عيون وآذان (ملاحظة أخوية لقائد المقاومة)
الاربعاء, 17 نوفمبر 2010
جهاد الخازن

اعتبرت السيد حسن نصرالله دائماً أذكى رجال جيله من أركان الساحة السياسية اللبنانية والعربية، غير أن ذكاءه خانه في خطابه بمناسبة يوم الشهيد الذي وافق أيضاً ذكرى وفاة الرئيس ياسر عرفات، وهو شهيد آخر.

السيد أخطأ في حديثه عن رسالة هنري كيسنجر، وكلنا يخطئ، إلاّ أن السيد كان يجب أن يدرك أن الوزير الصهيوني الإسرائيلي الهوى ما كان ليكتب رسالة اعتراف تدينه. وما يقلقني في هذا الخطأ أن السيد يتخذ قرارات في أمور مهمة جداً من نوع المواجهة مع اسرائيل، وعمل حزب الله، والسياسة اللبنانية والعربية، ويجب أن تكون هذه القرارات مبنية على معلومات صحيحة، لأنها إذا بنيت على خطأ فستكون خطأ وكارثة علينا جميعاً.

استغربت ان يقع السيد الذكي في مطب رسالة مستحيلة،

وتألمت لقوله ان حكومة فؤاد السنيورة كانت تماطل لإطالة أمد الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006. وقد رد رئيس الوزراء السابق نافياً، وقال ان كلام السيد: خطير تنقصه الدقة... ويدعو للعجب والاستغراب... لم يكن موفقاً ولا دقيقاً.

معنى الكلام السابق ان السيد أخطأ، إلا ان فؤاد السنيورة تجنب استعمال هذه الكلمة التي أجد أنها تختصر الموضوع.

قبل أن أكمل أقول لا تربطني بفؤاد السنيورة أي مصلحة، من أي نوع، لا اليوم أو أمس، وحتماً ليس غداً. غير أنني أعرفه جيداً، من لندن الى بيروت، كما أعرف أصدقاءه، وأجزم بأنه وطني ومؤمن، ويستحيل أن يسير مع أي مصلحة اسرائيلية ضد حزب الله، مهما اشتد الخلاف اللبناني الداخلي.

ليس هذا الكلام دفاعاً عن فؤاد السنيورة بقدر ما هو ملاحظة أخوية لقائد المقاومة، فلو أخطأت أنا لارتد الخطأ عليّ وحدي، أما السيد حسن نصرالله فمسؤولياته حيوية أو حياتية، وبما انني سأبقى معه ضد اسرائيل أخطأ أم أصاب، فإنني بحاجة الى الثقة بأن السيد مصيب في مواقفه ضد اسرائيل، لأنني سأتبعها وأؤيدها من دون أن أسأل هل هي مخطئة أم مصيبة.

لا أعرف إذا كان هناك لبنانيون كثيرون مثلي يؤيدون حزب الله ضد اسرائيل بالمطلق، غير أنني أعتقد أن الحزب سيستفيد كثيراً إذا سعى لتوسيع قاعدة شعبيته بما يتجاوز الطائفة الشيعية، وقد حاول السيد طمأنة اللبنانيين في خطابه، إلاّ ان اللهجة المهدِّدة كانت اكثر.

المعلومات الآتية صحيحة، وقد تفيد:

- المحكمة الدولية صدرت بقرار من مجلس الأمن ولا يلغيه أو يعدله إلا قرار آخر يصدره المجلس.

- القرار الظني ليس إدانة، مع أن أطرافاً معروفة ستعتبره حكماً نافذاً. والشك في الجنايات لمصلحة المتهم.

- ربما كان القرار «مُؤامرة» أميركية - فرنسية إلا أنه ليس مؤامرة أميركية - اسرائيلية. اسرائيل دولة حقيرة محتقرة، وأكثر قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن تدينها، وهي كانت ستزيد لولا الفيتو الأميركي.

- اسرائيل استفادت من القرار والمحكمة إلا انها ليست وراء هذه أو ذاك، فهي أقل شأناً من ذلك.

- إذا صدر قرار اتهام عن المحكمة الدولية فرجائي أن يكون لحزب الله خبراء في القانون الدولي واللبناني يفندون التهم ويردون عليها، وأن تعمل القيادة برأيهم لأنهم يعرفون عن القانون ما لا تعرف.

- من الحكمة أن يدخر حزب الله جهده لمهاجمة القرار الظني عندما يصدر بدل مهاجمة شيء لم يوجد بعد.

- ثمة احتمال ان يكون بعض التسريبات كاذباً عمداً لاستفزاز حزب الله واستدراجه وإثارة البلبلة، وهو ما حدث حتى الآن.

- يجب ان يتجنب حزب الله كل ما من شأنه ان يؤذي الاقتصاد اللبناني فقاعدته الشعبية جزء من هذا الاقتصاد.

- المطلوب ان نقاوم اسرائيل، لا ان يقاتل بعضنا بعضاً، أو نسهل مهمة العدو القريب والخصم البعيد، وكنت قرأت أمس افتتاحية في «نيويورك تايمز» تتجاوز حزب الله لتحرّض على سورية لعلاقتها بالمقاومة، ما سأعود اليه غداً.

وأعود الى النقطة الأولى في المعلومات السابقة، فلو أن الرؤساء اللبنانيين الثلاثة ذهبوا الى مجلس الأمن ليطلبوا إلغاء قرار المحكمة لاحتاج الأمر الى قرار جديد من دون فيتو إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية، وتحديداً الولايات المتحدة، لذلك أشارك حزب الله القلق من تسييس المحكمة فالإدارة الأميركية وضعت حزب الله في «خانة اليك» ولن تتركه يخرج منها من دون ثمن.

الوضع خطر، وكل خطأ يرتكبه حزب الله تستفيد منه اسرائيل، وندفع جميعاً الثمن. ولعل السيد حسن نصرالله يجد ما يطمئنه في متانة العلاقة السعودية - السورية، فكل من البلدين قادر على أن يقنع حلفاءه بعدم السير في طريق مواجهة داخلية إذا بدأت لا يعرف غير ربنا كيف ستنتهي.

في غضون ذلك أقول: لكل جواد كبوة.