مع راسم تلك الرسوم الساخرة!!!!