{myadvertisements[zone_1]}
التفسير التجزيئي والتفسير التوحيدي للقرآن الكريم
محمد حسين الناجي غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 4
الانضمام: Sep 2010
مشاركة: #2
RE: التفسير التجزيئي والتفسير التوحيدي للقرآن الكريم
[color=#006400]نظرية تجزئة القرآن تصحيح لجميع المناهج التفسيرية للقرآن

--------------------------------------------------------------------------------

نظرية تجزئة القرآن الحلقة الأولى

بدءاً نقول إن الباحث لكي يستطيع أن يجني ثمار هذه النظرية التي تطرح كبديل للنظريات والمدارس التفسيرية السائدة ، عليه أن يتجرد من العبودية لأساسيات النظرية القديمة ولا يستسلم لنزعة التحجر للأسماء وينظر بعين الحيادية ، أما إذا درس هذه النظرية وهو قد أعطى حكماً مسبقاً عليها فننصحه بعدم الإطلاع عليها .
وفي اعتقادي ( ان الذي يطلع على هذه النظرية يجد فيها أداة الحسم والكلمة الفصل للكثير من الجدل والتناقض الذي وقع فيه عموم المفسرين عند تفسيرهم لآيات عديدة , كما إنها تعتبر المفتاح للعديد من خزائن كنوز المصحف الشريف التي بفتحها يستطيع الباحث الوصول لبعض الأسرار الإلهية التي حفظها المولى تبارك وتعالى في كتابه المنزل .
وتستند هذه النظرية على ربط القرآن بالقرآن وشهادة الكتاب بعضه لبعض ، كيف لا وهو {الْكِتَابِ الْمُبِينِ} و{آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ} ، كما وتستدل النظرية بروايات النبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) . وتتلخص هذه النظرية في إن القرآن ليس كتاباً واحداً – بالمعنى الموضوعي أو المادي – وإنما هو عبارة عن عدة كتب ، أختص كل كتاب منها بموضوع خاص به ) .
وأما تفاصيل وأدلة هذه النظرية فسنتعرض لها بعونه تعالى .

القرآن والكتاب

قبل البدء بتفاصيل النظرية ، نحاول إيضاح العلاقة التي تربط بين لفظ (القرآن) ولفظ ( الكتاب) ، إذ إن الفكرة المترسخة عند عامة المشتغلين بعلوم القرآن إن لفظ (الكتاب) يعني (القرآن) وهذه الفكرة وإن كان فيها جانب من الصحة إلا إن الأخذ بها في كل حال سيضعنا إمام إشكالات منها ما ذكرناه سابقاً ومنها ما لم نذكره .
فعلاوة على ما ذكرنا سابقاً نضيف إن لفظ (الكتاب) غالباً ما يشار إليه في كلام الله تعالى ، بقوله { ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } البقرة 2.
بمعنى إن الإشارة إليه تكون بالإشارة إلى البعيد وقليلة هي الموارد التي يشار فيها إلى (الكتاب) بالقريب ، مثل {وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً}- الأحقاف12
بينما لا تكون الإشارة إلى ( القرآن ) إلا بالقريب مثل قوله تعالى {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القرآن عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } الحشر21.
وقوله تعالى { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً }- الإسراء89.
وقوله تعالى { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القرآن لأُنذِرَكُم بِهِ } الأنعام19.
لذا فلا يصح أن نقول إن البعيد هو نفسه القريب ولو من باب الاختلاف في المقامات .
ثم إن مادة (الكتاب) هي الفعل (كتب) ومادة (القرآن) هي الفعل (قرأ) فيكون (الكتاب) هو الحاوي لآيات الله حسب مقاماتها ، وهذا يقودنا إلى ( الكتاب التدويني ) الذي يمثل الظرف الحاوي على آيات الوحي المنزل على رُسل الله (صلوات الله عليهم أجمعين) والى (الكتاب التكويني) الذي يمثل هذا الكون الحاوي على آيات الخلق الافاقي والى (الكتاب الإنساني ) الذي يمثل آيات الله في خلق الإنسان .
قال تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } فصلت53.
فيكون التعريف الجامع لكل ما سبق إن الكتاب هو الظرف الحاوي على الآيات . أما ( القرآن ) فإنه مشتق من فعل (قرأ) قال تعالى {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } القيامة 17، 18.
وأما مجيئه بهذه الهيئة (قران) على وزن (فعلان) للدلالة على ( ما يقرأ في كل آن ).
وهنا تتضح العلاقة بين الكتاب والقرآن ، وهي علاقة العموم والخصوص . فالكتاب يعني القرآن ويعني غير القرآن . بينما لا يكون القرآن إلا من الكتاب .
وعلى هذا نستطيع أن نذكر ما تشير إليه الآية المباركة {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } الحجر1.
فطبقاً لما قدمناه لا يمكن تفسير (الكتاب) في الآية المباركة بأنها تعني (القرآن) فإنه سيكون من اللغو الذي لا مبرر له في تكرار لفظ (قران) في الآية ، سبحان الله عن ذلك.
إن أول خطوة في ما أسميناه (نظرية تجزئة القرآن) تنطلق من الفهم الصحيح لمعنى الآية الواردة في سورة البينة وهي قوله تعالى {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}- البينة2، 3.
ولقد أوردنا ما ذهب إليه المفسرون في سبب الإتيان بصيغة الجمع وما فيها من تهافت فقد عجز أرباب التفاسير عن تفسير هذه الآية الشريفة وشرحها بالوجه الصحيح فقد اضطروا إلى البحث عن معاني مجازية بعيدة كل البعد عن الحقيقة ليسحبوا الآية إلى حدود فهمهم .
وأما المعنى المناسب فهو الإقرار بما تصرح به الآية وهو احتواء هذه الصحف المطهرة وهي القرآن على كتب متعددة يبينها القرآن في مواضع متعددة ، سنشير إليها إن شاء الله ، فكما هو معروف من إن لفظ (كتب) يدل على مجموعة من الكتب وليس كتاباً واحداً .
وهذا لا يعني إن كل كتاب من هذه الكتب هو كيان منفصل عن غيره من الكتب انفصالاً يجعله لا يمت إليها بصلة ، بل هو يعني تقرير حالة من التخصص تجعل كل كتاب يضطلع بدوره عن غيره .
إن نظرية تجزئة القرآن تعني بمقتضى ما توصلنا إليه من تتبع آيات القرآن والتدبر فيها ، ان كتاب الله المنزل على نبيه المرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) هو حاوي على أكثر من قرآن وأكثر من كتاب يجمعها كلها المصحف الشريف .
فهو – الكتاب الجامع – يحتوي على (قران كريم وكتاب كريم و قران مجيد وكتاب مجيد وقران حكيم وكتاب حكيم والفرقان وكتاب الذكر وكتاب المثاني وكتاب المحكم وكتاب المتشابه ، ولكل قران وكتاب من هذه الكتب خصوصية تميزه عن غيره .
فالقرآن الكريم يمتاز بصفة الكرم ويحتوي الآيات التي تمتلك هذه الصفة ، والقرآن المجيد يمتاز بصفة المجد والقهر الرباني والغلبة الإلهية ويحتوي آيات العزة والغلبة ، والقرآن الحكيم يحتوي آيات الحكمة وهو موجود في الكتاب الحكيم ، وكذلك الفرقان ، وكتاب الذكر ، وكتاب المثاني ، والمحكم ، والمتشابه وغيرها .
ورب سائل يسأل :
ما هو الدليل على صحة هذه النظرية ؟! .
فنقول إن القرآن أما أن يكون متجزئاً بالمعنى الذي أوردته النظرية أو لا ، وليس هنالك قسم ثالث ، فإذا ثبت صحة أحدهما انتفى القسم الآخر.
وفي مقام إيراد الأدلة المناسبة لإثبات ما ذهبت إليه النظرية نذكر مجموعة من الآيات التي توضح وتثبت المطلب :-

1- قوله تعالى {ص وَالقرآن ذِي الذِّكْرِ } ص1.
وهذه الآية تثبت إن من القرآن جزء مختص بالذكر اقتضى تسمية هذا الجزء به وجيء بالحرف النوارني (ص) لارتباطه وعلاقته بالذكر .
2- قوله تعالى {ق وَالقرآن الْمَجِيدِ } ق1.
وهي كسابقتها تحدد جزء من القرآن سمّته (القرآن المجيد) اختص بأخبار وقصص البطش والغلبة الإلهية على الأمم السالفة لاحظ قوله تعالى في نفس السورة {فَذَكِّرْ بِالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ} ق45.
وقال تعالى {اِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} . ثم قال تعالى {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} البروج12-21.
3- قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} البقرة 185
واضح من هذه الآية ان الفرقان جزء من القرآن وليس كل الكتاب قال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ } الأنبياء48.
4- قوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}- آل عمران7.
وفي هذه الآية دلالة واضحة على إن في القرآن كتاب يسمى (المحكم) وآخر يسمى (المتشابه) لكل منهما خصائصه .
5- قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالقرآن الْعَظِيمَ } الحجر87.
تفصل هذه الآية بين (كتاب المثاني) الذي منه فاتحة الكتاب وبين (القرآن العظيم) .
وأما ما ورد عن ثقل القرآن بيت العصمة (صلوات الله عليهم) من الأخبار الصحيحة التي يمكن الاستشهاد بها على صحة مضمون النظرية فمنها :-
أ- ما ورد عن محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن سنان أو عن غيره ممن ذكره قال : سألت أبا عبد الله عن القرآن والفرقان أهمها شيئان أو شيء واحد فقال (عليه السلام) : (القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به) الكافي ج2 ص620 باب النوادر.
وكذلك عن أبي عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن والفرقان فقال : ( القرآن جملة الكتاب وأخبار ما يكون والفرقان المحكم الذي يعمل به وكل محكم فهو فرقان ) تفسير العياشي ، بحار الأنوار ج89 ص15.
ب- وما ورد في دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة :
( يا الهي واله آبائي .. إلى أن قال .. واله المنتجبين ، ومنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، ومنزل كهيعص وطه ويس والقرآن الحكيم ) إقبال الأعمال ج2 ص80.
ج- وقال الإمام زين العابدين وإمام الساجدين علي بن الحسين (عليه السلام) في دعاءه عند ختم القرآن :
( ... وفرقاناً فرقت به بين حلالك وحرامك ... ) .
وقال : ( فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته ويفزع إلى الإقرار بمتشابهه وموضحات بيناته )( ).
ومن النصوص التي ذكرناها يتضح إن الفرقان جزء من القرآن مختص بالحلال والحرام كما في الفقرة (1) وما في الفقرة (ج) . وان الفرقان هو غير القرآن الحكيم كما في الفقرة (ج) .
ونخرج من هاتين المجموعتين نتيجة مفادها صحة مضمون نظرية تجزئة القرآن التي تضمن إيضاح معالم العديد من الآيات القرآنية التي يكون ظاهرها متناقضاً حسب النظريات التفسيرية التقليدية التي دأب عليها المفسرون .
وتشكل انعطافة قيمة في مسيرة تفسير القرآن ، وتضطلع بما عجز عن حل ما أشكل من الألفاظ القرآنية التي صنف فيها المفسرون وأطلقوا عليها (غريب القرآن) أو ( مشكل القرآن) وغيرها .
وستتضح معالم هذه النظرية كلما سرنا قدماً في هذا الكتاب .
نقلا من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني

يتبع
[/color]

الحلقة الثانية نظرية تجزئة القرآن - القرآن الكريم

--------------------------------------------------------------------------------



القـــرآن الكـــريم

بعد أن عرفنا الإطار العام لنظرية تجزئة القرآن وعرفنا إن القرآن يحتوي على عدة كتب يمتاز كل منها بوصف خاص به ويؤدي وظيفة تكفل بها ، وبعد أن بينا بعضاً من آراء المفسرين والغموض الذي يكتنف نظرتهم إلى الكثير من الآيات القرآنية ، نشرع بعون الله وتوفيقه في ذكر مفردات هذه الكتب والتفصيل ما أمكننا في كل كتاب .
قال تعالى في كتابه { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } الواقعة 77- 79.
فما هذا القرآن الذي وصفه الله تعالى في هذه الآية بأنه (قران كريم) ؟ .
طبعاً اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية لأن كل منهم ينظر بعين تختلف عن عين الآخر ويفكر بعقل غير عقل الآخرين .
فلما اعتمد المفسرون على الظن والعقل كانت النتيجة هذا الاختلاف ، وإمامنا الصادق (عليه السلام) يقول : ( إن ابعد شيء عن كتاب الله العقل) بحار الأنوار ج2 ص303.
ومثله قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( دين الله لا يصاب بعقول الرجال) أوائل المقالات ص228.
وينعت ألائمة (عليهم السلام) الذي يفسر القرآن برأيه بالكفر بقولهم : ( من فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر ) وسائل الشيعة ج27 ص204.
أما إذا كان التفسير قائماً على المعرفة الإلهية وعلوم أهل البيت (عليه السلام) وشهادة القرآن بعضه لبعض ، إذ إن القرآن بعضه يفسر بعض ، فإنه حتماً يصيب الحقيقة ويكشف السر .
يقول أهل التفسير إن المقصود بالقرآن الكريم هو كل القرآن أو المصحف الشريف ، وجميع آيات الكتاب ، وإذا كان كذلك فبماذا يفسرون قوله تعالى { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } علماً إن الكتاب من ناحية التفسير والتأويل قد مسه غير المطهرين وان بعض الفقهاء والمفسرين قام بتفسير القرآن وهناك من قام بتأويل القرآن .
إذن فالمقصود هو إن القرآن لا يعلم حقيقته وتأويله إلا المطهرون . وبعد البحث وربط القرآن بالقرآن وشهادة الكتاب بعضه لبعض وتصديق الروايات المعصومية لآياته ثبت إن المقصود بالقرآن الكريم الذي لا يمسه إلا المطهرون هو البسملة فقط وليس كل القرآن .
وحسب الربط المعادلاتي القائم على ربط القرآن بالقرآن وهذا يكون على ثلاث مراحل هي :

المرحلة الأولى :
إثبات إن البسملة قرآن
وقد قلنا في ما سبق إن لفظ ( قرآن ) يعني ما يقرأ في كل آن والبسملة أصدق ما يتصف بهذه الصفة كيف لا وأئمة الهدى (عليهم السلام) قد ندبوا إلى قرأتها على كل حال ، وأمروا شيعتهم بتصدر كل فعل أو قول بها ، ووصفهم أي عمل أو قول لم يبدأ بها بأنه ( أبتر ) .
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، أحق ما جهر به ، وهي الآية التي قال الله عز وجل { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } ) بحار الأنوار ج82 ص51.
فأتضح من هذه الرواية أن البسملة هي الآية الموصوفة بأنها ( القرآن ) حيث قال في الآية { َإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآن ِ} أي البسملة وعلى هذا ثبت إن البسملة قرآن .

المرحلة الثانية :
إثبات وصف ( كريم ) للبسملة
قال تعالى حكاية عن بلقيس {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} النمل 35،36 .
حيث وصفت الآية الكتاب بأنه كريم وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ، إذن فالبسملة هي الكتاب الكريم .
ورد في الرواية الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام) وصف البسملة بأنها آية في القرآن ، حيث جاء عن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وروي أيضاً عن الباقر (عليه السلام) : (سرقوا أكرم آية في كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم وينبغي الإتيان به عند افتتاح كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه) تفسير الميزان المجلد الأول ص15.
والمعروف إن لفظ أكرم فيها الكريم وزيادة ، ومن المعلوم إن لفظ أكرم هو صيغة مبالغة في الكرم والكريم يقال فلان أكرم من فلان فهو كريم ، وعليه تثبت ان البسملة تتصف بصفة الكرم .
وبحسب الربط الثلاثي القائم على الشبه بين ( الكتاب التكويني – الكون ) و ( الكتاب التدويني – القرآن ) و (الكتاب الإنساني – الإنسان) الذي سوف يتم الكشف عنه ، حيث خلق الله جل وعلا كل كتاب على سنخ الآخر إنما الاختلاف في المتعلق والعالم والظرف والزمان .
ومن الثابت إن البسملة بداية الكتاب التدويني (القرآن) والذي يكون محلها في الكتاب الإنساني (الإنسان) هو الرأس ومن المعلوم إن كرامة الإنسان في رأسه وانه يوصف بالذُل ، وبذل ماء الوجه إذا كان مطأطأ الرأس وإليه الإشارة في قوله تعالى مخاطباً المتكبرين حالة الذل التي يلاقونها في العذاب {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } الدخان48.
وقد ورد عن أمير المؤمنين ما يشتمل على هذا المعنى وهو قوله ( عليه السلام) : ( إن كل ما في القرآن قد أنطوى في أم الكتاب وكل ما في أم الكتاب قد انطوى في البسملة وكل ما في البسملة قد انطوى في الباء وكل ما في الباء قد انطوى في النقطة التي تحت الباء وأنا النقطة ) الفضائل والرذائل ص106.
من هذه الرواية المشهورة نلمس إن مصدر الإفاضة على أم الكتاب هي البسملة وهذه الإفاضة تعطيها صفة الكرامة ، فهي أصل القرآن ومصدره .

المرحلة الثالثة :
من الجمع بين ما حصلنا عليه في المرحلة الأولى ، مع ما حصلنا عليه في المرحلة الثانية ، حيث ثبت في أولاً إن البسملة قرآن ، وثبت ثانياً ان البسملة كريم فالنتيجة ان البسملة قرآن كريم .
ولما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع البسملة (القرآن الكريم) في أول كتابه ليفيض عليها ومنها يصل إلى الجميع فإنه لا بد أن يكون هذا الفيض نازلاً على من يتمتع بصفة الكرم لكي يفيض هو أيضاً بما استقبله من فيض على الآخرين ولكي لا يبخل حتى باليسير على غيره .
ولما كانت البسملة هي أول من استقبل الفيض الإلهي فهي إذن القرآن الكريم وهي التي تتصف بصفة الكرم لذا فإن الله سبحانه وتعالى قد افتتح بها كلامه في القرآن ، فهي الباب لكل سورة .
ولما كان الله هو مصدر الفيض والعطاء والكرم وهو الحفيظ على الإنسان من خلال كلامه سبحانه وتعالى في كتابه ( المصحف الشريف ) .
والمعلوم إن المولى تقدست آلاءه يريد لهذا الفيض أن يستمر ويبقى ويصل إلى الجميع فإنه لابد أن يكون هذا الفيض النازل على من يتمتع بصفة الكريم لكي يفيض هو أيضاً بما استقبله من فيض على الآخرين ، ولكي لا يبخل حتى باليسير على عبده .
واليه الإشارة في الخبر المروي في عيون أخبار الرضا عن رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم تسليما) : قال الله عز وجل : .. إلى أن قال .. فإذا قال العبد : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قال الله جل جلاله : بدأ عبدي باسمي وحق علي أن اتمم له أموره وأبارك له في أمواله ). وهل إتمام الأمر وزيادة البركة إلا من صفة الكريم .
وفي عيون أخبار الرضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( إن بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب وهي سبع آيات تمامها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ) وسائل الشيعة ج6 ص59.
وعنه (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال : ( ... وان فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش ، وإن الله عز وجل خص محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وشرفه بها ولم يشرك معه فيها أحداً من أنبياءه ما خلا سليمان (عليه السلام) فإنه أعطاه منها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يحكي عن بلقيس حين قالت { قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }.. الخبر ) مستدرك الوسائل ج4 ص328.
وفي الكافي والتوحيد والمعاني والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال : (الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله – وفي رواية ملك الله- والله اله كل شيء الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة) الكافي ج1 ص141.
فأول تجلٍ لله في محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ومنه أفاض التجليات والموجودات الأخرى .
وأول تجلٍ هو النقطة ومن النقطة أفاض الباء ومن الباء أفاض البسملة ومن البسملة أفاض القرآن .
وكما ورد في الحديث : ( العلم نقطة كثرها الجاهلون) - الصراط المستقيم ج1 ص181.
فمن النقطة تكوّنت الحروف ومن الحروف تكوّنت الألفاظ ومن الألفاظ تكوّن الكلام . فلو طوي الكلام في الألفاظ ثم طويت الألفاظ في الحروف ثم طويت الحروف لكانت النتيجة نقطة .

النقطة ونور الله

قلنا إن النقطة هي مصدر الفيض الإلهي ومنها انبثق الوجود ، وللنقطة ظاهر وباطن ، فظاهرها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وباطنها علي (عليه السلام) .
لذلك فقد أسندت الرسالة من قبل المولى تبارك وتعالى لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إذ اصطفاه واختاره رسولاً وخاتماًَ للأنبياء وأعطاه التنزيل وفضله على النبيين وبه ختم الشرائع والرسالات وخص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام) بالإمامة التي هي باطن الرسالة وأعطاه التأويل الذي هو باطن التنزيل .
فالتأويل مرتبط بعلي أمير المؤمنين (عليه السلام). فقد جاء عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لعلي (عليه السلام) : ( يا علي قاتلت على التنزيل وتقاتل من بعدي على التأويل ) كشف اليقين ص366 .
إن علاقة علي (عليه السلام) بالنقطة علاقة حميمة لا تنفك أبداً . فعلي هو النقطة كما جاء في الرواية الواردة عنه : ( إن جميع أسرار الكتب السماوية هي في القرآن وجميع ما في القرآن هي في الفاتحة وجميع ما في الفاتحة هو في البسملة وجميع ما في البسملة هو في الباء وجميع ما في الباء في النقطة التي تحت الباء وأنا النقطة التي تحت الباء ) - ينابيع المودة.
ومن المؤيدات لذلك عدة أمور :
1- إن ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) في بطن الكعبة الذي هو المحور والمركز والنقطة بالنسبة للكون ، وله عدة دلالات منها إن علياً (عليه السلام) قد اختص بعلم التأويل والباطن فإن لولادته في باطن الكعبة إشارة إلى ذلك المعنى .
إن مركز الكون (الكتاب التكويني) هو الكعبة المشرفة التي هي نقطة الكون لذا فإن الهداية قد جاءت من الكعبة عن طريق إبراهيم ( عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وباطن الهداية هو علي (عليه السلام) لأن علي (عليه السلام) هو من ولد في باطن الكعبة .
قال تعالى {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } الرعد 7
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( أنا المنذر وعلي الهادي ) بحار الأنوار ج9 ص106.
2- إن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) وسائل الشيعة ج27 ص34 ، إنما يعود ذلك لكون علي (عليه السلام) هو باطن النقطة.
كما روي عنه (عليه السلام) : (أنا النقطة التي تحت الباء).
فالنقطة هي أصل الخلق ، وأصل العلم ، وأصل الرحمة ، وأصل الوجود ، وأصل الهداية .
فإن أصل العلم من القرآن ، والعلم كله في القرآن ، والقرآن مدينة ، وبابها النقطة والنقطة هي علي (عليه السلام) فعلي باب تلك المدينة التي هي القرآن والتي هي الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
يتبع

منقول من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني






الحلقة الثالثة - نظرية تجزئة القرآن - القـرآن المجـيد (الكتاب العـزيز)

--------------------------------------------------------------------------------

القـرآن المجـيد (الكتاب العـزيز)

ورد ذكر القرآن المجيد مرتين في الكتاب ، أولاهما في قوله تعالى :
{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} سورة البروج 12- 22 .
ولو تأملنا ملياً في هذه الآيات المباركة من سورة البروج للاحظنا إن هذه الآيات تتحدث عن مجد الله تعالى وبطشه ، وقد ذكر فيها المولى جل وعلا العرش المجيد ، والعرش المجيد هو أحد أركان العرش الثلاثة – سنعرض لها في عنوان منفصل – وذكر أيضاً تقدست أسماءه القرآن المجيد ، والقرآن المجيد يرتبط ذكره دائماً بالعذاب والبطش الإلهي الذي ينزل بالأمم الماضية التي عتت عن أمر ربها فأخذها أخذ عزيز مقتدر .
وذكر الله عز وجل إن القرآن المجيد هو في اللوح المحفوظ ، ويمكننا القول إن القرآن المجيد مرتبط دائماً بذكر الأمم السالفة وهو يحكي عن العزة والغلبة لله الواحد القهار .
وأما المورد الثاني الذي ذكر فيه القرآن المجيد فهو في سورة (ق) إذ قال تعالى {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}.
ففي هذه السورة يقص الله خبر الأمم السالفة وتكذيبها للرسل وإنزال القصاص بها قال تعالى :
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوط وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} سورة ق 12-14.
وقوله تعالى {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ} ق36.
فالسورة تذكر عدة أقوام من الأمم الماضية وكيف قهرها الله تعالى وبطش بها .
كما أن السورة تشير إلى سر من أسرار الله تعالى ألا وهو سر (قاف) المرتبط بالقرآن المجيد ، وفي هذه السورة بالتحديد ذكر الحرف (قاف) ، إذ تكرر ورود الحرف (قاف) في ألفاظ السورة (57) مرة ، وهذا التكرار له مدلولاته إذ هو من مضاعفات العدد (19) حيث 57 = 3×19 والعدد (19) مرتبط بأسرار القرآن ارتباطاً وثيقاً ، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } المدثر30، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى فقد وردت أحاديث كثيرة عن أهل بيت الرسالة تصف قاف وصفاً ينم عن دور لهذا السر في قضية البطش والغضب الإلهي .
ففي الدر المنثور لمحيي الدين الطبري عن ابن عباس قال : (خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحراً محيطاً بها ثم خلق من وراء ذلك جبلاً يقال له ق والسماء الدنيا ترفرف عليه).
وفيه أخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو الشيخ والحاكم عن عبد الله بن بريدة في قوله تعالى ( ق) قال : جبل من زمرد محيط بالدنيا عليه كتفا السماء تفسير الثعلبي ج9 ص92.
وفيه أيضاً عن ابن عباس قال : (خلق الله جبلاً يقال له ق محيط بالعالم وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض فإذا أراد الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فحرك العرق الذي يلي تلك القرية فيزلزلها ويحركها فمن ثم تحرك القرية دون القرية ) تفسير الميزان المجلد التاسع ص323.
وتجدر الإشارة هنا إلى ما ورد في دعاء السمات المعروف : (وبمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران عليه السلام على قبة الرمان وبآياتك التي وقعت على ارض مصر بمجد العزة والغلبة بآيات عزيزة ).
والقرآن المجيد هو في الكتاب العزيز وبهذا يثبت لنا إن القرآن المجيد ( الكتاب العزيز) مرتبط دائماً بذكر الأمم السابقة ويحكي عن العزة والغلبة لله الواحد القهار .

العرش في القرآن
ذكر المولى تبارك وتعالى لفظة العرش مع وجود صفات مختلفة له في ثلاث مواضع من القرآن وبثلاث صيغ وهي قوله تعالى :
{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} التوبة129 .
وقوله تعالى { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد ُ} البروج 14، 15.
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } المؤمنون116.
وقد لاحظنا ارتباط القرآن المجيد بالعرش المجيد ، وهذا يقودنا إلى التسليم بارتباط القرآن العظيم بالعرش العظيم والقرآن الكريم بالعرش الكريم . فما هي صفة الارتباط هذا ؟
ذكرنا سابقاً ما ورد عن أبي إمامة الباهلي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال : ( أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش ولم يؤتها نبي كان قبلي ) بحار الأنوار ج19.
فيتضح إن ( آية الكرسي ) التي هي ( القرآن العظيم ) هي من العرش العظيم – أحد قوائم العرش ومن هنا نعرف إن القرآن الكريم من العرش الكريم والقرآن المجيد من العرش المجيد .
وهذا النظام الثلاثي هو سر من أسرار الله تعالى ، التي لم تدرك الأمم التي نزلت عليها الرسالات حقيقتها فذهبت في غير الوجهة التي أرادها الله .
فجعلوا منها : ( أباً ، وأبناً ، وروح القدس ) حقيقة الأمر إن هذا المثلث مغلق لا يمكن التعرف عليه ، ولا يوجد لدينا شيء مغلق تحدث عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) غير هذا الحديث وهو مغلق أيضاً وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت ولا يعرفني إلا الله وأنت ولا يعرفك إلا الله وأنا ) تأويل الآيات ص143.
وإذا كان كل ما خامر العقول عن الله فالله غيره ، فإن محمداً ( صلى الله عليه واله وسلم تسليما) هو أول تجلٍ من تجليات الله وهكذا نزولاً ، واليه يشير الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله : ( نحن والله الأسماء الحسنى ) الكافي ج1 143.
ولقد قال تعالى في كتابه {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } الكافي ج1 143.
فيكون تجلي الله سبحانه في محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) هو المقصود في قوله : ( هو الله ) .
ثم إن المقصود بقوله ( هو الرحمن ) أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان رحمة من الله ووسع في رحمته المؤمن والكافر ، ويكون هذا في الحياة الدنيا إذ لا رحمة للكافر في دار الآخرة فتكون هذه الرحمة عالية ومنقطعة .
وأما قوله تعالى (الرحيم) فهي الرحمة الخاصة الدائمة التي تختص بالمؤمنين وتدوم معهم إلى يوم القيامة وتمثلها الزهراء (صلوات الله عليها).
حيث ورد في الحديث : (إنها (عليها السلام) تلتقط شيعتها من النار كما يلتقط الطير الحب الجيد من الرديء ) كما جاء في الأخبار والروايات .
إذن فيكون انطباق قوائم العرش الثلاثة هم محمد وعلي وفاطمة ( سلام الله عليهم ) وبين هؤلاء الثلاثة يحتجب الله تعالى عن خلقه .
.















(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-25-2010, 08:25 PM بواسطة محمد حسين الناجي.)
09-25-2010, 08:13 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: التفسير التجزيئي والتفسير التوحيدي للقرآن الكريم - بواسطة محمد حسين الناجي - 09-25-2010, 08:13 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أبو حيان التوحيدي المختلف عليه فارس اللواء 2 899 09-13-2012, 05:28 PM
آخر رد: فارس اللواء
  أقدم نسخة للقرآن فى العالم موجودة في روسيا واليمن !؟ الفكر الحر 1 882 05-17-2012, 02:54 PM
آخر رد: JOHN DECA
  منهج الحوار في القرآن الكريم فارس اللواء 12 2,585 02-23-2012, 10:32 PM
آخر رد: فارس اللواء
  الإعجاز في تحريف القرأن الكريم تمهيد مؤمن مصلح 117 29,970 11-16-2011, 10:51 PM
آخر رد: الفكر الحر
  تفسيرالقرآن الكريم والحقيقة العلمية السيد مهدي الحسيني 4 1,811 11-12-2011, 01:54 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS