السيدة دنا مرحباً بك مرة أخرى .
اقتباس:بالطبع هناك اشكالية في المعادلة !
كون رجل الدين والفقيه مثقف وما إلى ذالك فهذا يلا يعني جواز تدخله في السياسة .
وأنا لا أقصد العالم المسلم تحديداً كما تقول ، حتى لا يـُفهم كلامي على أنه هجمة امبريالية صليبية ! .. أنا أقول رجل الدين .. أي دين
نعم ، هو يقاوم المحتل حاله كحال أي فرد من الشعب ، بالسلاح أو بالمال ، أو حتى كقائد روحي للبعض .. لكن ليس بامتطائه المراكز السياسية في البلد فهذا من جسام الأخطار ، وما سبب اغلب مصائبنا ومدامعنا وانشغالنا عن قضايا الإنسان الأساسية إلا بسبب من يتكلم بأسم ألله ورسوله .. والمؤمنون ( الذين تقول عنهم بأنهم أجمعوا جميعاً عليه )
وما صاحبك هذا إلا أحد السنة ألله المتكلمة بأسمه بيننا ، فمن يا ترى سيعترض على ما ينطقه ألله و أكرم الخلق وتـُـترجم لنا على شكل قرارات سياسية مقدسة ؟
الإشكالية في الفكر العلماني أو الليبرالي وليس في الفكر الإسلامي سيدة دانا ، حيث أن السياسية مضبوطة بضوابط الشرع الإسلامي والدين الإسلامي يستخدم السياسة ليسوس به أمر الأمة والدنيا ، فالدين أعم وأشمل من السياسة لكون السياسة الشرعية " والتي هي أحد أكبر الأبواب في الشريعة الإسلامية " جزء لا يتجزء من ديننا .
وأتفق معك في أن العالم المسلم ينأى بنفسه عن المناصب السياسية كرئيس أو وزير أو غيرها بل هو في الأغلب مرجع وعالم يرجع له السياسي وليس العكس ، ولكن للضرورة أحكام في بعض الأحيان ، فمثلاً لو رجعت للتاريخ الإسلامي تجدين أنه بعد غياب القادة يتقدم العلماء ليقودو ويشكلوا الدول " كعبد الله بن ياسين وتأسيسه لدولة المرابطين " ، ولكن في النهاية أو في المسار العام للخلافات الإسلامية كان العلماء هم مراجع الأمة وقضاتها ونأو بأنفسهم عن القيادة والمناصب إلا في بعض الحالات وهذا ما ينطبق على الحسيني .
إشكالية أخرى برزت عندك وهي المتعلقة بنقد قرارات العالم ، فلا يوجد عندنا كهنوت أو شخص فوق النقد ، فالرأي السياسي للعالم يختلف عن رأيه الشرعي ، فرأيه الشرعي في قضية شرعية لا يعارضه فيها إلا أصحاب العلم من أمثاله من العلماء ، أما القرارات ووجهات النظر السياسية والمتعلقة بقضية سياسية فهذه أصغر مواطن يستطيع الإعتراض عليها والرد عليها كذلك ، فحتى النبي صلى الله عليه وسلم قال " أنتم أعلم مني بامور دنياكم " وكان يستشير أصحابه في كثير من النوازل والأمور ويستمع لهم ويستجيب لرأيهم ويقتنع به .
ملاحظة على الهامش // لا يوجد في الإسلام شيء اسمه " رجل دين " إنما عالم مسلم أو عالم شرعي أو فقيه .
اقتباس:بالمناسبة لايوجد شيء اسمه ( فأجمع الجميع عليه ) إلا أللهم في عالم الثيوقراطيات التي للأسف تدافع عنها !
يعني حتى القذافي وكاجامى وعبد الناصر لم يتجرؤا بالادعاء انهم فازوا بهذا الشكل .. ربما الوحيد الذي كسر القاعدة هو الشهيد المغوار صدام حسين حين فاز بنسبة 100 % ، بل انه ادعى بأن النسبة تجاوزت هذا الرقم .. حيث ان المناطق الشمالية من العراق ( كردستان ) لم تكن مشمولة بالاستفتاء ، ورغم هذا فان المواطنين ساروا على الاقدام نحو باقي المحافظات للتصويت له !
يـــــــــــــــــــــــاه .. سامحك ألله ذكرتنا به وبمـهازله .
لم أقصد الكلمة بمعناها الحرفي ، ولكن الحاج أمين الحسيني كان يحظى بقبول شعبي وسياسي واسع جداً بين الفلسطينيين وهذه حقيقة واضحة للعيان ولا تحتاج لتوضيح .
اقتباس:بخصوص أحمد ياسين ، فلا اظن بأنه قد جلس على اي كرسي حكومي يعني لا رئيس بلدية ولا رئيس حكومة و لا وزير ولا اي شيء فلا تشابه بينه وبين صديقنا .. وهو كما وضحت لك شأنه شأن الجميع له الحق في مقاومة المحتل بشكل طبيعي بالسلاح او المال او التوجيه أو أو .. حتى لو كان رجل دين .
الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي كانوا سياسيين بارعين وفي نفس الوقت أصحاب علم شرعي غزير ، وأبدعوا في كلا المجالين سواء المجال السياسي أو الديني .
والإمام حسن البنا كذلك ، وصفه الغرب باذكى سياسي مصري في تلك الفترة ، وكان عالم من علماء المسلمين ، فكان يسوس الناس ويخوض معامع السياسة وفي نفس الوقت يدعوا الناس للدين الإسلامي فهل هناك مانع من هذه القضية ؟
اقتباس:يبدو انك لم تستوعب الأمر يا سيد لواء ..
أقول إن عاقبة الوقوف بجانب الحلفاء ومساندتهم ضد أعدائهم ، هو في النهاية الاحتلال والاستيطان وما ينتج عنهما من تعقيدات ( في حال قد انتصروا ) .
أما عاقبة الوقف بجانب المانيا النازية فهي سحقك وسحقي ( حرفياً ) وسحق كل الزملاء هنا في حال وقوعهم في أيديهم مهما كانت جنسيتهم ودينهم .. فلا أعتقد ان لدينا هنا زميلاً أري العرق .. ( هذا إذا كانوا قد انتصرا ) ولحسن حظ البشرية انهم لم ينتصرا واننا نعيش الآن أهون الشرين ..
هل هذه تحتاج إلى عبقرية لكي تـُفهم من قبله !
ألهم العربي المشترك الآن هي القضية الفلسطينية ( أو من المفروض ان تكون كذالك ) .. لكن تخيل لو ان هتلر قد انتصر !!
فحينها كان العرب والعجم والبربر والغجر كل يفر باتجاه لينجوا بجلده .
وأتمنى من واحد ذكي ولا يعي شيئاً من أفكار و أدبيات دريكسلر و نظام سلم الأجناس البشرية الهاليري يطلعلي ويقول لي ( انكٍ تبالغين ) أو ( ما ادرانا لعل هتلر كان سيوفي بوعده ويشملنا بواسع رحمته ! )
أفهم مقصدك جيداً ولكنك لم تفهمي مقصدي من حديثي ، فكلا الطرفين " أوسخ " من بعضهما ، سواء دول المحور أو التحالف ، فهتلر نازي مجرم وكذلك ستالين أجرم منه في الإبادة والتطهير العرقي ، وكذلك فرنسا في مجازرها في الجزائر والمغرب ، إذاً القضية كانت عبارة عن تحالفات خاضها العرب في فترة من الفترات ولكل طرف مسوغاته وأهدافه .
ونحن نقيم هذه الأمور بعد حصولها ، أي توفرت لدينا السبل الكافية للحكم على هذه التجارب ، بعكس من سبقونا فهم كانوا في وسط المعمعة وخاضوا هذه التجارب وفقاً لتوصرات معينة تصوروها لحل قضاياهم .
اقتباس:أنا حين أوردت لك أمثلة عن الفلسطينيين و العرب الذين فضلوا الوقوف مع الحلفاء ضد المحور ، فانما كان هذا رداً على قولك بأن كل الفلسطينيين و تياراتهم قد حذو حذو الشيخ المفتي و لجأوا إلى النازية !
فأجبتك بأن ليس الجميع كما تقول بل ان هناك أخرون قد وقفوا مع الطرف الأخر .
من وقف ضد الحسيني هم الشيوعيون ، من باب " الوقوف مع روسيا ظالمة أو مظلومة " وليس من باب حسبة سياسية أو خدمة للقضية الفلسطينية ، أي عصبية فكرية للشيوعية التي كانت تمثلها روسيا في تلك الفترة .
بعكس باقي الشعب الفلسطيني فهو وقف مع الحسيني في توجهه واجتهاده السياسي .
اقتباس:والأمر كذالك بالفعل يا زميلي .. اذهب واشتري الأن أي جريدة أو مجلة سياسية اسبوعية أو شهرية وستجد ان فيها كلام عن هيروشيما ونجازاكي .. انسخ الكلمتين لأي محرك بحث و أنظر إلى النتيجة !! .. افتح التلفاز وشاهد البرامج التأريخية والافلام الوثائقية وستجهما حاضرتان باستمرار .. حكاية ان التأريخ يكتبه المتتصرون كانت قبل الثورة المعلوماتية والقرية العالمية ، أما الآن فكل شخص يكتب ما يريد .
لا يا سيدة دانا ، فالمنتصر فعلاً هو من يكتب التاريخ ويزوره كيفما يشاء ، فمثلاً قارني بين التركيز الإعلامي حول الهولوكست أم مجزرة ناجزاكي وهورشيما ؟
اقتباس:ماذا تقصد بالاجتهاد السياسي وان كلامي دليل عليه ؟!!!
فأنا اقتبست كلامك :
اقتباس: يعني تخيلي يا سيدة دانا بأن هناك دولتين تتصارعا مع بعضهما البعض ، دولة تقول لو انتصرت سأعطي عدو دانا كل شيء واعطيه ارض دانا ، فأنت تلقائياً وفطرياً مع من ستقفين وتؤيدين وتتحالفين ؟
فتسائلت مستغربة عن موقف الدولة الاخرى في حال انتصرت ، وعن سبب عدم اكمالك للمثال :
طيب دولة تقول انها لو انتصرت فانها ستعطي ارضي إلى عدوي .. والدولة الثانية ماذا تقول ، وماذا ستفعل حين تسيطر ؟
أظنك تعرف ..
وقولي بـــ ( أظنك تعرف ) فالمقصود به هو نتيجة انتصار الطرف الثاني ، أي الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية والغير الفلسطينية وقتل الفلسطينيين وغير الفلسطينيين .
لأنك رأيت بأن أحد الأطراف يشكل خطراً عليك ، وغيرك لا يرى ذلك وفق تصورات تصورها هو في فترة من الفترات ، وكما يقول المثل الفرنسي من يخوض المعركة ليس كمن يسمع عنها في الصحيفة وهو يرتشف كوباً من القهوة ، عندما يغرق شخص ويرى يداً مدت له لا يبالي لمن تكون هذه اليد ، فقد تكون لمصاص دماء قد ينقذه ليشرب من دمه في النهاية .
الحسيني كان عدواً لبريطانيا ولمخططاتها في فلسطين ، وكل العرب والعجم تخلو عنه بل ورفضوا إستضافته إلا المانيا ، فالمنطق يقول بان الحسيني بشكل أو بآخر سيقف مع ألمانيا لتحقيق أهدافه .
على سبيل المثال ، يرى السلفيين بأن تحالف حماس مع إيران أخطر مليون مرة من خطر إسرائيل لكون ايران امبراطورية شيعية توسعية لها أهداف توسعية كذلك في المنطقة ، لذلك الفرار من خطر اسرائيل واللجوء لخطر إيران هو غباء من حماس !
ترد عليهم حماس بأننا ندرك أهداف ايران التوسعية ولكن في نفس الوقت نحن مضطرون لهذا التحالف لمواجهة الإحتلال الصهيوني البغيض ، فإيران لو صح تسميتها عدواً لأهل السنة والجماعة فهي في النهاية عدو بعيد لا يهدد فلسطين بقدر إسرائيل .
ولكن أهل السنة والأحزاب السنية في العراق تنظر لإيران كمشروع إحتلالي أخطر من إسرائيل وفق منظور " العدو القريب والبعيد " .
وهذا ما قامت عليه التحالفات العربية في تلك الفترة من الزمن .
اقتباس:لم أفهم ما تريد قوله
هل تعني بأنك تفضل الموت على مواجهة واقع الإحتلال بمشاكله وتعقيداته ومحاولة إيجاد حل لذالك ؟
هل هذا ما تعنيه ؟
لا ليس هذا ما قصدته ، فنحن من مدرسة الدعوة الإسلامية والتي كانت رائدة المواجهة الجهادية لقوى الإستعمار والإحتلال في الوطن العربي والإسلامي .
اقتباس:لا إله إلا ألله !! ..لك أنا وين قلت حملان وما حملان ؟
أقتبس لي جملة أصفهم باللطفاء والودعاء و ما إلى ذالك !
هل حين أقول بأن " المشتري " أكبر من " الأرض " فهذا يعني بأن الأرض ليست كبيرة ؟
هل حين أقول بأني " الليث " أقوى من " الذئب " يعني أن الذئب ضعيف وجبان ؟
هل حين أقول بأن " الماس " أغلى من " الذهب " فهذا يعني بأنه ليس للذهب قيمة ؟
أما أمر عجيب ..
أنت حاولت تصوير خطر دول الحلفاء بأنه خطر أقل من خطر هتلر وفريقه ، وأنا من وجهة نظري العكس ، ليستعمر بلادي عدو مجرم بغيض سفاح يجاهر بعدائه وبأن أهدافه كيت وكيت ، ولا يستعمر بلادي أفعى رقطاء تدعي الديمقراطية والحرية ونشر حقوق الإنسان في بلادي وفي الوقت نفسه تبيد الملايين من على وجه هذه البسيطة ، فالأول خطر ظاهر وواضح ويسهل إقتلاعه ومواجهته مهما بلغ من الإجرام والتوحش ، بينما الخطر الثاني خطر كبير جداً قد يستمر من خلال أذنابه حتى بعد جلاء الإحتلال ، فالمتسعمرين الغربيين انسحبوا من بلادنا وتركوا اذنابهم في أرضنا " بحجة التنوير ونشر مبادئ حقوق الإنسان والحرية " ، وتعساً لهم .
وهدأي من روعك وابتعدي عن العصبية الواضحة في ردودك .
اقتباس:عمومـاً سعدت بالتواصل معك
تحياتي .
أهلاً وسهلاً بك ، ومرحباً بك في أي وقت .