{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رحيل الكاتب السعودي غازي القصيبي
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #15
RE: رحيل الكاتب السعودي غازي القصيبي
غازي القصيبي: مات الوزير.. عاش صوت التنوير!
العرب القطرية

GMT 1:50:00 2010 الأربعاء 25 أغسطس


سليمان الهتلان


تخيل لدقيقة لو أن الراحل غازي القصيبي مات وزيراً ولم يكن أديباً وكاتباً جدلياً، هل كان رحيله سيحظى بهذه الهالة من التكريم والحزن؟ في بلداننا العربية مات ويموت المئات من الوزراء وكبار المسؤولين، يذاع خبر موتهم ببيان مقتضب من الديوان الملكي أو من القصر الرئاسي، وبعد ثلاثة أيام من العزاء لا نعد نسمع عنهم شيئاً إلا ما ندر. أما غازي القصيبي وأمثاله القليلون في عالمنا العربي فهم قصة أخرى. موتهم هو حقاً فقد مؤلم. رحيلهم يعد فعلاً خسارة وطنية كبرى. غازي القصيبي لم يكن فقط وزيراً جريئاً، نتفق ونختلف مع كثير من قراراته، ولكنه أيضاً كان وزيراً استثنائياً لم يذكر عنه يوماً أنه تورط في قضية فساد أو احتكار أو مصالح خاصة. وغازي القصيبي لم يكن من أولئك الذين يعضون بالنواجذ على المنصب، يهادن ويجامل من أجل البقاء طويلاً على كرسي الوزارة، وإنما كان أصلاً صاحب رؤية وفكر وفلسفة وأهداف تنموية كبرى. كان بحق "الوزير المثقف" وقبل وبعد ذلك كان "الوزير الإنسان". ولذا ظل القصيبي الوزير السعودي الأبرز والأقرب إلى الناس على مدى عقود.
كثيرون هم أولئك الذين ربطتهم بغازي مواقف تنضح بالطيبة والإنسانية في وقت كان فيه "التعالي" و "الغرور" نقيصتين تلازمان بعض أصحاب المناصب العليا في المنطقة كلها.
غازي الوزير كان رمزاً في تواضعه مع الناس لأنه -في الأصل- كان الإنسان المثقف الذي أدرك مبكراً أن المناصب تأتي وتذهب، كما حدث معه، ولكن الثقافة هي التي تُبقي الإنسان حياً متّقداً شغوفاً بالمعرفة والعطاء. من منا، معشر الكتاب والمثقفين، خاصة في السعودية، لم يتأثر بشكل ما بغازي القصيبي كمُلهم للكتابة الجدلية أو كمحارب صلب ضد "جهابذة" الخطاب الصحوي في الثمانينيات وما بعدها؟ ومن منا لم تربطه بغازي حكاية؟
ما إن وضعت حرب تحرير الكويت أوزارها، عام1991، وقد حزمت أمري على السفر إلى أميركا للدراسة حتى خطرت ببالي فكرة! اتصلت بمكتب السفير غازي القصيبي في البحرين، وكان وقتها سفيرا للسعودية هناك، راغباً في لقائه، وجاء الموعد سريعاً. شرحت للدكتور غازي رغبتي في الدراسة في أميركا وكنت آمل منه في توصية لجامعة جنوب كاليفورنيا؛ حيث درس الدكتور غازي، لعلها تعجّل بحصولي على قبول للدراسة هناك. قرأت في نظرات الراحل تساؤلاً مؤدباً... فكيف له أن يكتب لي توصية وأنا لم أكن من طلابه في الجامعة ولم أعمل معه؟ وضعت أمامه ملفاً فيه عدد من مقالاتي وأعمالي الصحافية، بعضها من (رسالة الجامعة) أثناء الدراسة في جامعة الملك سعود، وأخرى من صحيفة "الرياض" حيث عملت بعد تخرجي من الجامعة. تصفح مواد الملف سريعاً وطلب مني أن أعود إليه ظهر اليوم التالي. وحينما عدت إليه سلمني نفس الملف وفيه توصية جاهزة بتوقيعه متمنياً لي التوفيق في مشروعي القادم. وحينما وصلت أميركا تغيرت الوجهة تماماً ولكنني ما زلت أحتفظ برسالة الدكتور غازي القصيبي بكل امتنان وتقدير.
وهنا الثانية: حينما استضفت الدكتور محمد القنيبط، عضو مجلس الشورى السعودي سابقاً، في برنامجي "حديث الخليج" على قناة الحرة، قبل ثلاث سنوات، انتقد القنيبط وزارة العمل بشدة مطالباً باستقالة الوزير غازي القصيبي بعد الفشل المتكرر لسياسات الوزارة. قامت القيامة في السعودية على إثر تلك المقابلة "النارية" فمن يجرؤ على نقد وزير، أي وزير، ناهيك عن المطالبة علناً باستقالة وزير بحجم غازي القصيبي. توالت ردود الفعل على جرأة القنيبط في نقد غازي القصيبي فخلط الناس بين غازي، أبي التنويريين في السعودية، وغازي الوزير، الذي يخطئ ويصيب في قراراته ومواقفه مثله مثل أي إنسان في الدنيا.
قال البعض إنني والقنيبط تحالفنا -من دون أن ندري- مع الأصوليين في نقد القصيبي والتقليل من شأنه. ووضع آخرون "قدسية" الوزارة على الوزير القصيبي في ظل ثقافة لم تعتد على نقد الوزراء والمطالبة بإقالتهم! وفي أجواء تلك "المعمعة"، يخبرني القنيبط بسلامه على الملك في مجلس الشورى بعد أيام قليلة من بث مقابلتنا وبمزاحه لاحقاً مع غازي القصيبي فيموت الكبار كبارا وتبقى سيرتهم وهجاً لأجيال مقبلة لعلها تسير على ذات الخطى أو أفضل!
كان غازي القصيبي مبهراً بقدرته الفائقة على الموازنة بين مسؤولية المثقف التنويري وبين التزامات العمل السياسي مثله في ذلك مثل الراحل قبله الدكتور أحمد الربعي في الكويت. القطيعة الحادة بين المثقف والسلطة لا تخدم الإصلاح أو التنمية المنشودة في بلداننا، خاصة هنا في دول الخليج. إنها مسؤولية مشتركة بين المثقف والسياسي في محيطنا أن تُبنى جسور التلاقي والثقة والعمل سوياً من أجل أهداف تنموية وطنية كبرى.
وفي تجربة القصيبي مثال ناصع لتلك العلاقة التي أساسها الاحترام المتبادل والعمل الدؤوب بين أهل الفكر وأهل السلطة. وفي تجربة القصيبي أيضاً نموذج رائع للمثقف الذي لا يحبس فكره ورؤاه في مساحة جغرافية ضيقة لا تتجاوز هموم محيطه القريب ولا تتعدى حدود بلاده. فغازي القصيبي، وقت احتلال الكويت، كان صوتاً خليجياً مدوياً ضد الظلم الذي وقع على الكويت وأهلها. وكتاباته الكثيرة عن البحرين وبلدان الخليج، ناهيك عن قضايا أمته الكبرى، خير شاهد على أنه ينتمي لجيل من المثقفين الكبار الذين يدركون جيداً أن "حدود الأمن الوطني" مرتبطة كثيراً بالأمن الإقليمي خاصة في ظل ظروف الخليج المتقاربة سياسياً وأمنياً.
وإلى آخر لحظة، ظل غازي القصيبي أحد منابع الإلهام المدهشة للإنتاج والعطاء. فموت غازي ربما كان عبرة بأهمية سباق الزمن من أجل نتاج فكري وأدبي يبقى رصيداً حياً لصاحبه حتى بعد موته.
حقاً، بموت الدكتور غازي القصيبي نخسر أحد أبرز رموز التنوير في
السعودية وفي الخليج في وقت تشتد فيه الحاجة لمزيد من أصوات التغيير وملهمي التجديد!
08-25-2010, 10:29 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: رحيل الكاتب السعودي غازي القصيبي - بواسطة بسام الخوري - 08-25-2010, 10:29 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  شعاع على مسيرة العمر - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 2 857 10-20-2012, 03:36 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  التفكيكية فى الادب - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 712 09-22-2012, 01:15 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  قراءة في رواية الكاتب الافغاني خالد حسيني...ألف شمس ساطعة youssefy 5 4,278 05-18-2012, 08:20 PM
آخر رد: نيو فريند
  من بيدر العمر - بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 635 02-22-2012, 08:38 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  غراس فى ارض العمر بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 692 02-08-2012, 09:09 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS