(10-08-2010, 06:09 PM)استشهادي المستقبل كتب:  لو اجتمعت الدنيا باسرها ..... كبيرها وصغيرها على ان تغير اعتقادي فلن تستطيع ............ قناعة شخصية

يا زميلي الكريم .
الدنيا لن تجتمع لشيء .. أنت أو أنا أو أي إنسان آخر لا تعني لها شيئا . لا أحد يريدك أن تغير معتقداتك أو سيهتم بذلك ، نحن نواجه أقدارانا فرادا حتى لو بدا غير ذلك . من النادر أن يسعى اللاديني أن يقنع الآخرين بمعتقداته ، فالإلحاد ليس عقيدة تبشيرية ، هو فقط موقف .. موقف عقلاني من قضية الوجود و الأديان . الإلحاد أشبه بالعلم لا الدين ، فالدين بطبيعته تبشيري يأتي إليك و يطلب منك إتباعه ،و لكن الإلحاد كالعلم لابد أن تذهب إليه في مظانه .. في قاعات الدرس .. في الحوارات الجادة .. في التأملات العميقة .
الإلحاد هو عقيدة العلماء ،وليس مألوفا أن تجد عالما يطرق الأبواب و يبشر " بعقيدة الإلحاد" . الناس كما نكرر مرارا لا يؤمنون نتيجة محاجات عقلية بل لأسباب نفسية و حاجات شعورية ،و لن يكفوا عن ذلك طالما بقيت تلك الأسباب و الحاجات . إنني لا أنصح أحدآ بترك الدين طالما كان في حاجة إليه . كي يترك الإنسان الدين لابد أن يكون قويا ، لابد أن يتوفر له التخصص الهام و العمل المجز و الصحة الجيدة و القوة النفسية ، أكثر من ذلك كله أن يعيش في مجتمع آمن يحترم خيارات الضمير . في مسح إحصائي قال 100% من المصريين أنهم مؤمنين ، بينما لم تزد تلك النسبة عن 25% أو أقل في دول الشمال الأوروبي و اليابان ، فالمصري قلق غير آمن على مستقبله ، لهذا هو أضعف من أن يرفض الوهم ، فالوهم غذاء الضعفاء ،و لكنهم في الشمال أثرياء و أصحاء و آمنين لهذا يفعلون خيارات الضمير .
ذكرت رواية عن السياسي و العالم الأمريكي الشهير بنيامين فرانكلين و كان لادينيا ، رغم هذا وجد كتاب سيرته رسائلآ كان يرسلها لأخته المزارعة ينصحها فيها بطاعة الرب يسوع المسيح . فرانكلين لم يكن منافقا و لكنه إنسان حكيم ، لهذا كان يعلم أن الحقيقة التي تلائم المثقف التنويري العقلاني بنيامين فرانكلين لا تلائم أخته المزارعة الورعة .
أعلم أن هذا الشريط صعب أكثر من ذلك بالغ الكثافة ، و أشك أن يكون هناك من قرأه كاملآ ، بل أن تحقيق أكثر من 7000 قراءة يشكل لي لغزآ . هذا ليس شريطآ يدعوا للإلحاد و هجر الله ، هو حتى لا يتحدث عن الله أو المسيح و لكن عن إله أكاديمي مطلق ، له مواصفات تختلف كلية عن الله رب المسلمين أو المسيح أو يهوه ، هذا الإله لا يعبر عن نفسه بالإلهام و خلال الكتب المقدسة للأديان الثلاث theism ، بل هو إله صانع مدبر غير متدخل كما تعبر عنه الحوارات الفلسفية للإلهيين deism. الإله الذي نتحدث عن المشكلة معه هو فكرة علمية طرحها العقل البشري ليفسر بها الكون ، هو كما قلت إله أكاديمي لا يقبل المرافعات العاطفية الساذجة ولا يحب إيمان العجائز . هو لا يريدك أن تؤمن به رغم الدلائل القوية المضادة ، هذا لن يسعده فليس تلفيقيا ولا ضعيفا لهذا الحد .. ليس إله البلهاء ولا يسعده ذلك .
الإله الذي نصارعه بهذه الضراوة هو أيضا إله قوي ترهقنا مصارعته ، ويريد من أنصاره أن يكونوا على مستوى الإيمان به ، ليس بالهتاف في الشوارع أو الإستشهاد في المستقبل بل بالعقل . هذا الإله كما هو واضح بلا أنصار في منطقتنا و بالتالي فلا مشكلة لنا مع الآلهة المحلية القادمة من طفولة العقل البشري . لن تجد هنا حوارات دينية بل حوارات فلسفية و علمية متقدمة تناقش فكرة الألوهية ، و تناقش في العمق التفكير في الفكرة ذاتها ، أي كيف نفكر في فكرة غير تقليدية كفكرة الألوهية . و بالقطع من يريد أن يهاجم الأديان الشائعة لن يلجأ لحوارات لن يفهمها متبعو تلك الديانات . هذا حوار ثقافي لمثقفين يحرك عقولهم و يدربها استعدادآ لعمل جاد في الصباح .