(09-21-2010, 05:00 PM)شهاب الدمشقي كتب:  يا عزيزي اوبزيرفر .. هل تعتقد حقاً أن ما تسميه بـ (الشارع الإسلامي) جاد في غضبه !؟ .. ذاك الشارع الذي تتحدث عنه خرج يوم (وقعة ! ) الدانمارك مدفوعاً بعاطفة لا غير .. وهذه العاطفة سرعان ما تهمد بمرور اسابيع لا غير !! (مازلت اذكر خطب الإسلاميين وهي تطالب جماهير المؤمنين بالصمود على موقف المقاطعة حتى يعتذر رئيس الحكومية الدانمركية ويأمر بمعاقبة الصحيفة !! (كذا !!) .. وطبعا هذا كله لم يحصل أصلا ً ! .. وكما هو متوقع انهارات هذه المقاطعة الخرافية التي تتحدث عنها لتعود البضائع الدنمركية إلى الأسواق وكأن شيئا لم يكن !! ) ..

يا عزيزي .. يخطأ من يعول على تحركات الشارع العربي (أو الإسلامي كما تسميه) فهو يتحرك مدفوعا بالعاطفة لا غير .. هل نسينا دعوات مقاطعة البضائع الأمريكية في أوج القصف الأمريكي على العراق ؟ ..

عزيزي شهاب، المقاطعة الاقتصادية للدنمارك لم نتهي إلا بعد ان قامت شركات دينماركية و سويدية بالاعتذار باعلانات مطولة من على شاشة الجزيرة. بالرغم من ان اعتذار الشركات هذا لا يعبر عن الموقف الرسمي للدنمارك المناصر لحرية التعبير و على الرغم من ان هذه الشركات لم يكن لها اي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بهذه الرسومات، الا انها اعتذرت عن شيء لم تفعله لتنقذ اقتصادها. و هلل يومها الكثير من الصحفيين لهذا النصر و بعد أن سوق على انه اعتذار حكومي و دعوا الى انهاء المقاطعة. اما دعوات المقاطعة ضد امريكا لم تنجح ولا مرة واحدة حتى عند ضرب العراق، لان ما تفعله امريكا لم يمس بعد مقدسات هذه الامة، و اعتقد لو ان امريكا تصرفت بحماقة و ايدت هذا القس بمسعاه، لواجهت موجة غضب من ربع سكان المعمورة، ولا بأحلك كوابيسها كانت ستحلم ان ترى مثلها.
اما قضية العاطفة، فهي الدافع الرئيسي الذي يحرك ''الدهماء''، و لو تحركت الدهماء بدافع العقل لاصبحوا ثوارا.

اقتباس:يا عزيزي هذا لا يعزى إلى (تخلف الإسلام وغوغائية المسلمين !) كما تريد ان تقول !! وإنما ببساطة إلى غياب النضج السياسي والاجتماعي عند الشارع العربي أو الشارع في دول العالم الثالث والرابع وما بعد الرابع !!! (تأمل في الغضبة المضرية التي اجتاحت الشارعين المصري والجزائري .. ترى هل انتهت كل بلاوي مصر والجزائر السياسية والاقتصادية والتنموية حتى يهب الشارعين غضبة لقضية كروية ؟ )

عزيزي شهاب هذا يُعزى الى ثقافة، فتأمل مثلا الشعارات التي رفعت في تلك الفترة مثل شعار: إلا رسول الله! او شعار بأبي و امي انت يا رسول الله، و تأمل بالبشر وهم يبكون اثناء التظاهرات مرددين تلك الشعارات. تأمل بمعنى شعار إلا رسول الله، ماذا يعني؟!! الا يفهم منه، ان الامة يمكن ان تسكت عن اي شيء، عن ضياع اراضيها، عن ضياع ثرواتها الطبيعية، عن استباحة كرامتها الوطنية، لكنها لا تسكت عن اهانة رسول الله. و هذه الثقافة متجذرة بالوعي الاسلامي، فكتب الراث تقول، من سب الله قبل ان يقتل يُستتاب اما من سب رسول الله فيقتل بلا استتابة.
لو القيت نظرة على بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل الاجتياح الاسرائيلي لاراضي الضفة، لوجدت ان الشرارة التي اشعلتها هي زيارة شارون الاستفزازية للحرم القدسي الشريف او الاقصى، و لهذا سميت بانتفاضة الاقصى، و لم تشعلها البناء الدائم للمستوطنات او الاعتقال التعسفي او مصادرة الاراضي او الى آخره، بل الذي اشعلها تدنيس شارون للاقصى.
بالمناسبة موشه دايان كان يعي هذه الحساسية جيدا، فمباشرةً بعد احتلال مدينة القدس في العام ٦٧، رفع احد الجنود الاسرائيليين العلم الاسرائيلي فوق الاقصى، فما كان منه الا ان امر فورا بانزاله، لئلا يواجه ما لم يواجهه اثناء الحرب الذي قضى بها على الجيوش العربية.