(10-14-2010, 03:31 PM)استشهادي المستقبل كتب:  كيف تكون رؤيتنا للعالم مختلفة ......

نعم رؤيتنا للعالم (worldview) مختلفة .. بل متناقضة . و هذا ما يجعل تفكيرنا ينمو بشكل مختلف كلية ، إن "رؤية العالم" هومصطلح نشأ في الفلسفة الألمانية، ثم شاع في الكتابات الفكرية والفلسفية، وهو يعني -على وجه الإجمال- الطريقة الني نفهم بها العالم بأكمله. وتمثل "رؤية العالم" الإطار الذي يقوم من خلاله كل فرد بتفسير العالم المحيط به والتفاعل معه ومع مكوناته، وكذلك تلك التصورات والمعتقدات التي يصوغ من خلالها رؤيته، إذن رؤية العالم مهمتها مهمة تفسيرية بالدرجة الأولى .
لكل منا رؤيته للعالم و إن لم نكون تلك الرؤية بشكل متعمد و خلال الثقافة الشخصية ، فسيكون ذلك بشكل عشوائي مرتجل خلال المجتمع و ثقافته السائدة . رؤيتك يا صديقي هي رؤية تقليدية اكتسبتها من المجتمع نتيجة التربية و التعليم و الثقافة السائدة و كوابحها و حوافزها ، ألخصها بكونها رؤية غيبية إسلامية تدور حول عالم مخلوق مكلف أخلاقيا . عالم لا يساوي جناح بعوضة ، وهو مجرد طريق للآخرة ليس إلا . مفردات هذا العالم هي إله شديد البطش هو الله ،و نبي بدوي مقاتل هو محمد ، بالإضافة لبعض الشخصيات الميتافيزيقية مثل إبليس و الأنبياء و أشياء من نوعية الجنة و النار و الثعبات الأقرع و الذنب و الغفران و الصلاة و الوحي و الرؤية ........ الخ . في هذه الرؤية يلعب العلم دورآ شكليا تلفقيا على خلفية الأحداث ، فعليه فقط أن يؤكد الخرافات التي كان يعتقدها البدو في الجزيرة في القرن السابع .
من ينتمون لثقافة هذا العصر ليس لديهم رؤية واحدة للعالم ، و لكن هناك إطار واحد يجمعهم . محدثك ينتمي لرؤية مادية ربما تكون شديدة المادية ،و المادية هنا ليست من الأموال بل من المادة او matter ، فالعالم كما نراه مكون من مادة و طاقة (هما شيء واحد) ، كل ما نراه بعد ذلك خواص للمادة ، الحياة و المشاعر و العقل و الأخلاق و ... . إننا نهتم بدراسة المادة وفهمها ، و نتذوق الحياة ونعتقد أنّ هناك شيئا رائعاً في الكون، في تأمّل مجرّة درب التبّانة، في تأمّل حقيقة أنّ هذه واحدة من بين مليارات المجرّات، تأمّل حقيقة أنّه في بداية القرن الواحد والعشرين اجتازت الإنسانية شوطاً طويلاً في فهم الكون الذي نعيش فيه وشكل الحياة الذي نحن جزء منه. أنا نجده حقاً فكراً ملهماً. فمن الواضح، أنّ هناك أشياء أخرى لا تمتّ للعلم بصلة – الموسيقى، الشعر، الجنس، الحبّ. هذه الأشياء كلّها تجعل الحياة بالنسبة لنا تستحقّ أن تعاش للغاية. ثمّ هناك الحقيقة المضافة وهي أنّها الحياة الوحيدة التي توصلنا إليها .
عندما تعتقد أني اهتم بالفعل بأشياء مثل الجنة و النار أرى ذلك إهانة ، كمن يعتقد أني أرى إليس في بلاد العجائب وقائعا حقيقية ،و أن كليلة و دمنة شخصيات واقعية .
عندما كانت ابنتي صغيرة لم أحاول أن أفسد عالمها السحري الصغير ،و عندما كانت تحدثني عن إليس و عالمها العجيب كنت أنصت مشدوها ،و لكنها لم تتوقع أبدآ أني أرى العالم كما كانت تراه . شيئا مثل هذا أشعر به تجاه المؤمنين في بلادنا العربية ، فقط على ألا يفرضوا علينا عالمهم الغيبي الأسطوري .