{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رحيل الكاتب السعودي غازي القصيبي
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #17
RE: رحيل الكاتب السعودي غازي القصيبي
العطاء الضخم لغازي... لن تفي به المراثي وحدها!
الخميس, 26 أغسطس 2010
محمد جابر الأنصاري *

لعله قد حان الوقت للانتقال إلى دراسة غازي القصيبي وتقييم نتاجه، فالرثاء حالة آنية. أما التقييم المستند إلى الدراسة والبحث فهو لكل المواسم وكل الأجيال.

وعلى الصعيد الشخصي، كنت في الأيام الأخيرة على تواصل به، رحمه الله، بالزيارة وبالهاتف، وكان بإمكاني الحديث عن ذلك مطولاً، لكني رأيت أن ذلك لا يغير قليلاً أو كثيراً من قيمة عطاء غازي ومكانته. وعندما أقيم مجلس العزاء لوفاته في البحرين حرصت على التواجد فيه للأيام الثلاثة التي ظل فيها ذلك المجلس مفتوحاً، كما لم أفعل مع أي راحل عزيز عليّ.

لقد أحسست أن الرثاء في بلادنا نوع من المجاملة. وغازي بالذات تستحق ذكراه الطيبة كل إطراء، لكني تذكرت أيضاً راحلين كبيرين من فرسان الكلمة هما الطيب صالح ومحمد عابد الجابري، رحمهما الله، لم أرثهما ولي آراء نقدية بشأنهما أبديتها، بالمناسبة، للراحل الكبير غازي على الهاتف بعد عودته العلاجية من الولايات المتحدة فقال لي أكتب هذه الانتقادات. فقلت إني أنتظر مرور الوقت، كي لا يتخالط الرثاء بالتقييم.

إن دراسة غازي القصيبي وتقييم نتاجه لا بد من أن ينطلقا، في تقديري، من المسائل الآتية:

1- مدى تأثير المرحلة البحرينية في تكوينه ونتاجه. لقد جاء غازي إلى البحرين مع والده وأسرته بقيم السعودية وصلابة مبادئها – وذلك ما منحه الثبات والصلابة – لكنه تفاعل مع جديد البحرين التي كانت تنفتح على العصر والعالم. كان والده عبدالرحمن القصيبي ممثل الملك المؤسس والموحد عبدالعزيز آل سعود، الذي كان يتمتع بشعبية واسعة في البحرين. وكان حكام البحرين من آل خليفة يعتبرون الخليج العربي سوقاً موحدة مفتوحة لجميع أبنائه. ونظراً لهذا الانفتاح غير المسبوق أصبح عبدالرحمن القصيبي رئيساً لأول تنظيم تجاري في البحرين، وكانت «الجالية النجدية» تمثل صمام الأمان ونقطة التوازن في مجتمع البحرين. فعلى رغم السيطرة البريطانية التي لم تكن ترتاح لتواجد السعوديين في البحرين، فإن حكامها لم ينظروا لأي سعودي باعتباره غريباً. وفي ظل هذه الأجواء الودية المنفتحة وجدت عائلة القصيبي – مع غيرها من العوائل السعودية في البحرين مجالاً مناسباً للعمل التجاري.

وعندما جاء غازي إلى البحرين من الإحساء التي ولد بها – وهو ابن الخامسة التحق بداية بالمدرسة «الشرقية» الإبتدائية وتفاعل مع طلبتها البحرينيين، ثم انتقل إلى المدرسة الثانوية، والتي كانت الثانوية الوحيدة في البحرين، وزامله فيها كاتب هذه السطور. وأذكر أنه كان يلقي خطبة الصباح في طابور الصباح لتفوقه في اللغة العربية والإلقاء الفصيح. ولم أكن أعلم – إلا بعد أن تصفحت دواوين شعره – أنه نظم الشعر وهو في السادسة عشر من العمر. ومنذ ذلك الوقت لم أكن في الواقع استسيغ الشعر «الرومانسي»!... لذلك فلم أنجذب إلى شعره كثيراً. وكان غازي، لأسباب عائلية وسياسية، لا يستطيع البوح في حينه بحقيقة مواقفه إلا من خلال ذلك الغزل الرومانسي.

وقد ظل غازي يتفاعل مع جديد البحرين ويتأثر به، وهو مرتبط بقيم السعودية، موطنه الأول، وصلابة أرضه. وكما أرى فالشخصية الجماعية لهذه المنطقة، أي الجانب العربي من الخليج، تمثل اللقاء بين صلابة الصحراء العربية وحركية التموج الخليجي. وكانت شخصية غازي القصيبي تمثل «توليفة» بين هذين العنصرين، وذلك ما حافظ عليه في كتاباته، وطوال حياته. وثمة شواهد كثيرة في كتبه تؤكد هذه الناحية يمكن للباحثين استخراجها. وأعتقد انه ليس من المبالغة وصفه بأنه «قطرة ندى» بين السعودية والبحرين، كما عنون الكاتب البحريني الراحل الدكتور مكي محمد سرحان، رحمه الله، كتابه عنه الذي أصدره عام 1997.

2- اكتشافه لموهبته الحقيقية في الكتابة نثراً: من حسن الحظ أن غازي القصيبي اتجه إلى كتابة الرواية (حوالى عام 1993/1994) عندما أصدر روايته الأولى «شقة الحرية». وكان غازي قد كتب قبل ذلك مقالات وألقى محاضرات منذ أواخر ثمانينات القرن المنصرم (أصدرتها «تهامة» في كتب) يتضح من خلالها أن أديبنا متمكن أيضاً من الكلمة السهلة «النثرية» المباشرة، بل أنه أكثر إبداعاً في كتابة النثر. ولدي رسالة بخط يده رحمه الله، في الفترة التي ألقى فيها محاضرته اللافتة «هل للشعر مكانة في القرن العشرين» ورددت عليه بمقالة «أي شعر يمكن أن تكون له مكانة في القرن العشرين؟». في تلك الرسالة يعترف غازي بتواضع أنه لا يعتبر نفسه شاعراً من الدرجة الأولى – وذلك اعتراف غير معهود في معشر الشعراء! – وأنه ربما كان شاعراً من الدرجة الثانية أو الثالثة!

وقد سبق أن تعرضت بالنقد لأول وأهم روايتين هما: «شقة الحرية» عام 1994 «والعصفورية» عام 1996.

وبالنسبة للرواية الأولى أنشغل البعض بالبحث عن الشخصيات «الحقيقية» فيها، على رغم أن كاتبها قد احتاط لهذا الاحتمال العقيم بالتنبيه إلى أن: «الكاتب في القاهرة في الفترة التي تتحدث عنها الرواية. ومع ذلك فجميع أبطال هذه الرواية وجميع أحداثها من نسج الخيال والوقائع المنسوبة إلى أشخاص حقيقيين هي، بدورها، من صنع الخيال، وأي محاولة للبحث عن الواقع في الخيال، ستكون مضيعة لوقت القارئ الكريم».

وحقيقة الأمر أن غازي القصيبي قد «تحرر» من شعره «الإيحائي» الرومانسي الغزلي، وإن لم يهجره!، ووجد في الأسلوب الروائي وسيلة أجدى للتعبير عن آرائه. يقول آرثر هيلبس Arthur Helps: «إن أردت فهم عصرك اقرأ الأعمال الروائية التي كُتبت فيه، فالناس يتكلمون بحرية من وراء الأقنعة». وهو بذلك قد مهد الطريق لظهور أعمال روائية أخرى في البيئة السعودية بإمكان مؤرخي الأدب أن يتابعوها.

أما الكتاب الثاني «العصفورية»، فقد لمحت إلى انه: «سيخطئ أي ناقد أو قارئ إذا اعتبره «رواية» أو «رواية فانتازية» بالأخص وذلك (لتبريرات) شكلية تتعلق بالتكتيكات السردية التي لجأ إليها هذا المبدع – والذي تمخض هنا عن مفكر كبير – من أجل «تمرير» ما أراد قوله بصدق جارح لذيذ (جارح في حقيقته العارية، ولذيذ في سخريته العميقة وفكاهته العفوية النادرة) عن مجمل الواقع العربي بتشابكه وتعقيده في الحقبة الحزيرانية بخاصة، والحقبة المعاصرة في شكل أعم. «هذا بالإضافة إلى نظرات في الشأن الإنساني والعالمي... وإن كنت أشك في قدرة أي مترجم على ترجمته لأن نكهة وخصوصية أسلوبه العربي تستعصي على أية ترجمة».

«إن العصفورية في عنوان كتاب القصيبي ليست مستشفى الأمراض العقلية الشهير بلبنان، وإنما هي (البيت العربي) بين محيط وخليج في عصر اللامعقول... الذي يعانيه العرب ويعصف بوعيهم الغائم» – محمد جابر الأنصاري، مساءلة الهزيمة، المؤسسة العربية، بيروت، 2001، ص 132.

في هذه الرواية تحرر غازي نهائياً من أسلوب الشعر، وأثبت انه ناثر كبير، وهي حاجة ملحة للعرب في عصرنا، حيث لم يعد الشعر: «ديوان العرب» لأن النثر أصبح منطق العصر!

3- نزعته الإصلاحية: منذ أشعاره الأولى إلى كتاباته الأخيرة – رحمه الله – وهو يدعو إلى الإصلاح في ظل الدولة الحديثة. وكان الاثنان: الدولة والإصلاح من ثوابت فكره. وقد ربط القول والفعل، واتصف ببراءة الذمة ونظافة اليد في كل ما تولاه من أعمال حكومية.

وفي سنواته الأخيرة، كان في سعادة غامرة لعمله وزيراً في ظل توجيه الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.

ولن يكتمل تاريخ نزعة الإصلاح في المملكة العربية السعودية إلا بتتبعها عبر روادها، وقوفاً عند آثار المغفور لهما، بإذن الله، الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري وغازي بن عبد الرحمن القصيبي اللذين فقدناهما اليوم معاً. وننتظر مواصلة رسالتهما في العهد الميمون.

* مفكر من البحرين.
08-26-2010, 06:28 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: رحيل الكاتب السعودي غازي القصيبي - بواسطة بسام الخوري - 08-26-2010, 06:28 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  شعاع على مسيرة العمر - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 2 857 10-20-2012, 03:36 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  التفكيكية فى الادب - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 713 09-22-2012, 01:15 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  قراءة في رواية الكاتب الافغاني خالد حسيني...ألف شمس ساطعة youssefy 5 4,283 05-18-2012, 08:20 PM
آخر رد: نيو فريند
  من بيدر العمر - بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 635 02-22-2012, 08:38 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  غراس فى ارض العمر بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 692 02-08-2012, 09:09 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS