الذي يمكن ان يفهمه العقل ويتصوره هو الاشياء التي يراها ويدركها بحواسه الخمس او حتى بمخيلته اما ما فوق ما مخيلته وادراكه المحدود لا يستطيع تصوره والايمان مبنى على تصور الاشياء المحدودة المدركة وفهمها بواسطة العقل والاستنتاج من هذا الايمان بما هو فوق العقل, فالله عز وجل ذكر في القرآن اشياء غيبية ربما لم يتصورها احد ثم حدثت بعد ذلك واكتشفت مثل الذرة والاصغر منها وجريان الشمس النسبي الخ, فقد آمن الجيل الأول من المسلمين بها دون ان يفهموها ويتصورها مع انها كانت قابلة للفهم ولكن في وقت معين حين يكتشف الانسان بنفسه ويبحث, فهذه اشياء ليست فوق ادراك العقل او تصوره ومع ذلك لم يكونوا مدركينها, والجن والملائكة مثلا امور غيبية ليست فوق ادراك العقل لان النبي عليه السلام استطاع وصفها وتشبيهها ومع ذلك لا نتصورها بشكلها الصحيح, اما الخالق عز وجل فهو ليس فقط فوق ادراك العقل بل فوق تصوره ولذلك قال الله عز وجل " ليس كمثله شئ" ولم يقل ليس مثله بل شبه المثيل نفسه ثم أكد على انه يسمع ويرى بقوله بعدها "وهو السميع البصير" فكل تصرفات الاله يجب عدم تصورها مثل تصرفات البشر او المخلوقات بل حتى لا يوجد مثل لهذا المثل.

سوف أتكلم عن ايماني الاسلامي, الله عز وجل خلق الزمان وخلق المكان, والله عز وجل خلق الأحداث وكتب علمه في اللوح المحفوظ بما هو كائن الى يوم القيامة, فهل كلام الله عز وجل اصبح محدودا بكتابة علمه في اللوح المحفوظ؟ بالطبع لا, كذلك الكتب السماوية جميعها, فكتابة الكلام نفسه لا يعني وضع صفة الله في شئ محدود, فعندما اقول ان الله قال كذا فهل وضعت انا صفة الله في فمي؟! وهل عندما اكتبه على شئ اكون قد وضعت صفة الله في هذا الشئ؟

أفهمني من فضلك كيف تتصور هذا, كلام الله الذي نطق به هو سبحانه على النحو الذي يعلمه ولا نعلمه هو حقيقة وصفة من صفاته, لكن نطقنا له باللسان الذي انزل به وكتابتنا له في المصاحف وغيرها لا تعني احتواء صفة كلام الله سبحانه.