------------
إلى الذين يظنون أن الإسلام يسرح بعيدا عن الحقائق العلمية
قد تلفح الشمس حر وجهي ويخطف نورها بصري
عندها ألبس نظارة سوداء تقي عيني من شر الشمس و من حرها
غير أنه لا يعيبني أبدا لو وضعتها عن عيني وقد جن الليل أو تلبدت السماء بالغيوم...
العيب والسبة تلحقان بي لو أبقيها على عيني وأنا أنادي :
النظارة السوداء كذلك تدرأ المطر
وتصلح للرؤية بالليل
----------

العلم يدخل من الباب فيخرج الدين من النافذة
للعلم طريق وللدين طريق آخر يخالفه
إذا ما فتحنا باب العلم فيتوجب علينا أن نغلق باب الدين
إذا أردنا أن نتزين بالعلم فلابد من أن نخلع ثياب الدين




هذه مجموعة من المقولات المتهافتة التي يتداولها بعض الناس من أعداء الدين أو من الجاهلين بشأنه ،ويروجون لها في بعض المحافل والمجالس وحتى في المدارس وبعض الكتب والمحاضرات، وخلاصتها أن العلم والدين لا يجتمعان ولا يمكن لهما أن يجتمعا، وأن طريق الدين إما أنه يخالف طريق العلم أو هو على الاقل له طريقه الذي لا يعضده ولا يؤيده .


لئن كان هذا الكلام صحيحا، وأن الدين الحق الصحيح يخالف طريق العلم لكنا أول من أخذ أول طريق العلم حتى ولو اضطرنا إلى هجر ما نعتقده!! ولو افترض هذا العلم علينا أن نخلع الدين لما قصرنا ولا تأخرنا لحظة عن فعل ذلك، لأن العاقل هو الذي يقبل معطيات العلوم قبل أن يقبل أي شيء حتى المعتقد لو كان مضادا مخالفا للعلم .
ولابد من التأكيد مرة أخرى أن المقصود ههنا بالدين الإسلامي الخالص وليس تخريصات وتحريفات الأديان وما نسبوه زورا وبهتانا لله رب العالمين كما كان الحال بالنسبة للغرب الذي لم يستطع أن يبني نهضته قبل ان يتخلص من سلطان الدين الذي فرض على الغرب عموما حالة من الركود لم يتجاوزها إلا بتجاوزه ، وليس تخريجات بعض المتعالمين من المسلمين الذين يحاولون أن يحملوا النصوص ما ليس فيها .. والمقصود بالعلم هو العلم الحق لا النظريات ولا الفرضيات التي يتداولها الناس عل أنها حقائق مثبتة من قبل أن يتمكن العلم أن يبت بشأنها ويقطع، حيث يأتي البعض بنظظريات وأفكارا في العلوم التطبيقية وسواها محاولا من خلالها أن يبرهن خطأ ما ذهب اليه القرآن الكريم أو عدم دقته وصحته .فإذا كان العلم الذي هو معرفة الأمور على حقائقها وعلى ما هي عليه، العلم الثابت الأكيد لا النظريات التي لم يتم إثباتها ولا تزال في طور النظرية ،يملي علينا أن طريقه وطريق الدين والإيمان متضادان فإنه يتوجب علينا كعقلاء أولا وكمؤمنين ثانيا أن نتخلى وبلا تردد عن طريق الدين لنسلك طريق العلم وبلا تردد ولا خوف .

الذي أمرنا بهذا إنما هو إيماننا بالله تعالى وإيمانا بمصداق قوله في كتابه الكريم :
(ولا تقف ما ليس لك به علم .. إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ..)
أي لا تتبنى ولا تتبع على العموم وما هنا لعموم ما يقتفى ويتبع ، فيأمرنا سبحانه ألا نتبع ونتمسك بأي شيء لم يثبت البرهان العلمي على كونه حقيقة
لا تتبع أي شيء إن لم يقم البرهان على أنه حقيقة ثابتة .
عكس هذا هو الصحيح، فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن ندخل رياض الدين من بوابة العلم العريضة، وليس من أية بوابة أخرى ، ولذلك فإن الإنسان المؤمن الذي أغمض عينيه وآمن هكذا من غير أن يكون إيمانه مدعما بمعطيات العلم والمعرفة الحقة ، فلا بد أن يكون إيمانه منقوصا ، وأن يكون هذا الإيمان عرضة لرياح تأخذه معها حيث هبت ، والحصانة الكبيرة والأولى تكون للدين إنما بالعلم أولا وقبل كل شيء.
لا يكفي أن يكون أبي مسلما مؤمنا كي أكون مسلما، ولا يكفي أن يكون مجتمعي على هذه الملة كي أكون عليها ، من غير أن أؤيد ديني الذي ارتضيت بالحجة وبالبرهان وآخذ هذا الدين من معطيات علمية ثابتة أعلم معها أن ديني وما أعتقده من إيمان لا يمكن للشكوك والشبهات مهما بلغت أن تطال هذا الاعتقاد وتنال منه لأنه محصن بحصن من العلم يلجأ غليه كل ذي عقل قويم .
من أجل التوثق من بطلان هذا التصور لابد من الوقوف عند عقائد الإسلام لأن المقصود هنا هو الدين الإسلامي ، فحين نؤمن بالله، معتمدنا في إيماننا العلم ام سواه ؟؟ فإن كان العلم فإنه سيقوي هذا الإيمان بالله، وإن كان التقليد الأعمى او الإيمان الفطري المتروك من غير أن يدعم بمعطيات العلم فإنه سيكون عرضة للأخذ والرد ويكون صاحبه عرضة لرياح الشبهات وما أكثرها في أيامنا هذه ، وهو أمر نهى الإسلام عنه وحض الناس عن الابتعاد عن التقليد وبخاصة في العقائد، وأمر المؤمن أول ما أمره بالنظر والتدبر في الأمور وتقصي الأمور على حقائقها .

إن كانت وجهة العلم تقول بغير ما يقول به القرآن الكريم وغير ما يقول به الإيمان الحق بشأن خلق الإنسان مثلا والكثير من القضايا التي من شأنها أن تخضع لسلطان العلم، فإن كان للعلم الحق المثبت الأكيد وجهة تخالف وجهة ما نعرف وما يدعو إليه الدين الحق والإيمان اليقين،فلن نتردد بأخذ ما يملي به العلم ، لأن الله سبحانه أمرنا ألا نتبع إلا ما نحن واثقون من صحته مستيقنون من أن العلم يفرضه ويثبت صحته لا النظريات ولا الفرضيات ولا التخرصات والأكاذيب.
لابد لنا من أن نؤكد أن الرئة التي يتنفس بها الإيمان إنما هي رئة العلم، وبغير العلم لا يكون إيمانا حقا، ولذلك ما كان لنا في يوم من الأيام أن نتخوف من العلم ومعطياته وأبحاثه على ديننا بل على العكس لأننا نفترض أن العلم يعضده ويؤيده ويقويه، ولن نجد مصداقية هذا الكلام إلا في قادم الأيام بعون الله تعالى.
الذي يمكن لنا أن نحسب له حسابا إنما اولئك الذين يغرفون من ساحات العلوم ويرمون ما يغرفونه في وجه المسلمين غير آبهين ما إذا كان غرفهم مجرد نظريات أو هي تخرصات وافتراءات ليرمونها في وجه المسلمين على أنها حقائق علمية تدين الدين وتخالف وجهته وما يراه .