أخي العزيز ذي يزن:

أعتذر لك على التأخير في الرد. أمر هذه الأيام بفترة قاسية وتفكيري كثيرًا ما يكون مشتت... أشكر لك تفهمك.

جوابًا على أسئلتك؛

الحياة في أميركا لها ميزاتها ولكن ليست بالروعة التي يتم تصويرها في الإعلام العربي وغيره. خذ عندك مثال حيث أعيش في ولاية نورث كارولينا. بالأمس أخذت ابني ومعي كتاب وكوب من الشاي... هاجمتنا كمية رهيبة من البق والحشرات واضطررت على الفور الدخول داخل البيت وأخذ حمام فوري قبل أن ينتشر هذا البق وتلك الحشرات المزعجة على السرير الذي أحيانا أدرس وأسترخي عليه! هذه سمة ملازمة للحياة هنا طوال الصيف والخريف وبشكل مزعج ومقرف.

تركت مصر ولم تكن عندي أي مشاكل حساسية ولكن هنا توجد مواسم لظهور بعض الحشائش الرهيبة ولها موسم ونسميه بالـ rag weed season. هذا يجعل نومي مستعصيًا ورأسي تكاد تنفجر.

جارنا الأمريكي المتحضر ابن الحضارة الأميركية الراقية يحرص أسبوعيًا على حرق الزبالة في فناء المنزل المتاخم لفناء بيتي. ذات مرة طلبت من زوجتي أن نحاول أن نقوم على تهذيب الحشائش في فناء منزلهم وتنظيف ما يمكن تنظيفه وذهبنا إلى هناك بكل سرور وقضينا اليوم كله في محاولة لتنظيف الزبالة من أمام وخلف منزله. أثناء التنظيف وجدنا كومة عالية هائلة من الزبالة.. تصور يحرقون الـ diapers أي حفاضات الأطفال والتي حرقها فيه خطورة وتسمم للغلاف الجوي.. عرضت عليه أن يستخدم سلة الزبالة الكبيرة التي نستخدمها ودون أن يراه أحد وبرقة ضغطت عليه ليعمل ذلك ولكنه عاد في الأسبوع المقبل لحرق كميات رهيبة من الزبالة التي لا تحترق من الأساس. أحاول مرة تلو المرة أن أقنعه أن يستخدم سلة الزبالة عندنا ونحن ندفع المصاريف ولا عليه من الأمر شيء ولا اريد منه شيء سوى زبالته حفاظًا على منطقتنا. لكن لا.. هو مولع بحرق حفاظات الأطفال!!

أخرج للتمشية فأجد روث الكلاب على جانبي الطريق ودون أي احترام للمكان وأصحاب المكان.

ويمكن أن أذكر لك المزيد.

أنا من الفلاحين بمصر ويمكنك بقلب واثق أن تقول علينا "عالم بدائية بسيطة" ولكن أؤكد لك إن ما رأيته في أميركا لم أر له مثيلاً في قريتنا بالمرة.. الفلاحين كانوا أنضف وأشرف من كل ذلك بمصر!!