الطماطم تقاطع موائد الأردنيين
مواطن أردني يشتري ثلاث حبات طماطم بعد أن وصل سعر الكيلو 2.5 دولار (الجزيرة)
محمد النجار-عمان
الطماطم أو "(البندورة) ممنوعة على الفقراء، لازم نأخذ معها صور للذكرى فقط"،
بهذه الكلمات البسيطة اختصر خالد أبو كريم جوابه على سؤال الجزيرة نت عن سر غضبه وانفعاله بعدما أكد له بائع في سوق مخيم الحسين الشعبي وسط العاصمة الأردنية عمان
أن سعر الكيلو هو 1.5 دينار (2.1 دولار).
النقاش مع أبي كريم الذي يعمل موظفا حكوميا طال واشترك فيه مواطنون وتجار أسمعوا من كان موجودا قصصا كثيرة بشأن "حالة القطيعة" بين موائدهم والبندورة.
فقد وصل سعر كيلو الطماطم في الأسواق الأردنية خلال الأسبوعين الماضيين إلى 1.75 دينار (2.5 دولار)، وينافس النقاش حولها في وسائل الإعلام ومجالس النقاش العامة والخاصة أخبار الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل، وحديث شبكة الجزيرة بأن التشويش على قنواتها الرياضية خلال بث مباريات كأس العالم كان مصدره الأردن.
ويراوح سعر كيلو البندورة عادة بين عشرين وخمسين قرشا (30 إلى 70 سنتا) في مختلف أيام السنة، وتتفق مختلف أطراف معادلة الإنتاج والاستهلاك على تحميل الدودة المعروفة بـ"توتا أبسلوتا" أو "الحفار" المسؤولية عن أزمة البندورة الحالية.
الحرارة وحشرة الحفار
مدير التسويق بوزارة الزراعة يوسف قات أرجع الأزمة للحرارة وحشرة الحفار (الجزيرة)
وبحسب مدير التسويق الزراعي في وزارة الزراعة الأردنية يوسف قات،
فإن المشكلة الحالية ناجمة عن انخفاض إنتاج البندورة بشكل حاد جراء موجة الحر غير المسبوقة التي ضربت الأردن والمنطقة، وحشرة الحفار التي قضت على محصول البندورة في كثير من مناطق المملكة.
وقال للجزيرة نت
إن "المشكلة إقليمية وارتفاع سعر البندورة غير مقتصر على الأردن، فسعر كيلو البندورة في تركيا ديناران، وسوريا أكثر من دينار أردني، وفي الضفة الغربية ديناران، ومصر 12 جنيها".
وأشار قات إلى أن موجة الحر التي استمرت طوال شهري يوليو/تموز، وأغسطس/آب، أثرت على إنتاج مختلف أصناف الخضار، موضحا أن درجة الحرارة وصلت إلى 57 درجة في مناطق الأغوار، وأن المشكلة تفاقمت بانتشار حشرة الحفار".
وتحدث المسؤول الأردني عن بدء وزارة الزراعة حملة لمكافحة دودة الحفار، متوقعا تراجع أسعار البندورة الأسبوع القادم نظرا لاستيراد كميات منها من تركيا، ونفى قات تصدير تجار لكميات كبيرة من البندورة لدول الخليج، وقال "ما يتم تصديره قليل جدا، والتجار يوجهون الإنتاج للسوق المحلي نظرا لارتفاع الأسعار أصلا".
غير أن الصحفي المتخصص في الشؤون الزراعية عصام مبيضين تحدث عن أن الأردن صدّر الشهر الماضي فقط حوالي 17 ألف طن من البندورة.
وأبرز مبيضين أمام الجزيرة نت وثيقة صادرة عن وزارة الزراعة توضح الكميات المصدرة من البندورة، وأضاف أن "التصدير كان يجب أن يتوقف حرصا من الوزارة على مصلحة المواطنين الذين لم يعودوا قادرين على شراء البندورة
التي تعتبر مادة أساسية على موائد الفقراء بشكل خاص".
واعتبر أن هناك "تغليب لمصالح عدد قليل من التجار على مصلحة المواطن من جهة، والمزارع الذي لم يستفد شيئا من الارتفاع الكبير في الأسعار".
وأكد مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين محمد العوران ما ذهب إليه مبيضين، وقال للجزيرة نت "الفرق بين السعر الذي يباع من قبل المزارعين للتجار في السوق المركزي في عمان، وبين سعر شراء المواطن للبندورة يبلغ 300%".
وأضاف أن المزارعين يبيعون كيلو البندورة للتجار بنصف دينار تقريبا، بينما يشتري المواطن البندورة بأكثر من دينار ونصف، كما أن البندورة المعروضة في الأسواق من النوع الرديء مقارنة بالتي يقوم التجار بتصديرها للخارج.
غير أن العوران أقر بأن كميات الإنتاج انخفضت في الأسواق من ثلاثة آلاف طن يوميا إلى نحو 250 طنا يوميا، واستطرد قائلا "لكن هذا الانخفاض لم ينعكس على المزارع الذي تراكمت عليه الخسائر،
بينما ضاعف تجار الجملة والتجزئة من مكاسبهم على حساب المواطن والمزارع معا"، كما اتهم العوران الحكومة بالتباطؤ في حل مشكلة دودة الحفار التي قال إنها موجودة منذ سنة "لكن الحكومة جاءت لمعالجتها بعد أن تفاقمت المشكلة بشكل كبير".
وبين شكوى المزارعين والمواطنين، يحذر مختصون من تحول صناديق البندورة "لصناديق اقتراع" في الانتخابات البرلمانية المقبلة والتي تخشى الحكومة من ضعف المشاركة الشعبية فيها.