الزميل / بهجت

اقتباس:2- سبق أن ذكرت أن مبدأ اللاإمكانية يعمل ضد وجود عالم غير مصمم ، و أن نفس المبدأ يعمل بشكل أكبر كثيرا ضد التسلسل النهائي لمصممين يصممون آلهة بالغي القدرة و العلم .أي أننا أمام معضلتين أحدهما " التصميم البادي " و يمكن حلها خلال آليات مادية تم اكتشافها بالفعل أهمها الإختيار الطبيعي ، و الأخرى " تسلسل الآلهة حتى لا نهاية " لا يمكن حلها أبدآ .و بالتالي فمبدأ اللاإمكانية يعمل لصالح نظرية التطور و ليس لنظرية الخلق .

خامسآ : أنت تعتقد أن فكرة السببية تنطلق من الفلسفة المادية !.
هذا خطأ واضح ، بل ربما تفاجئ أن الماديون يرون أن نظرية السببية لا تعمل على الأجسام متناهية الصغر أو الكبر نتيجة معارفهم الحديثة بناء على ميكانيكا الكوانتم . مبدأ السببية هو أساس محاجة العلة الأولى The First Cause التي يلجأ إليها الربانيون للتدليل على وجود الإله ، وهي النظرية السائدة التي تقول بأن لكل شيء سبب ( علة ) ،و كلما عدنا للخلف في سلسلة العلل سنصل إلى العلة الأولى ، هذه العلة هي التي نطلق عليها الإله، أي أن الإله هو سبب كل شيء . و لكن هذا البرهان على وجود الله لا يصمد للنقد ، فلو كان لكل شيء علة أو سبب ، فما هو سبب الإله ؟. أو كما يمكن أن نقول طالما لكل شيء خالق ، فمن خلق الله ؟. لو قلنا أن الله لا علة له ، فهذا إقرار بإمكانية عدم وجود علة ، وما دمنا نقر بإمكانية عدم وجود علة ، فلماذا لا يكون الكون هو الذي بلا سبب .. بلا علة ؟!.بل لماذا نفترض أن يكون للكون بداية ؟ . في الحقيقة لا يوجد سبب منطقي لهذا الفرض سوى كسلنا العقلي .

حيث انك اتحت لي الخروج قليلا عن مسار الموضوع فسوف ابدأ بالنقطة المطروحة في الإقتباس أعلاه

في مداخلاتي السابقة قلت ما يلي

وأقتبس :-


أما عن فكرة أن مبدأ اللاإمكانية يعمل بشكل أكبر مع من صمم المصمم ، فهذا مبحث آخر يا بهجت ولا شك أنك عندما تقول به تنطلق من الفلسفة المادية وأنا شخصيا أؤمن بالفلسفة المثالية حيث الوعي سبق المادة بالوجود لا العكس كما يقول الماديين لأن التسليم بالمقولة المادية يعني بالضرورة أن كل جسم مادي له وعي خاص به وهذا مستحيل منطقيا ونتيجة سوف تفضي بنا إلى وثنية جديدة. وأؤمن كذلك أن شكل ورقة الشجر التي اتخذتها تلك الحشرة بهدف التنكر وكذلك شكل ابرة الحقن المزودة بالسم والتي تشكل جزء من جسد العقرب كانت فكرة في ذهن معين وفي عقل ما قبل أن تتجسد في الواقع الخارجي خارج الاذهان وعلى أي حال هذا مبحث فلسفي قديم وعويص جدا ويحتاج إلى موضوع آخر مستقل لا شك انه مر عليك وليس هذا هو مجال بحثه.

والآن أضيف لو سألتني لماذا أؤمن وأعتقد بهذا الأمر سأجيبك لآن هذا الاعتقاد مبني بدوره على اعتقاد آخر أؤمن به لحد اليقين وهو أن الوعي منفصل عن المادة فالوعي ليس تغيرات فيزيوكيميائية في الجهاز العصبي كما يقول الماديون فالجسم المادي لا يوجد لديه أي وعي ووعيه صفر ومهما ركبت وغيرت في كينونة المادة كما ونوعا فلن تستطيع أن توجد وعيا للمادة لأن حاصل جمع وضرب الاصفار يظل صفرا وأستطيع إثبات هذه الأمر وأعني انفصال الوعي عن المادة من خلال المنهج العلمي التجريبي.

الحياة والكائن الحي ليست machine ومكونات مادية صرفة كما يقول الماديون وجهاز كومبيوتر أبل ولا موبايل قابل للتركيب والفك وبتشغلوا وبتطفيه كما تشاء وكل ما في الامر انه يجب علينا احضار المكونات المادية كما ونوعا وتركيبها على الوجه الصحيح هندسيا وعلى نفس مبدأ الآلة ولو كان الامر كذلك لأصبح إحياء الميت أشبه بتشغيل جهاز مطفي لكن الحال ليس كذلك.

فالانسان عندما يتوقف تنفسه أو قلبه ويموت تعجز كل الدنيا والتكنولوجيا عن اعادته للحياة حتى بعد دقائق وثوان معددات من لفظ انفاسه الاخيرة خلافا لكل الآلات القابلة للتشغيل والإطفاء مع أن مكوناته المادية و99.999% من خلايا جسمه وخلاياه العصبية بالدماغ واعضاؤه ما تزال تزال حية وتعمل ولم يصبها أي تلف بل وهناك أناس تبقى 100% من اعضائهم ووخلاياهم سليمة وغير تالفة ورغم ذلك يموتون كالذي يموت في الصحاري الثلجية في سيـبــيـريا والقطب الشمالي تجمدا في درجات حرارة -40 و -50 تحت الصفر تحفظ الجسم، لكن حتى مع سلامة اعضاء جسمه منفردة فكل علماء الطب والاحياء لا يمكنهم اعادة هذا الانسان للحياة بعد دقائق فقط من موته رغم سلامة كل خلاياه وانسجته الحية، والله لو عملتله عملية زراعة قلب صناعي فوري وفي أقل من ثانية أو لو شغلت قلبه الطبيعي ولو أحضرت اجهزة لتشغيل الدورة الدموية ورئة صناعية تضخ الأوكسيجين بالدم مباشرة وتسحب ثاني أوكسيد الكربون وركبتها في لحظات لن تقدر أن ترجعه للحياة بعد دقائق معدودات فقط من موته ونفس الشيء ينطبق على كل الكائنات الحية الأخرى.

يعني حتى لو فرضت جدلا انك صنعت جسد كائن حي راقي وليس مجرد خلية بكل خلاياه وأنسجته وأعضائه وهيكله العظمي ومن نفس عناصر الجدول الدوري ، فإنك لن تستطيع أن تجعله حيا.

ولو صدقنا كلام الماديين من أن الإنسان هو فقط الجسد المادي المحسوس فهذا يعني أن كينونة الإنسان وذاته وهويته يفترض أن تتغير لكن الإنسان ليس عين الذرات والمادة المكونة لجسمه كما يقول الماديون ودليلي الثاني على ذلك أنه منذ لحظة الولادة وحتى الشيخوخة يتم تغيير هذه المادة وإحلالها بمادة جديدة في كل الجسم بواسطة عمليات التغذية و الإخراج بدون أن يفقد الإنسان هويته وكينونته المستقلة.

الآن أريد منك لو سمحت أن تخبرني أنت والماديين ما هو الإنسان هل هو مجموع الخلايا الحية والانسجة ((مجتمعة)) التي تؤلف جسده. لو كان الإنسان هو الأطراف الأعضاء فيفترض ان يذهب جزء من شخصيته وكينونته المستقلة ذاته التي لا تتجزأ مع بتر اي من اعضائه واجزاء جسده لكن هذا لا يحصل.

لو قلت لي ان هوية الانسان وذاته المستقلة موجودة الدماغ ومنطقة الادراك العصبي فقط فسوف أقول لك هل تعرف يا زميل بهجت أن هناك عمليات جراحية كانت تتم في النصف الأول من القرن الـ 20 يجري فيها استئصال النصف الأيمن أو الأيسر للدماغ بأكمله ومع ذلك يبقى الشخص المصاب حيا يرزق ويمارس عمله في الحياة كالمعتاد ، صحيح أن قدرة الشخص الذي اجريت له العملية على السيطرة على اعضائه تقل ويصبح مثل مريض الشلل الرعاشي لكنه يبقى حيا وقادرا على الوقوف والمشي والاستيعاب وتظل ذاته هي هي ولا تتغير وللعلم فهذه العمليات كانت بمثابة تجارب ساعدت العلماء في فهم آلية عمل الدماغ الإنساني.

وإذا كنت لا زلت مصرا على أن الإنسان هو تركيب مادي فحسب وأن الوعي هو المادة ففي هذه الحالة سوف أسألك أين تقع ذات الإنسان وكينونته ووعيه لذاته ولوجوده هل في النصف الأيسر أم في النصف الأيمن للدماغ ولماذا لا تتغير ذاته ووعيه لنفسه عندما تتغير مكوناته المادية نتيجة عمليات الادخال والاخراج الطبيعية ولماذا لا يمكن اعادة الانسان للحياة اذا مات مع ان معظم اعضائه وانسجته الحية سليمة.

عودة إلى صلب الموضوع مرة أخرى

اقتباس:- في البداية أرجوا أن نتذكر جميعا أننا نتحدث عن نظرية "علمية" ذات مصداقية عالية ، و لها تطبيقاتها العديدة التي يقوم عليه معلم هام من حضارتنا المعاصرة ربما في أهم مفاصلها ، ولا نتحدث عن نظرية هشة تبحث عن أدلة ، أو عن عقيدة دينية أو قضية فكرية . ما تعتقده إختلافا في وجهات النظر في نظرية التطور هو ببساطة إما تعجل في القراءة منك أو في الكتابة من بعض الزملاء الذين تصدوا لشرح النظرية بحسن نية .فالنظرية علمية مستقرة تماما و لها مراجعها المعتمدة المحكمة .ولو أردت البحث في هذه المراجع مباشرة يمكنني أن أحدد لك بعضها مما يجمع بين دقة المادة العلمية و بساطة العرض ، و على رأس تلك المراجع " الشعبية " المتاحة للجميع كتب ريشارد داوكنز مثل " صانع الساعات الأعمى" .

أصدقك القول أنني لم اقرأ الكتاب المذكور ، لكني اجدد القول مرة اخرى انني لا أنكر النظرية لكني أطلب منك قبل أن تحيلني لكتاب صاحب الساعات الأعمى أن تشرح لي كيف تكونت الخلية الأولى بدون مسبب ذكي بل وكيف تكون أول جزيء بروتين في ظل استحالة قيام تفاعل معقد جدا من هذا النوع وكيف نشأ أول شريط DNA مع التنويه أن هذا الجزيء البروتيني ذو الوجود (الكيماوي) المؤلف مما لا يقل عن 40 الف ذرة عنصر وسلاسل احماض امينية مرتبة على نسق محدد ودقيق للغاية لا يمكنه ان يتمتع بالحياة إلا عندما يصبح جزءا من خلية حية.

اقتباس:ثانيا : أنت تطرح أسئلة استنكاريه عما يبدوا تصميما ذكيا في الكون ( الحشرة – العقرب ) كما لو كانت نظرية التطور تنكر الروعة و الإبداع في الكون .
1- الأمثلة التي تضربها هي أمثلة بسيطة للغاية مقارنة بالإنسان نفسه ، فالكون يبدوا مصمما باعلى قدر من الروعة ، و لهذا فعظمة نظرية التطور أنها تفسر بشكل علمي مايبدوا تصميما ذكيا للكون . تطور الصفات و توارثها هما أساس نظرية التطور خاصة في ضوء ثورة الشفرة الوراثية .

ومع ذلك لم تجبني عن كيفية وجود حشرة تحمل رسما دقيقا لأجزاء أوراق الأشجار وقابلة للتلون والتنكر وعن اسئلتي الـ 3 إجابة مباشرة وكيف يمكن للانتخاب الطبيعي الذي اقصى ما يستطيع تقديمه هو ان يفسر لنا قدرة كائن ما على البقاء في مقابل عدم قدرة كائن آخر ان يفسر مثل هذه الظاهرة العجيبة وأن يفسر لنا ظاهرة وجود كائن حي يحمل ابرة حقن فيها سم ويسعى غريزيا لحقن الكائنات بهذا السم القاتل من اجل التغذي عليها ، وأنت نفسك أنكرت تماما أن تكون نظرية التطور تقول بأن الكائنات تطورت بالصدفة العمياء أو الإنتخاب العشوائي

فما دام التطور ليس عشوائيا او من قبيل المصادفة فنحن أمام معضلة يوجد لها حلان لا ثالث لهما إما أن ذات الكائن أخذ قرار التطور بهذا الشكل المحدد أو أن قوى أخرى خارجية أخذت هذا القرار ولأني مقتنع تماما أن الحشرات هي كائنات بدائية ولا تفهم ما هو التطور ناهيك عن أنها لا تستطيع تنفيذ هذا القرار حتى لو رغبت في ذلك فليس عندي شك بوجود مسبب ذكي وأن العملية فيها جانبان ذاتي هو ذات الكائن الحي وموضوعي خارجي.

اقتباس:3- الإختيار الطبيعي للتذكرة هي العملية التي تصبح بها بعض الصفات الوراثية أكثر أو أقل شيوعا بين نوع معين من الكائنات الحية نتيجة تأثيرها المرتبط ببقاء حامل تلك الصفات أو تكاثره . وهو الأداة الأساسية للتطور . إن التنوعات الجينية الطبيعية تؤدي إلى أن يمتلك بعض الأفراد قدرة أعلى على البقاء و التكاثر أكثر من الاخرين في بيئة سائدة بعينها ، وهذا ما حدث لنوع من الحشرات التي تعيش على الأشجار في بريطانيا ، فبعضها كان فاتح اللون و البعض غامق ،و لوحظ أنه بعد الثورة الصناعية و اسوداد الأشجار نتيجة " الهباب" المنبعث من المداخن ، بدأت النواع السموداء تزداد بقوة ،و هذا نتيجة ان تلك الأنواع السوداء أصبح لديها قدرة اعلى على الإختباء من اعدائها و بالتالي البقاء .

ما ذكرته يا بهجت في مداخلتك اعلاه هو منطقي للغاية ،،،،،،، لكن ماذا لو ظهرت حشرة على اجنحتها صورة لـ لوحة الموناليزا بأدق تفاصيلها أو لاسمك الرباعي مكتوبا بالخط الكوفي العربي هل هذه ظاهرة طبيعية يمكن تفسيرها بالانتخاب الطبيعي الجواب لها طبعا

سوف ينقسم الناس لقسمين قسمم يقول أن أحد معامل ومختبرات الهندسة الجينية هو الذي انتج لنا الحشرة على هذا النحو وقسم اخر سيقول انها اية أو sign من عند الله

ولن يصدق اي انسان ان طفرة وراثية أخرجت لنا الحشرة الموناليزا وسوف يجمع الناس على وجود المسبب الذكي.

اقتباس:ثالثا : أنت ترى أن نظرية التطور تفسر التكيف من أجل البقاء و ليس التخصص الوظيفي .
1- ألا تشعر بالتناقض بين تعبير التطور و أن هذا التطور يعني مجرد البقاء بنفس الصفات دون تعديل !.
2- التطور في صفات الكان الحي يهدف إلى زيادة تكيف الكائن الحي مع بيئته و بالتالي إمكانية بقائه و تكاثره .
3- بالتالي الإرتقاء و البقاء ليسا منفصلين .

لكن من يأخذ قرار التطور ، من أخذ قرار بجعل شكل حشرة معينة يماثل ورقة شجر ،،، من المستحيل أن تكون الحشرة قد أخذت هذا القرار ليس فقط لان قدراتها العقلية أقل بكثير من تخيل فكرة بهذا المستوى المعقد بل لأنه ومن حيث الترتيب الزمني فإن وجود الفكرة كفكرة مجردة سبق تطبيقها في أرض الواقع المشخص ،،، وكما قلت لك أن أي تصميم معقد يكون فكرة في ذهن ما قبل أن يخرج للواقع تماما مثلما تكون مداخلاتك فكرة في ذهنك ثم تخرج للواقع المحسوس وكذلك الحال مع تصميم الحشرة حيث ان فكرة متقدمة جدا من هذا النوع لا بد أنها كانت قبل خروجها للواقع الموضوعي الخارجي فكرة أو مجموعة افكار عقلية في انتجها عقل متقدم وحكيم وعليم وخبير وليس عقل حشرة ومخلوق بدائي جدا.