عزيزي أندروبوف،

مجرد التخلي عن فكرة إقامة المسجد الآن، تعني أن المواطنين الأمريكيين ممن يعتنقون العقيدة الإسلامية قد قرنوا أنفسهم بأسامة بن لادن، ورضوا أن يقعدوا محل المتهم، ورضوا أن يطأطئوا رؤوسهم خزيا وعارا، وأن يطلبوا الرحمة من سائر المواطنين أصحاب المواطنة درجة أولى، فلا يلقوهم إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم... هو خضوع لليمين المتطرف والاسلاموفوبيين.

أما عما ذكرت، فلن يستطيع المسلمون أن يمنعوا ممن يريد أن يعمل تظاهرة مثليين تمر من أمام باب المسجد أو المركز الثقافي الإسلامي، وقد شهدت هذا في كوبنهاجن حين كنت فيها قبل سنتين، ولن يستطيع المسلمون أن يمنعوا دخول كلاب الشرطة تفتش في المسجد، وتنجس سجاداته بلعابها.. حصل هذا فعلا، لا يستطيعون منعهم لأن الشرطة دخلت تفتش بإذن المحكمة، وحتى أنهم لم يجدوا شيئا لا تستطيع إدارة المركز الثقافي أن تعترض لوجود إذن من النائب العام.

ومن ثم الصور المسيئة لمحمد صلوات الله وسلامه عليه قد نبتت في بلد ديمقراطي حر، ولم يبال ذلك الرجل بأي أذى قد تسببه رسومه، وكان المسلمون مفروض عليهم أن يدفعوا تكاليف حمايته من الضريبة التي يدفعونها، لتغطية تكليف الشرطة بحراسته الشخصية.

نأتي إلى القس الأهبل، هذا مريد شهرة، تم ركوبه من قبل اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، الذي ما زال يحكم من وراء ستار.. وأي تراجع في بناء المركز الآن هو بمثابة خضوع لليمين المتطرف، وقبول بالقعود في قفص الاتهام لمواطنين أمريكيين.

إن أردتم منا أن نتصرف كأمة بعيدا عن المواطنة وهبلها فلا مانع لدي، حينها لن يطلب من مسلم أن يوالي الأوطان الهبلة التي أسسها سايكس بيكو، ولا تلكم البلدان الجديدة التي هاجروا إليها، ولن يكون مهما الاندماج في هذه المجتمعات، لأنهم لا ينتمون إليها على أية حال، وعلى المسلمين الجدد من أهل البلاد أن يعتبروها صارت بلدانا عدوة، إلخ....

فليقم هذا المركز الإسلامي، على نفس الأرض التي كان يقوم عليها مركزي التجارة، تثبيتا لحقوق المواطنة التي ضحى القوم للحصول عليها، ولعله تكون لفتة من الدولة الأمريكية أن تقيم مركزا ثقافيا مشتركا قرب الموقع، تشغر كل طابق أو زاوية فيه مركزا ثقافيا للعقائد المبثوثة في الدولة الأمريكية، حتى عقائد اللادينية، من لاأدرية وإلحاد وربوبية وما شابه.