لأن اليوم عيد ميلاد ليلاء فلن أبخل عليها بقصتي الصغيرة .
نعم مررت بهذه التجربة و لكن منذ سنوات طويلة .. ليس في مصر كلها بل في موسكو و في أشد أيام يناير برودة ، في درجة ربما 20 تحت الصفر !.
خرجت متأخرا من نادي ليلي و مطعم يسمى " تشيستي برودي " أو البحيرة النقية متوجها إلى مسكني ، كان الطريق خاليا تماما ،و لكني أبصرت عن بعد و تحت مصباح شاحب منظرآ رابني ،و لما اقتربت وجدت شابا غاضبا يضرب فتاة و يبدوا عليه السكر من حركاته .
في البداية فكرت بالإستنجاد بأي شرطي او جماعة من الناس قريبة ،و لكني لم أجد أحدآ ، ففكرت في كل التعليمات التي سمعتها سابقا في الملحقية و من المصريين القدامى في البلد ألا أتورط في مشاكل مع الروس خاصة السكارى منهم .
فكرت بالفعل في تغيير طريقي ولكني في هذه الحالات أصاب برد فعل غريب نوعا ما ، فعندما أشعر باني في طريقي لأكون نذلآ أو جبانا أبدأ في الإنقلاب في الإتجاه الآخر بقوة أشعر بأنها قاهرة ،و أنسى كل المخاطر و أفكر انه من الأفضل ان اموت رجلآ ولا اعيش جبانا . بهذا الشعور الأهوج وجدتني اندفع بقوة تجاه الشاب الروسي و احتضنته بعيدآ عن الفتاة ، و لأن الأرض لزجة جدا بسبب الثلج ،و جدته يسقط و سقطت فوقه . كان السقوط كافيا ليهدأ الشاب و ينظر إلي مندهشا ثم صاح :" جروزني .. ختيري " ، أي لص من جورجيا ( بلد ستالين ) ،هنا وجدت الفتاة تضربني بحقيبتها فأصابتني في رأسي ، ثم انطلق الإثنان هاربين . جلست على المقعد لأضع الثلج على جبيني و قد أصابتني الدهشة لأني لم أستوعب ما حدث سوى بمرور بعض الوقت . الشاب كان مازال سكرانا فاعتقد اني لص من جمهورية جورجيا ، اهاجمه و احاول سرقته ، و كان هؤلاء " الجروز " هم المافيا في موسكو في ذلك الوقت ،و قد دفعه إلى هذا الإستنتاج أني كنت أحتفظ بشارب على عادة اهل جورجيا .
كانت الإصابة سطحية فيبدوا ان الفتاة خشيت من إنتقام اللص الجورجي فاكتفت بإشغاله و فرت مع صديقها . عندما عدت إلى المبنى قابلني صديق عراقي مقيم منذ فترة في موسكو ،ولما أخبرته بالقصة أخذ يقهقه ضاحكا ، و قال لي أني سعيد الحظ لأن الشاب اعتقد أني لص من جورجيا ، فلو عرف أني مجرد شهم عربي يدافع عن فتاة روسية مسكينة تتشاجر مع صديقها القاسي لكنت شهيد الشهامة العربية،و لكن بلا أي نصب تذكاري في أي مكان .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-30-2010, 08:23 AM بواسطة بهجت.)