بخصوص ما حصل مع يهود بني قريظة ، فكان بسبب نقضهم العهد الذي أبرموه مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فبداية غزوة الخندق كانت بتحريض من اليهود وهم " سلام بن أبي الحقيق ، وحيي ابن أخطب ، وكنانة بن الربيع وهوذة بن قيس الواعلي " لأهل قريش فدعوهم لحرب النبي صلى الله عليه وسلم .
وعندما حصلت غزوة الخندق ، ذهب حيي ابن أخطب إلى كعب بن أسد ، يطلب منه نقض عهده مع محمد ، وأن قريش بسادتها وكبرائها جائو لحرب محمد وأنه لن يبقى لدين النبي الجديد قائمة بعد اليوم ، وبعد أخذ ورد وافق كعب بن أسد ونقض عهده مع النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الأمان لحيي بن أخطب في حمايته لو هزمت قريش وغطفان بأن يحميه داخل حصون بني قريظة ، ولذلك وظيفة اليهود وخيانتهم تتجلى في عدة نقاط :
1- أنهم كانوا المحرضين على غزوة الأحزاب " الخندق " لإستئصال الدين النبوي الجديد .
2- أن قبلية بني قريظة نقضت عهدها مع النبي محمد فعلياً " وليس كما يقول Man Kind " بانهم نوو نقض العهد ، لأن الاتفاق الذي كان بين محمد صلى الله عليه وسلم ويهود بني قريظة أن يشترك الطرفان " المسلمين واليهود " في الدفاع عن المدينة ضد أي خطر خارجي ، وقد خذلته وخانته قبيلة بني قريظة ، وكان وظيفتها عدم التدخل والحماية والثانية الانقضاض على المسلمين مع انقاض قريش وغطفان على المدينة ، ولكن المرابطين الذين ارسلهم صلى الله عليه وسلم كان لهم الدور الكبير في وقف هذا المخطط الخياني ، فضلاً على أن بني قريظة أجابت سعد بن معاذ عندما ذهب يستفسر منها حول صحة نقضها للعهد " لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد " فشاتمهم سعد وشاتموه .
3- أنه وبعد إنجلاء الأحزاب وعودتها خائبة حسيرة تجر أذيال الهزيمة ، قامت بني قريظة بحماية حيي بن أخطب ورفضت تسلميه للنبي صلى الله عليه وسلم .

وأما عن رفضهم إعطاء حصونهم لقريش كما يقول الأخ " Man Kin "وغطفان لمفاجئة المسلمين من الخلف ، فليس بسبب وفاء بني قريظة ، بل بسبب الخدعة التي قام بها نعيم بن مسعود ، حيث أوقع بين بني قريظة وبين قريش وغطفان ، وأوهم كل طرف بانه يخون الآخر ، فتحرزت بني قريظة من قريش ورفضت اعطائهم الحصون لئلا تتم خيانتهم .

والنقطة الأهم التي يغفلها الجميع ، أن ما حصل مع بني قريظة جراء خيانتهم للمسلمين لم يكن بأمر النبي بل كان حكم سعد بن معاذ ، والذي رضي يتحكيمه كلا من النبي صلى الله عليه وسلم ويهود بني قريظة ، وقد وافق الجميع على تعيين سعد بن معاذ حكماً وأن حكم سعد يلزم الطرفين ، فكان حكم سعد بقتل مقاتلتهم وفتح قلاعهم وسبي ذراريهم .
وفي القانون الدولي ، ووفق أعراف المحكمة الدولية ، فإن قرارها يكون ملزماً إذا اختصم طرفين وأفادا مسبقاً بأن قرار المحكمة الدولية يلزمهما مهما كان ، ولكن لو كان طرف يرفض المحكمة الدولية فإن قرار المحكمة لا يلزمه ، وهذا ما حصل مع قضية الجدار العازل ، لكون اسرائيل لم تحتكم للمحكمة فإن قرار وقف بناء الجدار لم يلزمها .
المقصد من هذا الشاهد ، بما أن بني قريظة والمسلمين اتفقوا على تعيين سعد بن معاذ " حتى أن النبي أعطى لبني قريظة حرية اختيار الحكم الذي يريدون " فإن حكم سعد ملزم للطرفين .

وما فعله المسلمين بخائني بني قريظة أمر طبيعي جداً ، لأن جزاء الخيانة القتل والنفي والملاحقة والتنكيل ، فالخائن منبوذ عند كل الأطراف والأعراف ، حتى في غزوة بني قريظة هذه فيها من الإنسانية ما فيها ، فلم يقتل فيها عجوز ولم تقتل فيها نساء ولا أطفال ، وكل السبايا اللاتي سبين أطلقهن المسلمين عندما تزوج النبي احدى هذه السبايا فخجل الصحابة الكرام من أن يكون في ملك يمنهم أنساب النبي .

ولو نلاحظ بان هذا الفعل هو الفعل الوحيد الذي حصل في تاريخ النبي ، فهو لم يقم بذلك مع بني قينقاع ولا مع بني النضير ، ولم يفعل ذلك حتى مع اسرى بدر ولم يفعل ذلك مع قريش في فتح مكة ، ولو نلاحظ بان غزوات النبي كانت في العادة ردات أفعال واعادة الاعتبار للمسلمين بعد خيانة أو مؤامرة أو دسيسة .