تصحيح السؤال ثم الإجابة على السؤال المصحح هو أسلوب الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله ومن قبله كتاب الله

سألوا الحبيب المصطفى عن الهلال وما باله يصغر ويكبر، ولأن الله تعالى لم يرسل محمد أستاذ فلك ولا عالم أسترولوجي، وإنما أرسله هاديا وبشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، لذلك كله أعاد القرآن تشكيل السؤال، وللأمانة ذكر السؤال الخاطئ وبعده الجواب الصحيح،
(يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)

ومثله أمر المحيض، ومثله أمر الخسوف...

أما من علامات غضب الله تعالى على عباده في الإسلام هو أن يذوقوا العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر، لأنهم أمة مرحومة، تهذب بالبلاء وتشذب بالعذاب الأصغر حتى ترجع إلى ما كلفت به في حجة الوداع، حين كلفها الحبيب المصطفى قبل وفاته، فداه أبي وأمي، أن تحمل الرسالة العالمية للعالمين، وبين لها الطريقة، وشرح لها المسير، ووضع لها الضوابط، ثم اختار الرفيق الأعلى ومضى فقيدا سعيدا صلوات ربي وسلامه عليه وآله الطيبين الطاهرين...

ووظيفة البلاغ هي قدر الأمة، تقبل عليها اختيارا أو تتركها فيضطرها الله تعالى لذلك اضطرارا، لا تفنى كأمة ولا تترك دينها، ولا تغيره ولا تبدل كتبه، تحمله فيحملها، فتسير فوق الناس محلقة هادية دالة على الخير، أو تتركه فيتركها فتهوى كمن هوى من جبل لواد سحيق، فتدوسها أرجل الأرذال وتنالها أيد لم تكن لتمتد لعزها إلا متسولة عطاء أو كساء أو دواء أو مأوى..

الأمم تسير في سنن دولاب عظيم، يدور ويعود لموضع، ولعلنا اليوم في سفل الدولاب تحت الأمم، ويوشك الدولاب أن يدور فيصبح الأعلى أدني والأدنى أعلى، ويطير المرجفون في الأرض بأراجيفهم لغيرنا، فليس لهم من الأمر نصيب غير وضع العصي في الدولاب طامعين بإيقافه، وسيبقى دائرا أبدا حتى يأمر الله فينفخ في الصور صاحبه وينقر في الناقور وتقوم الناس تباعا لرب العالمين، فمحسن يجزى خيرا ومسيء يلقى عمله، وأمة تقف تقدم حسابا كأمة، فمحسنة أو مخسة، مقصرة أو ملبية، وأرجو من الله أن يتجاوز عن تقصيرنا يومئذ بما ابتلانا به في يومنا هذا، فهو أعدل أن يجمع جزائين على ذنب واحد.

---

ومن علامات الغضب أيضا أن تهلك الوعول وتظهر التحوت، ويتحدث في الناس عدلي وأضرابه، ويصير من لم يكن يؤبه بمثله عالما معلما، ويطير من لا توزن الجبال بعلمه خوفا على دينه إلى أطراف الأرض يطلب النجاة بدينه، ويكذب الصادق ويصدق الكاذب، ويؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ثم يتطاول البلاء بالناس حتى يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا، ومن عظيم البلاء أن يرتقي السخيف إلى الشريف فيقرنان معا ويذكرا في أمر واحد، فيظن من لا يعرف الأمر أن لهما ببعضهما شبها، فيترك الشريف كثيرا من حقه صدقة وترفعا حتى لا يفقد رفعة المكان أو يجلب إليه من لا ينبغي له الرقي...

اللهم عجل بالفرج، وأظهر الأمر الذي وعدتنا على رسلك، وبارك لنا في أخرانا كما باركت في أولانا، وأظهر ما نحن ننتظر، وأذهب الهم والغم والحزن، ولا تخزنا في الحياة الدنيا وثبتنا يوم يقوم الأشهاد واقبل شهادتنا* في الدنيا والآخرة وآتنا العافية.


*شهادة التي فاعلها شاهد... وليست المأخوذة من الصفة المشبهة شهيد، فتلك منزلة سامية أفسد فهمها وخلط به غير من لا يعرف قدره.. ومعرض الكلام يتسوجب الشاهد وليس الشهيد..