هل يقرك اليهود على هذا التفسير بالنجاسة والطهارة يا عبدالمسيح؟ هل من مطلع على المشنا والجمارة يوضح لنا تفسير القوم أصحاب الشأن؟

رأيتك قد غضضت النظر يا عبدالمسيح عن الجمل كمثال؟

الجمل يجتر، وله أظلاف مخفاة تحت الخفوف، ففيم لا يقدم على المحرقة والسلامة وسائر ما يكتبون؟؟ ما هي علة نجاسته؟

ثم إنك قد فسرت النجاسة بفقدان الحياة، أين هي فقدان الحياة في الأرنب والخنزير والكلب والجمل؟

ثم ماذا عن الحصان والحمار؟ إن كان حيوانا نجسا فكيف ركبه الناس؟ وإن كان طاهرا ففيم لا يقدم ذبيحة؟

عامة لا يعنينا كثيرا ذلك.. الخنزير محرم لأن الله حرمه، أما النجاسة فلا تعني التحريم ضرورة، النجاسة أمر متعلق بالصلاة والوضوء والغسل والمسجد فقط.. وكم من محرم طاهر.. على أن القاعدة حرمة الإنتفاع بنجس.

والتحريم هو أمر اجتناب، أما النجاسة فهو حكم وضعي، أي أنه يفسر وضع الشيء أو الفعل من حيث أنه سبب أو شرط أو مانع أو علة، والنجاسة مانع للصلاة، والمانع هو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم.. وجود النجاسة يمنع الصلاة، وغيابها لا يوجب الصلاة بالضرورة.

كلمة وضعي هنا مصطلح لا ينطبق عليه مصطلح القوانين الوضعية التي من صنع الإنسان، كلمة وضعي في أصول الفقه تعني تشرع وضعا معينا أو تصفه، ومنها
السبب: يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، مثل دلوك الشمس سبب لوجوب صلاة الظهر، فإن دلكت أي زالت وجب الصلاة، وإن لم تزل لم تجب
الشرط: يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، فالوضوء شرط للصلاة، لا تقبل الصلاة دون وضوء، لكن مجرد وضوءك لا يعني أنه قد وجبت الصلاة
المانع: شرحناه آنفا
العلة: الباعث على تشريع الحكم، وهي شرعية وليست عقلية، أي ينبغي أن تستخرج من النص الشرعي إما مباشرة أو استنباطا، وهي تدور مع المعلول وجودا وعدما، ومنصرف الحكم عليها والمعلول مثال لها، مثل حكم لهو الحديث وعلته الإضلال عن سبيل الله، الحرمة منصرفة إلى العلة وهي الإضلال، فلو انتفت العلة أي الاضلال ارتفعت الحرمة، ولو وجد معلول آخر بنفس العلة قيس هذا على ذاك فيأخذ حكمه للاشتراك بالعلة، وهو القياس الشرعي، وهو غير القياس العقلي الذي قام به إبليس بالمفاضلة بين النار والطين.