أخي الحبيب أحمد حسين العلي:

الناس الناضجين في الحياة الإيمانية أدركوا كنه الأمر ويختصروا علينا مسافات وأميال في معمعة الصراع الديني: الله هدف الإنسان كما أن الإنسان هدفه الله. وبس. ربنا لا يريد أكثر من الإنسان ويريد أن يكون هذا الإنسان متضامن معه. والإنسان بطلبه وجه الله وأن يكون الله كل هدفه فهو بهذا يتطهر داخليًا من أدران الذات والتي فيها تصيبنا أمراض النرجسية والأنانية والإقصاء ومحاربة الآخر إلخ. سأقولها لك لأني واثق منك ومن نضجك وسأقولها لك بلهجتي المصرية: "ربنا ما لوش دين".


خواطرك الإيمانية هذه جميلة جدًا يا صديقي وهي عين ما يجب أن نعلمّ به في الكنائس والمساجد. الناس تنحصر في إطار العقائد والله يهرب منها هروبًا ويا لهم من مساكين: أسرى الدوجمائية وبعيدين عن الله كل البعد. أريد لك أن تدون كل هذه الخواطر الجميلة وننشرها وما أجمل مناجاتك لله. ربنا نحن نؤمن به بهدف مناجاته وليس لمعايرته بحسناتنا وأعمالنا الصالحة ولكن لأنه هو يبقى هدف بذاته ولذاته هو.

كلام شيخنا الشيخ الأكبر ابن عربي عن تشبه الإنسان بالله في شمول الرحمة وعموم اللطف هو جوهر رسالة يسوع المسيح. كان دايما يلفت النظر الناس لـ "الآب السماوي" وضرورة التشبه به وأن يكون هو المعيار فقال: كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات كامل. هو عايز يقول لنا خلوا ربنا هو المعيار وهو اللي تقيسوا أنفسكم به مش بالنصوص والعقائد واللوائح والتشريعات.

روحانيتك جميلة جدًا. أصدقائي الأباء الجزويت (اليسوعيين) يعشقون نوعيتك كثيرًا ومن ثم فلهذا ترى ولهي بتلك النوعية من الروحانية.