(10-10-2010, 08:48 AM)الحكيم الرائى كتب:  شفت الشخصنة والحملات الرخيصة وحرق الدم سهل أزاى ياعلمانى! ما فى أسهل من أن ترص شتائم وأتهامات لهذا وذاك,أولا أنت مخطئ أنا لست من محبى السادات على الأطلاق بل كنت أكرهه كراهة التحريم-تحديد بسبب أطلاقه الأخوان- ثانيا اذا كنت ترى ماكتبته شخصنة فماتفعله أنت مع السادات هى شخصنة اشد رخصا لم اراك تفعلها مع تيودرال هرتزال صاحب كتاب الدولة اليهودية ولا مع نافون ولاديان ولا بن جوريون ولا مع شارون ولا مع الملك عبد الله ولا حسين ولا أحدا من عائلة الأسد ,ولم أراك تشبب بعرض أحدا منهم ولاتتعرض لأمه ولانسبه ولا لونه ولافقره من غناه! ولا أملك تفسير لهذا؟عندك أنت تفسير تفضل هات به ونحن بأنتظار.

لماذا "الساداتي" بالذات ولماذا "ست البرين" على وجه الخصوص؟

لي اهتمامات كثيرة أخرى طبعاً، ولكني لا أكتب عن كل ما أهتم به إلا لماماً، ولا يحتوي "نادي الفكر العربي" على نزر ولو يسير مما أكتبه، لأن لي منابر أخرى أستعملها في بعض الأحايين.

بما يخص "ابن ست البرين"، فالواقع أن "الساداتي" صعقني بخيانته ونذالته، لذلك تجد مني هذه اللهجة الحادة عند الحديث عنه. هنا،كي أفهم "الخيانة" وأعقلها، فإنه من الطبيعي أن أتعرض "لأصل الساداتي وفصله" لأن فهم تصرف بعينه يقتضي من المنقب والباحث فهم الشخصية، و "نبش الماضي" بالتالي من ناحيتين: 1) الناحية العلنية المتعلقة بأقوال الشخص وأعماله وتصرفاته أمام الجمهور.
2) الناحية الشخصية المتعلقة بأصل الشخص وفصله ومنشئه وتربيته وجميع ما يستطيع الباحث أن يصل إليه من "عوامل شخصية" تتيح له فهم طبيعة الشخص أكثر وأكثر.

غياب ناحية من هاتين الناحيتين مضر للفهم جداً. فالكثير منا محكوم بالظروف التي نشأ وتكونت شخصيته فيها، وأخصها فترات الطفولة الأولى (هل نستطيع أن نفهم "تهتك أبو نواس" مثلاً دون أن نعرف أن أمه كانت "غانية"؟ أحد المفاتيح الرئيسية التي يستعملها "طه حسين" مثلاً لفهم نفسية المتنبي هو "ضعة نسبه" من خلال أبيات المتنبي في رثاء جدته) هنا، وجدت أن "الطابع الخياني" لتصرفات السادات السياسية اللاحقة نستطيع التعرف عليه من خلال سيرة أمه في بيت أبيه. ففي هذه السيرة نجد "المفاتيح الأساسية" لفقدان الهوية والانتماء عامة، وفقدان الهوية والانتماء العربي خاصة. فهذان العاملان أساسيان جداً في تفسير "فعل الخيانة" الذي ارتكبه المذكور أعلاه. وأنا هنا أريد أن أشكر "الأستاذ محمد حسنين هيكل" على توفيره لنا هذه المفاتيح الرئيسية، فلولاه لكنا ما زلنا نخبط خبط عشواء ولم نفهم مطلقاً "عقد النقص" المتحكمة بالفتى "أنور" ولا أستطعنا أن نستفيد منها بعض الدروس التاريخية المهمة (التي قد نذكرها يوماً ما).

عموماً، كي أذكرك وأذكر القاريء بالمفاتيح التي توفرها لنا سيرة "ست البرين" لفهم حياة "الساداتي"، فإنني سوف أقتبس مداخلتي أعلاه:

أعتقد بأن لا مأرب لي من وراء إلحاق نسب "الساداتي" بأمه إلا الإشارة إلى "مفتاح رئيسي" في فهم شخصية الرجل. إنها نسبة تختصر الكثير من "عقد النقص" و"اللا انتماء" الذين كانوا من العوامل الرئيسية في تكوين "نفسية الفتى أنور"، وفي سيره عبر مسار مرصوف "بالتآمر" و"الخداع" و"التمثيل" "والانتهازية" وصولاً إلى "الخيانة".

إن المعاناة التي عاناها "الفتى أنور" في بيت أبيه، ورؤيته أمه تُضرب وتهان. واضطراره "للتعامل مع زوجة أبيه" بصفته "ابن القديمة"، وما يولده هذا الشعور وتلك المنزلة من انحناء للعواصف وذل ومهانة ومشي على حبال دقيقة. كل هذا علمه فيما بعد "السرية" في الحركة وإمساك الخيط من عدة جهات (التعامل مع الإخوان والقصر والضباط الأحرار في آن)، والاحتفاظ دائماً "بخط رجعة" مفتوح في العمليات الكبيرة (هكذا مثلاً افتعل مشادة في السينما في ليلة الثورة) وانتهاز الفرصة لتسجيل حضوره في لحظات حرجة (قراءة بيان الثورة مثلاً).

اضطرار "الفتى أنور" للتعامل مع "زوجة الأب" في بيت لا يوفر له دفئاً ما، نستطيع أن نستخدمه في النظر إلى تاريخ "السادات" في عهد "عبدالناصر" وكيف كان "مسماراً بدون رأس" (كما يقول عنه صديقه الذي لا أطيقه "انيس منصور").

علاقة السادات "الفاترة" بأبيه تستطيع أن توفر لنا مفتاحاً لتحليل علاقته "بعبدالناصر" بعد رحيل هذا الأخير. فالسادات لم يتبرأ من أبيه، رغم جميع ما عاناه وعانته أمه، ولكنه تركه واندفع في شق طريقه محافظاً على علاقة فاترة به لا تاكد تذكر. كذلك كان موقفه في الابتعاد عن "نهج عبدالناصر"، فهو بقي يلهج باسم عبدالناصر فترة السنين الأولى ويعمل في نفس الوقت على الابتعاد عن كل شيء قام به عبدالناصر حتى أصبح يقود "ثورة مضادة لثورة يوليو" منذ منتصف السبيعينيات على جميع الأصعدة (عسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً ... إلخ).

نسبة الرئيس المؤمن إلى "ست البرين" إذاً تفتح لنا أبواباً للتفكير والبحث والتحليل، فست البرين السودانية التي جاء أبوها من وسط أفريقيا لا تمت "للعروبة والعرب العاربة والمستعربة بصلة"، والنهج "العروبي" الذي سلكه "عبدالناصر" لا علاقة لها به من بعيد أو من قريب. لذلك "فقضية فلسطين" و"عروبتها" لن تشغلها بالضرورة، بل ان قضية انتمائها "المصر العربية" لا محل لها من الإعراب. ولعل "السادات" كان يسير وفق هذا الإحساس أيضاً عندما "حيّد مصر عن الوطن العربي" وباع قضية فلسطين. هنا، طبعاً، تكون "الخيانة" وجهة نظر. فأنت لن تخون ما لست مؤمناً به، و"السادات" في عرف نفسه لم يكن خائناً، لأنه شخص لا "انتماء" لديه كي يخون. والكلام الذي كان يردده في "عهد عبالناصر" عن "العروبة والعرب" كان فقط من "اجل الاستهلاك المحلي" ريثما يتمكن "ابن ست البرين" من الوصول؛ إنه ضرب من الانتهازية والوصولية فقط لا غير.

---