التحريم الشرعي والتابوه الاجتماعي

القتل والزنا
الزاني والزانية
الزنا والشذوذ الجنسي
الفاعل والمفعول في الجنسية المثلية
الخمر والخنزير

بالاطلاع على كل ما ورد أعلاه، نعلم أنها جميعا محرمات شرعية، توعد الله مرتكبها وجعل له عقوبة دنيوية وأخروية، وجعل بعضها أكبر من بعض، وجعل لها توبة، وجعل بعضها مساويا لبعض..

القتل العمد هو أكبر الجرائم المذكورة أعلاه، وصعوبة التوبة منه معروفة على أنها ليست مستحيلة، وشرب الخمر أكبر من أكل الخنزير لما فيه من سكر قد يلحق، وآثام قد تقع بعد السكر، وهي الشهيرة بأم الخبائث، والزنا أكبر من الشذوذ لما فيه من اختلاط أنساب وتعد على أطفال لم تولد بعد، والزاني والزانية في الإثم شريكان، والفاعل والمفعول في الإثم شريكان.

إلا أننا حين ننظر إلى المجتمعات القائمة في المشرق العربي، نجد أن القتل عندهم أهون الشرور، وهو العقوبة المقامة من المجتمع على من يظنون به أنه قد ارتكب مخالفة شرعية أقل من هذا بكثير.
مثلا الفتاة الزانية جعل الله عقوبتها الجلد مائة، ولم يجعل أبدا من عقوبتها القتل، وجعل العقوبة بيد السلطان لا بيد غيره، وجعل أمر العقوبة لا يقع بغير الشهادة الصريحة، وجعل أنه للإمام أو القاضي أن يدرء الحد بأي شبهة، لكن كم من فتاة تم قتلها غسلا للعار؟ وتم رفض توبتها التي قد يقبلها الله من فوق سبع سماوات؟
أيهما أكبر زنا الفتاة أم قتل ذويها لها؟ قتل ذويها لها من أكبر الجرائم، مهما زنت الفتاة، قد نعذر الأب حين يدخل غرفة نوم ابنته فيجدها في ذات الفعل مع غريب، أن يفقد عقله فيقوم بجريمة القتل دون وعي، من باب رفع القلم عن المجنون أو من في حكمه، لكن كيف نعذر من يسمع من الناس فيأتي ويقتل، بغض النظر إن زنت كما قالوا أم لم تزن.
ثم نأتي إلى التفريق العجيب عند الناس بين الزاني والزانية، فالزاني رجّال ما يعيبه شي، يعيب ما ينعاب، والزانية شرموطة المي بتروب والشرموطة ما بتتوب.. حقارة المثلين وانعدام شرعيتهما آت من عادات الناس، فالزانية والزاني سواء، وكلهما قد عيب بزناه، وكلها مقبول التوبة منها... ففيم نعاقب الزانية ونترك الزاني، ونقبل توبة الزاني ولا نقبل توبة الزانية؟

ثم التفريق بين الزنا والشذوذ الجنسي، رغم أن كلاهما حرمه الله، والتفريق في الشذوذ بين الفاعل والمفعول، والذي سيرمى بما رميت به الزانية، نعني المفعول، وترفض توبته كما رفضت توبتها من قبل المجتمع، ويعامل بخسة كما تعامل، رغم أن الحقيق بالتعامل بخسة إنما هو القاتل العمد الذي يسير مختالا متباهيا كأنه لم يصنع شيئا.


يأتي ضمن ما ذكر التفريق بين الخمر التي حرمت ثمان مرات في آيتين متواليتين، وربط فيها الشرور والخبائث، والتي نرى الكثير من المسلمين يشربونها رغم ذلك، ولا يرفضون اجتماعيا إلا ضمن حالة مؤقتة تتبع قوته الاجتماعية، ولحم الخنزير الذي حرم مرة واحدة.. لا نكاد نجد مسلما يأكله، ومن يأكله يتم نبذه إجتماعيا.

هناك فرق بين التحريم الشرعي والتحريم الاجتماعي، وحين يتفقان نجد المغالاة العجيبة في التحريم...

الخنزير محرم شرعا واجتماعيا، فنجد التشدد العجيب في شأنه
الخمر محرمة شرعا، مع رفض اجتماعي مؤقت الطابع، فنجد هناك تساهل في شأن شاربها

العقلية البطريركية لا تجد العيب الكبير في الفاعل في حالتي الزنا والشذوذ، بل تجده في المفعول رجلا كان أم امرأة، لذلك يتم تصفية المفعول مجتمعيا، وترك الباب مواربا أمام الفاعل ليدخل بفعل التوبة الاجتماعية، ولا نقول التوبة الشرعية، لأن الفاعل سيستمر بذكر مغامراته الحمراء في ليالي السمر مع الأصدقاء، متبعا إياها بالله يغفرلنا وضحكة رقيعة، وكأن التوبة تصح دون الندم والشعور بخزي النفس..