كلاهما عزيزي شهاب،

أنا فلسطيني، لاجئ في الأردن، ترعرت في لبنان بسبب الخؤولة في فترة الثمانينات...

بساط الريح كنا نجد أعدادا قديمة في محلات الكتب القديمة، طبعا كنا نشتريها ونضحك على الذي يريد أن يكون الوالي محل الوالي، قصص تانتان وميلو كانت تسحرنا، لكن كان يحيرني كيف يسموه تانتان ويكتب اسمه الفرنسي Tintin، على المنهج الانكليزي المفترض أن يكون تينتين.. حتى زرت فرنسا وتعلمت لغتها فعرفت أن المقطع in يلفظ آن مع حرف نون مخفى بغنة.
كنا فيما نقرأ لاكي لوك، وأستريكس وأوبليكس، وكان هواية أن نلقب بعضنا بعضا بألقاب الأخوة دالتون، أو كلبوش أظرف وأغبى كلب في العالم.

حين كنا نشتري مجلة سامر، كنا نقول للبائع "مجلة سامر من أجل جيل عربي سعيد" ، أو مجلة أحمد نقول "مجلة أحمد من أجل جيل مسلم سعيد"، يعني لا فصل بين الاسم والشعار.

أثر ذلك بشدة على العائلة، صرنا نلعب سوية مستخدمين اللغة الفصيحة في البيت في اللعب والخطاب، مميزين متى ينبغي أن نرجع إلى الخطاب بالعامية، مصرين على لفظ الحروف العربية بشكل صحيح، بعيدا عن ظاد الأردن والخليج، وزال وسا لبنان وسوريا، كنا نواجه بعض صعوبات حين نتحدث بالصور البلاغية في المدرسة، حيث كنت وأخي الأكبر نفضل كثيرا أن نستخدم التصوير حين التحدث، غير منتبهين أن الصور التي نستعملها قد لا تكون معروفة أو مفهومة لدى زملائنا وأصدقائنا.

مما تتندر به العائلة إلى اليوم، أن أخى سئل يوما في تلك الأيام عما دعاه لضرب من هو أصغر منه فقال بالحرف " كنت قد غضبت غضبا شديدا" كان عمره عشر سنين حينذاك.

لهذا قلت جروحا قديمة، كانت أياما سعيدة لا ترجع أبدا... كان أكبر هم أن لا تصل المجلة في موعدها، يجب أن يتم قراءة المجلة في يوم وصولها من قبل الجميع، لم يقبل أحد أن يتظر إلى اليوم الثاني مطلقا، لو أدى ذلك إلى معركة مواجهة مسلحة.... وكم اضطر أبي لرفع المجلات أو حتى تمزيقها على كره منه لتعليمنا فضيلة التشارك، بما يجعلنا بدل الخضوع أن نشرع بمعركة المقالب معه، أخفها القهوة المملحة، واشدها إخفاء مجلاته عقوبة... رحمه الله...