{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
محمود أمين العالم.. رائد المدرسة الواقعية في النقد الأدبي
هاله غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,810
الانضمام: Jun 2006
مشاركة: #2
RE: محمود أمين العالم.. رائد المدرسة الواقعية في النقد الأدبي
العلاقة بين الأدب والفن:

يقول العالم: (في تراثنا الفكري الراهن يفرَّق بين الأدب والفن تفرقة تقوم على أساس أن الأدب مادته المعاني، وأن الفن مادته الصور، سمعية كانت هذه الصور أم بصرية).
ولكن هذه التفرقة في رأيه على غير أساس: (ذلك أن الأدب إنما يقوم بالصور بقدر ما يقوم بالمعاني، بل إن الصورة في العمل الأدبي هي التي تسويه أدباً. والفارق بين بحث فلسفي وعمل أدبي ليس فارقاً بين نوعين من المعاني، لأن المعاني إنسانية، كلها سواء، ولكنه فارق في منهج بذل هذه المعاني، وسبيل الإفضاء بها. فالمعنى الجامد في الأدب، المبذول في شبه موعظة أو حكمة متحجرة، أو سرد تحليلي ليس معنى أدبياً، ذلك لأن المعنى الأدبي معنى مصوّر أساساً، معنى معروض عرضاً حسياً. فالمعنى في الشعر ميت ما لم تبعثه صورة، والفكرة في القصة جامدة ما لم يوقظها حدث، وأبلغ الأدب ما رفّت معانيه وأفكاره بالحركة، وضاءت بالعلاقات الحسية).
إن الأدب والفن كما يراهما العالم (سواء بسواء، يعبران عن المعاني والدلالات تعبيراً مصوراً. وهما بهذا عملية إبداعية واحدة، يستوي في هذا الشعر، والقصة والتمثيلية الإذاعية، والتمثيلية المسرحية والسناريو والتمثال والرقص، وغير ذلك من مختلف التعابير الفنية والأدبية جميعاً).
ويضيف قائلاً: (والحق أن الفن والأدب سواء بسواء، بناء متراكب، متآلف العناصر، متكامل الأنحاء والزوايا، يعلو ويسف من حيث المرتبة بمقدار ما تنبض أو تجف فيه هذه السمات، والأدب والفن كذلك تعبيران عن حياتنا الاجتماعية، يستمدان الدلالة منها، ومن مواقف الأديب والفنان، من أحداثها وقيمها. ولكن الفنون تتفاوت في درجة تماسكها الداخلي، وفي وضوح دلالتها الاجتماعية، فالموسيقا قد تكون أكثر الفنون تماسكاً عضوياً، وأبعدها عن الإفضاء المباشر عن معاني حياتنا، وقد تكون اللوحات السريالية أقل اللوحات الفنية حظاً من التماسك والوحدة العضوية، وأشدها وضوح دلالة، وقد تكون القصة أعنف من المقالة الأدبية حرصاً على وحدتها العضوية، وأبعد عن الإبانة المباشرة عن دلالتها. إلا أن هذه جميعاً مراتب ومستويات في ظاهرة واحدة، يشترك فيها الأدب والفن على السواء).
وهو يرى أن التعبير الأدبي يقوم بالسياق اللغوي لا بالكلمة وتتحقق القيمة الفنية للكلمة بموضعها من السياق، وبوظيفتها، لا بمعناها المعجمي. وبهذا تحتفظ الكلمة بنضارتها أبداً. وأن التفرقة التقليدية في العمل الأدبي بين الفكر والإحساس، بين المعنى والعاطفة، بين المدلول العقلي والعفوية والوجدانية، تفرقة ليست صحيحة على الإطلاق، فـ (في الأدب تتعانق المعاني والأحاسيس والأفكار والعواطف، وتتحقق معجزة العناق هذه بأصالة التجربة الإبداعية، وبروعة الصور الحسية المستخدمة في التعبير والإبانة، إلا أن قصوراً قد يصيب التعبير الأدبي، فتتخلخل تجربته، وتخفت رؤاه الحسية وتبرز معانيه كالحجارة المسنونة، وهذه ليست خصائص للأدب، بل أمراض تصيب تعابيره ولا تصلح سنداً للتفرقة بين الأدب والفن).
ويرى العالم أن الفن والأدب متلازمان، منذ النشأة الأولى لتاريخ النشاط البشري: (فهكذا نشأ الشعر والرقص والموسيقا نشأة واحدة، وهكذا تزامل التمثيل مع هذه الفنون على المسرح المصري القديم، والمسرح اليوناني القديم في تعبير فني واحد. ومع حركة التاريخ البشري ازدادت هذه الفنون تمايزاً، وازدادت في الوقت نفسه تداخلاً وتزاملاً على مستويات جديدة... وفي السينما والتلفزيون تلتقي هذه الفنون جميعاً لقاء جديداً على مستوى جديد كذلك من التعقيد والنضج والخصوبة. وليس هذا اللقاء... على حساب ذاتية فنّ من الفنون، فالسينما لا تقضي على ذاتية الأديب كما يقال أحياناً، ولا تقضي على ذاتية الرسام أو الموسيقي، بل إنها تتيح لهم أشكالاً جديدة للتعبير وأساليب مستحدثة للصياغة وللرؤية الفنية ونوافذ جديدة يطلون منها على دنيا الناس).
ولا تقتصر العلاقة بين الأدب والفن -في رأي العالم- على زمالة بين الكاتب والرسام في رسم كتاب، أو في إبداع خلفية لمشهد مسرحي، بل قد تصل إلى مستوى أشد وثوقاً، (فقد يقوم رامبو بتفسير حروف اللغة تفسيراً لونياً في قصيدته المشهورة، كما يقوم موسورجسكي بتفسير لوحات معرض من المعارض تفسيراً صوتياً بموسيقاه، كما يقوم والت ديزني على النقيض من موسورجسكي فيفسر الموسيقا تفسيراً لونياً في أفلامه العديدة، وهكذا تتداخل الأدوات والدلالات أحياناً، فالكلمة تصبح لوناً، واللون يصبح صوتاً).
ويتابع العالم تقصّيه للروابط الوثيقة بين الأدب والفن، فيقول: (إن بين الأدب والفن رابطة أشد وثوقاً كذلك من الزمالة والتداخل، تلك هي وحدة الظواهر المذهبية في الأدب والفن، فالأدب والفن سواء بسواء يستهدفان مذاهب واتجاهات جديدة).
ويرى العالم -إلى جانب وحدة الاتجاه في الأدب والفن، وإلى جانب التداخل والزمالة بينهما- أنهما (يتبادلان الخبرة ويستحدثان لبعضهما بعضاً أشكالاً تعبيرية جديدة. فالسينما استحدثت للأدب تعبيراً أدبياً جديداً هو السيناريو، كما استحدثت الإذاعة التمثيلية الإذاعية، وهكذا.
وفضلاً عن ذلك فإن تلاقي الأدب بالفنون الأخرى وتفاعله وتداخله معها يتيح للأدب قيماً تعبيرية جديدة. فالبناء الموسيقي يعمّق إحساس الأديب بالوحدة العضوية لأدبه، كما أن الإبداع الإذاعي يدفع بالأدب إلى مزيد من الاحتفال بالصورة المحسوسة وإلى التخفف من أثقال التعابير المطرزة، وإلى تطويع لغته، كما أن السينما تعلمه مناهج جديدة في التشكيل والتجسيد والاتصال). وهكذا.
ولا يقتصر الأمر -كما يرى العالم- على تطوير القيم الشكلية للأدب بتأثير الفنون الأخرى فـ (تمرّس الأديب بالأدوات الفنية الأخرى يفتح أمامه نوافذ أكثر رحابة من نافذة الكتاب، يطل منها على ملايين الناس، ويصبح بهذا أشدّ التصاقاً بهم. ومخاطبة الأديب للملايين والتصاقه بهم عن طريق السينما والإذاعة... يعني في الحقيقة ارتباط الأديب بمسؤولية أكبر إزاء الناس، وهذا بغير شكّ يعود على أدبه بالتطور والدفع والإنضاج، لا في حدود الصياغة التعبيرية فحسب، بل في القيم الإنسانية التي يبشّر بها أدبه كذلك).
هذه الظواهر التي عرضها لنا العالم - وحدة الاتجاه في الأدب والفن، والتزامل، وتبادل الخبرة بينهما- تمتد في رأيه إلى (أساس واحد هو أن الأدب والفن تعبيران عن الحياة وبناءان علويان لحركة المجتمع البشري، ولهذا فهما يقومان بوظيفة اجتماعية واحدة، فهما يعبران أولاً عن حركة الحياة وصراعاتها، وما يعتمل فيها من عوامل نكوص وتقدّم، وهما يعملان كذلك على تنظيم المشاعر الإنسانية وتوحيدها). كما أن الأدب والفن (أداة لدفع الحياة وإنضاج الخصائص القومية للأمة).
ولنا بعد هذا أن نتساءل: ما وجه الخلاف بين الأدب والفن؟ ما وجه التمايز بينهما؟ ويجيبنا العالم عن هذا فيقول: (إن التمايز بين الفنون جميعاً، من أدبية وتشكيلية وصوتية سينمائية وغيرها، إنما يتحقق فحسب بالأداة المستخدمة بالتعبير والتصوير. فالأدب يستعين بسياق اللغة، والموسيقا بالصوت والزمن، والنحت بالكتلة، وهكذا.
على أن هذا التمايز نفسه ليس تمايزاً مطلقاً، بل نجد بين الفنون جميعاً تداخلاً: فالشعر والموسيقا والرقص والتمثيل فنون متداخلة، والتمثيلية المسرحية تستعين بالموسيقا والرسم والتمثيل، والسينما تستعين بالفنون جميعاً لبناء عمل فني موحّد.. وهكذا، إلا أن لكل فن من الفنون تمايزه الذاتي، وأداته الخاصة للتعبير).

يتبع
09-27-2010, 10:36 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: محمود أمين العالم.. رائد المدرسة الواقعية في النقد الأدبي - بواسطة هاله - 09-27-2010, 10:36 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  القربان ..محمود درويش وفرج فوده .. لقاء الكلمة و المعنى . بهجت 1 1,025 07-26-2012, 01:23 PM
آخر رد: بهجت
  الرد الإخونجي على قصيدة محمود درويش thunder75 2 2,735 02-10-2011, 07:00 AM
آخر رد: أندروبوف
  للتاريخ: هذا ما قاله محمود درويش عشية انقلاب حماس الدموي في غزة طلال محمود 1 1,328 01-18-2011, 02:21 PM
آخر رد: الجواهري
  أزمة الضمير الأدبي احمد زكريا 4 1,521 10-31-2010, 06:08 PM
آخر رد: عادل نايف البعيني
  محمود درويش: قصائد غير منشورة العلماني 4 2,697 04-30-2009, 10:46 AM
آخر رد: ليلاء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS