............ البقية .

رابعآ: تصميم العقرب و الفراشة كنماذج لتأكيد نظرية الخلق .

خلال مداخلات متتالية يؤكد صديقنا ثندر على أن أهمية الإجابة عن مثلين ضربهما على فشل نظرية التطور و أنه لا يمكن تفسيرهما سوى خلال مرويات الخلق الخاص ، هما العقرب و الفراشة .و لست أدري لما خص ثندر هذين المثلين دون باقي مايبدوا تصميما بالغ الذكاء و الإعجاز في الكون . فهل يا زميلي قرأت هذين المثالين تحديدا ضمن ما قرأت عن محاجات الخلقيين في دحض و تسخيف نظرية التطور ، أم هما من أفكارك الخاصة ، لأني لم أجد سببا واحدآ كي تختصهما ، فهناك أمثلة متعددة مثل العقل البشري و العين و غيرها .
حسنا لابد ان أقول أني لست بيولوجيا ، و لهذا لا أرى نفسي مرجعا في تفاصيل و تاريخ التطور لكل نوع من أنواع الأجناس الحية و أعضائها بالتفصيل ، فمن يجيبك على أسئلة من هذا النوع ، يجب أن يكونوا مجموعة من العلماء في الحشرات و الطيور و النباتات و.... ، هؤلاء العلماء لديهم بالفعل إجابات على مثل هذه الأسئلة التي ستكون استفسارات و ليست براهينا على عدم صحة نظرية تقوم عليها حضاراتنا المعاصرة . سبق لي أن قرأت حول تطور بعض الأعضاء المعقدة كالعين مثلآ من بدايات بسيطة ( دراسة قام بها داروين نفسه ) ، و لكنها عند حد معين تحتاج معلومات أكثر عمقا و تفصيلآ من معلوماتي كرجل بسيط ينتمي لعالم الفيزياء الصارم و ليس لعالم الأحياء بالغ الثراء ، فلم أكن يوما بالذي يستعيض عن عالم الكوانتم الساحر ببعض الحفريات و المجسمات لأعضاء الإنسان .
و لماذا نقتصر على هذه الإستفسارات التي ستجد انها بسيطة لاحقا . لماذا لا يقبل الخلقيون التحدي الهائل الذي تطرحه نظرية التطور لإثبات خطئها ، هذا التحدى هو ما يعرف بوجود ( تعقيد غير قابل للإختزال ) ، بمعنى أنه لو ظهر أن هناك أعضاء لا يمكن أن تكون قد تطورت من أعضاء أخرى أبسط بصدق و بشكل صريح ، فإن ذلك يمكنه أن يهدم نظرية التطور كلها ، هذا التحدي قائم منذ ظهرت نظرية التطور منذ 150 سنة ،و لكن لم يمكن أبدآ إكتشاف مثل ذلك التعقيد الغير قابل للإختزال .
كي لا تعتقد أن ما تطرحه غير قابل للحل ، فبمجهود بسيط يمكنك أن تقرأ تفاصيل كاملة عن تطور العقرب خلال هذه الوصلة و ستجد إجابات تطورية علمية واضحة وموثقة عما تراه معقدآ . أما عن الفراشة فهناك عدد كبير جدا من المواقع الممتازة ، سأضع لاحقا عدد من الوصلات لها .

اضغط هنا

خامسآ : التصميم الذكي بين الخالق و الحشرة .!.

أنت تقول " ... من المستحيل أن تكون الحشرة قد أخذت هذا القرار ليس فقط لان قدراتها العقلية أقل بكثير من تخيل فكرة بهذا المستوى المعقد بل لأنه ومن حيث الترتيب الزمني فإن وجود الفكرة كفكرة مجردة سبق تطبيقها في أرض الواقع المشخص ... لا بد أنها كانت قبل خروجها للواقع الموضوعي الخارجي فكرة ..نتجها عقل متقدم وحكيم وعليم وخبير وليس عقل حشرة ومخلوق بدائي جدا" .
يا زميلي الفاضل .أنت تعيد طرح القضية من البداية بشكل كوميدي ، فتجعل البدائل بين إختيار و تصميم الخالق او تصميم الحشرة لنفسها ! ، ثم تقيم الحجة الدامغة أنه تصميم خالق قدير . بهذا تتغافل كلية عن كل الموضوع المطروح و أكثر من 10 مرات ربما تحدثنا عن بديلين هما التطور الذي أداته الأساسية الإنتخاب الطبيعي و بين الخلق الخاص بواسطة كائن ذكي قادر هو الإله ، و اتخذ كل منا موقف مؤيد لبديل منهما بالفعل ، فكيف بعد أن تحاورنا كل هذا الوقت تأتي بهذين البديلين تصميم الإله مقابل تصميم الحشرة لنفسها ، من الواضح أن هذا الجزء منقول مباشرة من موضوع سابق لا علاقة له بهذا الشريط .

سادسآ : أين المشكلة ؟.
.
أعتقد أن الزملاء الذين يتحاورون معنا حول نظرية التطور البيولوجي لا يلمون بها بشكل دقيق ، و هم غالبا مازالوا أسرى الجدل الذي اشتعل حول النظرية في شكلها القديم قبل ما لحق بها من تطويرات متتالية ، فالنظرية مرت بمسار طويل منذ اكتشفها داروين و صاغها حتى اليوم . أول المحطات الهامة في هذا المسار هو العشرينات من القرن الماضي عندما تزاوجت أفكار داروين مع علم الجينات منتجة ما يسمى بنظرية التطور الحديثة أو " الداروينية الحديثة neo-Darwinism " . هذه التعديلآت لم تكن هدما للنظرية و لكنها تطوير في إطار صحتها العامة ، حيث أدى النقد العلمي للنظرية إلى التخلي عن كثير من أفكار داروين ، كذلك إلى ملئ الثغرات في الأفكار و الأدلة التي تقوم عليها النظرية ، كما تكشفت مسارات و مقتربات كثيرة للرؤية التطورية كانت غائبة .
المحطة الثانية و الأهم هي محطة الخمسينات من القرن الماضي مع إكتشاف DNA،وهو الجزيء الحامل لمجموعة تعليمات الحياة . قبل إكتشاف جزيء DNA كان كل ما استطاع داروين و غيره من علماء التطور البيولوجي عمله هو جمع الأدلة على حدوث عملية التطور تاريخيا و دراستها و تبويبها و تدقيقها ،و رغم أهمية هذا الدور الرائع ، إلا أن هؤلاء الرواد الكبار كانوا غير قادرين على شرح كيف يحدث التطور عمليا ، لأنهم بكل بساطة لم يعرفوا كيف يحدث التكاثر و تنتقل الصفات الوراثية .
أما اليوم فيلعب جزيئ DNA الدور المحوري في فهمنا للتطور ، لأن هذا الجزيئ هو المكان الذي يحدث فيه التطور بالفعل !. رغم هذا التطور العلمي الهائل إلا أن نظرية التطور البيولوجي مازالت تحمل الملامح الأساسية التي صاغها رجل عبقري فريد في التاريخ هو تشارلس داروين >


.أهم هذه الملامح هي :

1- الأصل المشترك : كل الكائنات الحية على الأرض جائت من نفس الأصول ،و بالتالي فكل الكائنات الحية مربطة بعضها ببعض .
2- التغير خلال التكاثر : كل الكائنات الحية على الأرض أتت من كائنات أخرى ،و عندما تظهر كائنات حية جديدة فهذا مؤشر على إحتمالية ظهور صفات جديدة .
3- آلية الإنتخاب :الكائنات الحية التي تتمكن من البقاء و تقاوم الهلاك و بالتالي تنجح في إنتاج نسل جديد، تقوم عادة بنقل صفاتها إلى الأجيال الجديدة .
هذه المبادئ الثلاث تؤسس لنظرية " التطور البيولوجي " .
أخيراً، أدعو الزميل ثندر و أصدقائنا في النادي إلى إلقاء نظرة سريعة على أشهر المجلات العلمية المتخصصة بأخبار العلم. لن نتحدث هنا عن المجلات علم الأحياء المتخصصة بل عن مجلات علمية عامة
1 - خمسون خبرا واكتشافا وبحثا جديدا نشروا في مجلة "العلوم اليومية" تدعم التطوّر في الأشهر الست الماضية.
2 - في مجلة "أخبار العلم" الرقم وصل إلى ستين .
3 – في "العلوم الأمريكية" حوالي الأربعين خبر.
تلك الأخبار تتنوع بين علم الإنسان (الانتروبولوجي) وعلم الحيوان (الزوولوجي) وعلم الجينات وعلم الأحافير (الباليونتولوجي)، وعلم السلوكيات، وعلم النفس، وعلم الأحياء، وعلم الجراثيم، وعلم النبات، وعلم اللغويات والكلام. قائمة طويلة خلال نصف السنة الماضي فقط - كلها لم تعد مضطرة للقول أن التطوّر حقيقة بل ترفده بمعطيات وتفاسير جديدة بغزارة. فهل لازلنا نقول عنزة ولو طارت .