(10-01-2010, 08:20 AM)أبو خليل كتب: (10-01-2010, 01:18 AM)لواء الدعوة كتب: قضية الفتنة بين الصحابة قضية شائكة ولا أحب الحديث بها لأنها تدمع العين وتفطر القلب ، وخصوصاً مقتل عثمان ومقتل الحسين رضي الله عنهما .
ولا أعلم ما فائدة فتح هذه المواضيع ونبشها بهذه الطريقة ؟ ماذا سنستفيد من ذلك ؟ وماذا سننتفع جراء هذا الفتح ؟
قد أتفهم إعادة كتابة تاريخ الفتنة بوجهات نظر مختلفة لإستخلاص الدرس والعبر _ رغم أني أعتبر الأمم التي تحترم نفسها وتنظر للمستقبل تنسى فتنها ولا تحب الخوض بها _ ولكن الشيعة لا ينظرون للأمر من هذا الجانب ، فهم بفتح هذا الباب يريدون إثبات مظلومية آل البيت ليس في عصر الأمويين فقط بل في عصر أبو بكر وعمر وعثمان ، ويسعون لإثبات عصمة الأئمة ، رغم أنهم يؤيدون توري الحكم للأئمة " وهم بذلك لا يختلفون عن الأمويين في قضية التوريث " بل إن اعمال العقل لن يكون له دور عندما يؤمن رجل بأن امامه وسيده معصوم من الله عزوجل .
أما الثورة الحسينية ، فهي ثورة ضد الظلم والطغيان ، ضد نقض أول عروة من عرى الإسلام كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي ملك للأمة جميعاً ، فلولا ثورة الحسين التي نبهت الأمر للتوريث وأبعدت كل شيء يتعلق بصحتها ، لانفض فعد الإسلام عروة عروة بدون أن يشعر أحد .
عزيزي لواء الدعوة, اوافقك على معظم ما تفضلت به, انا شخصيا اخوض في هكذا مواضيع من وجهة نظر أخذ العبر و تحليل ما حدث سياسيا و تاريخيا و اسقاطه على واقعنا اليوم, لا يهمنتي الامر من وجهة نظر دينية او ان اسب فلانا و غيرها...
يهمني ان احلل الموضوع من زاوية سياسية اجتماعية , حيث تجد اغلبية البشر تتخاذل امام القوي و تتملص من نصرة الحق ان خافت من بطش الظالمين, و كيف يتم اختراع التبريرات لذلك (حكم و مشيئة الله, الخروج على طاعة ولي الامر, التسبب في فتنة, جلب الضرر على النفس الخ...)
و كيف ان القلة التي تقرر المضي في النضال انما تفعل ذلك مع علمها انها ستهزم, لكن موقفها سيسجله التاريخ كانتصار في النهاية...
و كيف ان الاعيب السياسة و الدهاء تتغلب على الاستقامة و الاخلاق, و كيف ان وعاظ السلاطين يلوون عنق الحقيقة كرمى لبروباغدناهم....
ما حدث من 13 قرنا ليس حدثا و انتهى, بل نحن نعيش تبعاته لليوم, و لم نخرج من مسبباته لليوم.... خذ ما قاله اعلاه الزميل (اسلام) مثلا...
أي من شعوب العالم ترضى بأنظمتنا القمعية المشيخاتية العائلية الناهبة لثرواتنا و المتحالفة مع اعدائنا و رغم ذلك نجد المبررات لسكوتنا عنها بالقول (من يحمل السيف يقتل به؟)
مجرد بث الشعور بالخوف من الحاكم و تحميل مسؤولية الفتن و الدماء لمن يخرج على الظالمين و كل ذلك بغطاء ديني هو اجرام بحق التاريخ و بحق مستقبل الشعوب..
اسس الفكر الثوروي, و روح التمرد على الظلم, و نزعة الجرأة في مواجهة من هم اعلى منك مرتبة و قدرة تجدها حتى عند اطفال و فتية معظم شعوب العالم , عندنا تجد رجالا بشنبات يتخاذلون و يجبنون و يؤثرون السلامة و يطنشون و يرضون بالظلم و الهوان مخافة اغضاب الرب و(حكمه) بحسب زعمهم.....
كلامك صحيح كقاعدة عامة ، ولكن التطبيق صعب جداً ، فالثورة ليست مجرد ثورة هكذا بدون ضوابط ولا أسس ولا مقومات ، فلا يوجد ثورة تأتي من الهواء ، فالثورة هي نتاج خبرة وثقافة ونضال أشخاص وتجمعات وتنظيمات ، وللأسف الدول الإسلامية تفتقد القيادات الميدانية وتفتقد الثقافة القوية التي ترتكز إليها عدا عن كون الجميع يتآمر ضد الأمة ، بإستثناء وجود بعض الحركات التي تعمل بصمت وروية مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر .
وللعلم لو قسنا الثورة من باب المفاسد والمصالح لرأينا مفاسد الثورة التي لا تخطيط لها أكثر من مصالحها ، فمثلاُ ثورة الحسين " رغم إجلالنا لها ولسبط النبي صلى الله عليه وسلم وقرة عينه " لكن لو حسبنا ما فعلته في الأمة من تشرذم وتمزق ما زلنا نعاني منه إلى اليوم لقلنا بأن ضررها أكثر من نفعها ، لأننا لو درسنا الثورة جيداً لإستخلاص العبر سنخطئ الحسين في ثلاثة أمور :
1- عدم إستماعه لكبار الصحابة والذين نصحوه بعدم الخروج في بداية الأمر مثل عبد الله بن عباس وابن عمرو بن العاص .
2- عدم إختياره الشيعة والمناصرين الصادقين " أي أن منهج الحسين كان يعتمد على الكم لا النوع " فخذلوه شيعته في الكوفة وقدموه وليمة سهلة لجيش يزيد .
3- عدم التخطيط والبناء الجيد للثورة لتحقيق نجاحها .
لذلك ما قام به الحسين ليس عملاً ناجحاً أو أمر يقتدى به بقدر ما هو تعبير نقي وثوري وبطولي قام به أشرف أهل الأرض في تلك الفترة .
فكما أنك تجد في الثورة بداً وأمراً لازماً لكل المجتمعات ، هناك من يرى بالعمل الصامت والحكيم خير وسيلة لتحقيق الأهداف البعيدة المدى ، ولهم في ذلك تجارب ناجحة فالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلن ثورته المسلحة وانتفاضته العارمة ضد كل مظاهر الشرك والعبودية والوثنية والظلم بقي لمدة 13 عاماً يعاني هو وأصحابه الويلات ، وكذلك الدولة التي صنعها الشيخ عبد الله بن ياسين " والتي سميت بالمرابطين " والتي أسسها رويداً رويداً بعيداً عن العامة حتى غدت تلك الدولة التي أذلت ألفونسو في أخطر المعارك ضد القشتاليين في الزلاقة ، وكذلك ثورة الأمير عماد الدين الزنكي وإبنه محمود ومجيء صلاح الدين ليكمل المهمة ، فكل هذه الدول والنماذج لم تصنع في ثورة ما أو في يوم وليلة بل من خلال عمل ومنهج وصبر ومواصلة حتى صنعت تلك النماذج وتلك الدول .
فالدول التي تراها أنت خاملة ولا تنتفض أراها أنا على وشك الإنفجار مثل مصر والمغرب والجزائر وباكستان وغيرها ، فالثورة ليست حلاً بقدر ما هي تعبير عن الظلم ورفضه ، ولذلك لو قسنا مضارها ومصالحها سنجد الأولى أكثر ، " بغض النظر عن الثورات الناجحة التي قادتها حركات وتنظيمات استغلت أوضاعاً معينة وعبأت شعوبها لفترة من الزمن " ، بعكس العمل المستمر للكثير من الحركات الإسلامية والتي تسير وفق السنن الكونية للتغيير والتبديل .
فأي عمل نفترض نجاحه في التغيير على شبابه أن يرتكزوا لثلاثة أمور :
1- الإيمان العميق
2- التكوين الدقيق
3- العمل المتواصل
أما ما قلته حول تأثير ثورة الحسين على مجريات الأمور الآن ، فهذا صحيح ، لأن الشيعة يعتمدون فتح هذه القضية بإستمرار مع الوعيد والتهديد المستمر بالثأر للحسين " لا أعلم يا أخي ممن سيثأرون ؟ " ، ولكن الأمر ليس كذلك عند المذهب السني ، لأننا من الداخل تخطينا هذه الخلافات ونعمل على المستقبل " إحياء دولة الخلافة " والعمل على وجود دولة تصهر الجميع بداخلها ويكون الإنتماء للإسلام أولاً وأخيراً .
أما وعاظ السلاطين ، فهؤلاء حالة طبيعية مستمرة منذ الأزل ، فكما أن هناك طاغوت فإنه له أبواق سواء أبواق يستغلون النظريات السياسية لتقديسه أو النظريات والنصوص الدينية ، ولكن في كلا الحالتين لا يتعدا كونهما مجرد أبواق يعرفون من سيماهم .
وأعتذر عن الإطالة ولكن معرض السؤال يفرض الأجوبة الطوال .