الملحد مهما هبش ونبش فلن يمكنه إثبات عـــــــــــــدم وجـــــود الله تعالى ، فالملحد الذى يقرر بأن الله غير موجود وأنه لابعث ولاحساب ، هذا لايقين عنده ، هو "يتبع الظن" ولهذا قال الله تعالى : ( إن تتبعون إلا الظن ) لأنه ينفى حقيقة كونية عقلية اولا ، ولا يلعب فى ملعبه ثانيا ! ، ولذا سبق الاية السابقة قوله : ( هل عندكم من علم لتخرجوه لنا ) بالتأكيد لا . فالمنكر هو كمن يقول أنا لا أؤمن بوجود الجاذبية! وجميع الأشياء من حوله تسقط ويقول لاتوجد جاذبية! فهذا لايقين عنده ويتبع الظن وينكر حقيقة يقينية ، بعكس من يقول بل جميع الأشياء من حولنا تسقط إذا هناك جاذبية .. أنا لا أستطيع خداع نفسى .

كذلك وجود الله تعالى وله المثل الأعلى! فنحن نرى المادة من حولنا وكأنها عاقلة تصمم وتنتج حياة ، فينظر الملحد لهذه الحياة ويعزوها الى خصائص المادة نفسها ، وهذا غير مقبول ، لأن المؤثر أو السبب ينتج حياة منها حياة عاقلة ، فلا شك أن المؤثر أو السبب له قدرة تفوق ما صنع! .
هل يمكن بالمثل عزو الجاذبية الى خصائص المادة نفسها بدون سبب؟ فنقول لايوجد انحناء - تشوه زمكانى ولكن المواد تسقط من نفسها بدون أى سبب ؟ ( * )

فى الحقيقة المؤمن أكثر علمًا ودقة من الملحد ، فالمؤمن يطبق المنهج العقلى الذى تسير عليه جميع معارف الدنيا ، ولكن فيما يسمى بالموجودات وامكانية وجودها من عدمه ، وقد ضربت لكم مثالا بالجاذبية ، فالعلماء يعرفون الأشياء من أسبابها - آثارها ، ولايمكن عدم تطبيق هذا المنهج وإلا اختلت الموازين العلمية ، فساعـتـئـذ لانبحث وراء سبب سقوط الاشياء الى اسفل بدلا من الاعلى ، ولا نبحث وراء توحيد قوى الطبيعة مثلا ، ولانبحث عن سر وجودنا فى النهاية ، فمادمت طبقت هذا فطبق ذاك ، وإلا ستكفر بالله والعلم معًا ..

طبعا هذا كلام عقلى بحت ، إن كان من المفترض تجاهل الرسالات السماوية ، وصيرورة العدل الكائنة فى حياتنا الدنيا ، والتى يمكن إستنباطها من قلب الوجود الإنسانى ومشاكله وصراعاته الدائمة ، فهذا وحده أراه كافيًا لأثبات إتقان الصنع ، ووحدانية الله ، وضرورة العدل والحساب فى الآخرة .

....

( * ) طبعا ان تجاهلنا الجرافيتون لانه لم يثبت والانحناء أكثر اقناعا حتى الان .. المهم هو المؤثر ..