RE: برغم الجعجعات:غالبية الشارع العربي لا ترى في ايران خطرا
سأترك مسألة نضج الشعوب و اهلية النخب الحاكمة لموضوع منفصل قريبا.. لكن ما يعنيني اهو ان الشعوب العربي (سواء اكانت ناضجة ام لا) هي في موقع آخر غير موقع نخبها و حكامها و مؤسساتها الاعلامية التي تجعّر بعكس آراء شعوبها.....
اما بخصوص العداء لايران, اشكرك على تميزك المنهجي بينه و بين العداء لاسرائيل....
ما اود ان اقوله, انه بالنسبة الي انا اعتبر ان ايران كانت سندا لي كلبناني في وجه الاحتلال الاسرائيلي و لولاها لكان لبنان منذ 17 أيار 1983 بمثابة اردن آخر ....هي لو ارادت ان تعمل حقا وفق مصالحها لارتمت في الاحضان الامريكية للتو و لانهال عليها المن و السلوى الدوليين بدل الشمحطة وراء حركات الممانعة المنبوذة و المحاربة مشيخاتيا و دوليا....
بالنسبة لايران كونترا, سبق و ان ناقشت ذلك و سأنقل مداخلتي يومها كما هي:
------------------------------------------------------
اذكر انه في ما مضى كان لي نقاش مطول مع بعض الزملاء في منتدى "مجاور" حول موضوع ايران غيت, حيث كان البعض يتخيل ان تلك الصفقة هي بمثابة دليل دامغ على (المؤامرة التاريخية السرية) التي تربط الفرس الروافض باليهود و الصليبيين للنيل من المسلمين
طبعا انا اعرف انه لا يوجد من يصدق مثل هذا الهراء في النادي هنا (ربما باستثناء الزميل ابن نجد -اينه بالمناسبة؟)
لكن -و نتيجة مراجعاتي يومها لمصارد التحقيقات الاصلية الامريكية و التقرير الصارد عنه و هو متوفر على موقع الارشيف الوطني الامريكي على ما اذكر (ساحاول التفتيش من جديد على روابطه, استطيع ان اقول لك ما يلي:
باختصار فان قصة ايران غيت و ما فيها هو ان الادارة الامريكية و كعادتها في ممارسة الالاعيب القذرة في تمويل و هندسة الانقلابات في العالم الثالث (الان تحول الامر الى هندسة "الثورات الملونة" ) كانت بحاجة لتمويل عصابات الكونترا في نيكاراغوا, و كان الكونغرس قد اصدر للتو تعليمات بالتشدد في كيفية صرف ميزانيات ال سي اي ايه و تمويل العمليات الخارجية و كذلك الامر (ينسى الجميع التعرض لهذه النقطة الحساسة) اتخاذ اجراءات لمنع ما كان سائدا من استحصال تمويل عبر انظمة ديكتاتورية غنية (و غبية) موالية لامريكا لتمويل تلك الانشطة, و ذكر التقرير بالاسم البقرة الحلوب و العشيقة اللعوب الممكلة العربية السعودية ارض الحرمين و مهد الاسلام الخ..... و التي كانت تمول من اموال الشعب السعودي كافة طلبات السي اي ايه السرية و التي لا يمكن تمريرها بالطرق القانونية عبر الكونغرس....
فكان ان تفتقت عبقرية كبار القادة الاستخبارتيين عن طريقة طالما اعتمدت في هكذا ظروف و هي مطابقة لطريقة عصابات مافيا تبييض الاموال,
و كان الوضع السياسي في لبنان حرجا مع سيطرة الميليشيات الموالية لايران و خطف العديد من الامريكيين و الغربيين بينهم قادة استخبارات, و كانت ايران في الوقت نفسه (نتيجة الحصار الدولي عليها , ابان حربها مع حارس البوابة الشرقية المهيب الركن ) في حاجة ماسة الى اسلحة معينة و قطع غيار لاسلحة امريكية من جملة عطايا الامريكيان لشرطي المنطقة الوفي ايام الشاه...
المهم, اي طفل صغير لديه تجربة يوم او يومين في السوق يعرف ان التجارة بشكل عام و تجارة الاسلحة بشكل خاص هي تجارة قذرة, و للحصول على انواع معينة بنبغي ان تتعامل مع اجهزة سرية و عصابات و مافيات و سوق سوداء و سماسرة و حتى مع الشيطان نفسه ... و لا تقل لي انك لا تعرف ذلك او لا تتوقعه... ازعل منك ها...
عموما, وجدت امريكا الامر مؤاتيا لعقد صفقة سرية بينها و بين ايران لتزويدها باسلحة معينة و قطع غيار, مقابل الافراج عن مخطوفيها في لبنان, و استعمال اموال الصفقة تلك في تمويل عصابات الكونترا...
طبعا لم يكن ممكنا تزويد الاسلحة من الترسانة الامريكية مباشرة لان ذلك سيستدعي تحقيقات من لجان الكونغرس التي كانت حمراء العين وقتها, فكان الحل بأن تقوم اسرائيل بتزويدها من ترسانتها الخاصة و تقوم امريكا بتعويض تلك الاسلحة لاسرائيل بشكل روتيني و ذلك سيحظى بتأييد الكونغرس اوتوماتيكيا.....
و هكذا كان,
قامت ايران بالحصول على الاسلحة التي تريد عبر وسطاء سريين تماما كما تحصل عليها من اي سوق سوداء و كما تفعل جميع الدول في العالم ,
و لكن و بعد اتمام الصفقة و لكي تتهرب ايران من تنفيذ كامل التزاماتها تجاه امريكا, قامت بفضح تفاصيل تلك الصفقة عبر صحافي كان موال لها (في تلك الايام - حسن صبرا و هو الان عمود ركن في ثورة الارز و القرنبيط) فقام بنشر تفاصيل الصفقة في صحيفته المغمورة (الشراع) التي زوده بها الايرانيين المسيطرين على بيروت الغربية يومها, (حسن صبرا يومها كان من اشاوس جبهة الصمود و التصدي و يحمل كلاشينكوفا يحرر به العالم من نير الاستكبار و الاستعمار, قبل ان يكتشف مؤخرا ان الاستعمار لا يريد شيئا سوى امننا و سلامتنا و تحضرنا و حبنا للحياة...
عموما...
تقاطعت معلومات الشراع يومها مع حادث طائرة سقطت في ادغال امريكا اللاتينية و تبين انها كانت تنقل اموال و ان عددا من طاقمها الصرعى (نسيت عددهم) هم من موظفي السي اي ايه....الامر الذي اعطى مصداقية للمصادر الايرانية عبر الشراع,
و هكذا تم افتضاح الامر برمته و تشكيل لجان تحقيق و استقصاء امريكية شملت ريغن و نزولا الى اصغر موظف امني امريكي له علاقة بالموضوع, و تمت لفلفة الموضوع ولم يحساب رؤوس كبيرة كي لا تصاب ادارة ريغن بالاحراج في ظرف دولي كان حرجا وقتها,
و المحصلة النهائية كانت ما يلي:
1. حصلت ايران على اسلحة امريكية جديدة (لنك ) بسعر competetive كان متعذرا الحصول عليه من السوق السوداء حتى من وسطاء اسرائيليين
2. كانت ايران غيت بمثابة فضيحة سياسية للادارة الامريكية و اظهرت الالاعيب و الصفقات السرية التي كانت تقوم بها داعية الحرية و نشر الديموقراطية
3. كان في الامر انجاز استخباراتي ايراني دفعت ايران ثمنا بخسا مقابل فضيحة باهظة لامريكا
4. ايران غيت هي في الحقيقة فضيحة للنظام السعودي الذي تم فضح دوره (الدعائري) في تمويل و تنظيف اعمال سيده القذرة حتى بدون مقابل اللهم الرضا على كرسي الرئاسة (مع ان احدا لم يهدد هذا النظام ولا مرة)
5. و اخيرا و هنا لب الموضوع, الصفقة برمتها صفقة استخباراتية طبيعية تحدث دوما بين الاصدقاء و الاعداء و لا خلفيات ايديولوجية او مؤامراتية لها , و ليس كما يحلو لاعراب امريكا من السلفيين ان يستعملوها كدليل لمؤامرة الروافض و اليهود للقضاء على اهل السنة و الجماعة ...
و اخيرا عذرا للاطالة, و سيكون لي عودة ان اقتضى الامر لذكر المصادر و المراجع الاصلية و التفاصيل...
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 08-19-2010, 11:31 AM بواسطة أبو خليل.)
|