هل هذا موضوع مهم ؟ عن جد ؟

الدين عبارة عن "إرث" نأخذه من أهلنا غالباً، أو عبارة عن "قناعة" شخصية بمجموعة من الأفكار والمثل والقيم. وأنا بحق لا أفهم هذا التطبيل والتزمير لإنسان اقتنع أمس بفكرة معينة وعاد اليوم كي يقتنع بفكرة أخرى.

المسيحية والإسلام دينان يعيشان منذ مئات السنين، ولهما أكثر من ثلاثة مليار تابع وتابعة، فهل تغير قناعة أحد هؤلاء التابعين يعلي من شأن دين أو يحط من قيمة دين آخر؟ كيف؟

شخصياً، كنت متديناً في مطلع شبابي بل وأردت الانتماء إلى سلك الرهبنة المسيحية. في العشرين من عمري أصبحت ماركسياً لينينياً ملحداً من رأسي حتى أخمص قدمي. في السادسة والعشرين عدت عن الإلحاد باتجاه "اللا أدرية" (التي ما أزال مقيماً عليها حتى اليوم) بعد أن اشتغلت بوجود الله أربع سنين طويلة مليئة بالقراءة والجهد والقلق ولم أصل إلى نتيجة تذكر؛ فلا أنا بمستطيع أن أثبت وجود الله ولا أنا بمستطيع أن أنفي وجوده، فوجود الله بحاجة إلى قلب يصدق وعقل "أهبل"، والقناعة بعدم وجوده بحاجة لقلب قاس وعقل متيقن في ما لا يقين فيه، وأنا - على كل حال - لست "مجنوناً" ولا أملك "برهان" النفي، لذلك فحالي حال "إيليا أبو ماضي" في قوله: "أتمنى أنني أدري .. ولكن .. لست أدري!".

هذا بالنسبة لله الذي أميل بقلبي إلى وجوده وعقلي لا يسعفني في التسليم بهذا الوجود، فماذا بالنسبة للديانات؟ بصراحة ودون مواربة فإن الديانات عندي - منذ سنين طويلة جداً - لا تساوي "ربطة فجل واحدة" في موسم "الفجل" . وحتى لو نظرنا إليها كحركات بشرية هدفها بناء مجتمعات انسانية فإن ضررها يبقى أكبر بكثير من فائدتها، فهي على حد قول "فيلسوف المعرة":
إن الشرائع ألقت بيننا إحناً
وعلمتنا أفانين العداوات

مع هذا، فقناعاتي المذكورة لا تغير شيئاً من جوهر الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية وغيرها. وكوني اقتنعت اليوم أو لم أقتنع بحقيقة ما، وكوني غيرت هذه القناعة غداً أو لم أغيرها، كل هذا لا يزيد مقدار خردلة في ميزان أي ديانة، ولا يعطيها أي تميز أرى أصحابها ينشدونه من خلال التطبيل والتزمير لمعتنقين جدد أو اللوم والذم للتاركين والجاحدين والمارقين والآبقين.

يعني بالعربي : "الجنازة حامية والميت كلب" ....

واسلموا لي
العلماني