اقتباس:هذه هي الحضارات "الخلابة" التي نعرفها، فما هي حضارات "أفريقيا الخلابة" بربك؟ إلا إذا اعتبرت نزول الإنسان عن الشجرة ودخوله الكهوف "حضارة"؟ من يدري .. قد يكون !!!
هنا، وللتوضيح فقط، أنا لا أطعن في "أفريقيا" أو سكانها السود، ولا تفرقة عندي بين الأسود والأبيض على الإطلاق، ولكني أقرر حقائق تاريخية قائمة أمامنا ما من محيص عنها. فكل القارة الأفريقية السوداء (باستثناء مصر والمغرب العربي) لم تعط للحضارة بقدر ما أعطته جزيرة نائية مثل "بريطانيا". وإن شئت اليوم أن تعدد إنجازات قبائل "الزولو" و"التوتسي" الحضارية فلن تذكر شيئاَ، ولو طلبت منك أن تعدد لي عناصر "الحضارة الخلابة" – على حد زعمك – التي تتمتع بها "مالي والنايجر والسينيغال وتوغو والكونغو ورواندا وزيمبابوي" فلن تستطيع أن تذكر شيئاً. بينما لو سألتك أن تذكر لي مساهمات "بلاد فارس وما بين النهرين" في الحضارة العالمية، فلسوف تقفز إلى ذاكرتك أسماء كبيرة لامعة وفلسفات ونظريات وأبحاث متميزة.
الزميل العلماني
ما رأيك يا زميل في المكتوب عن حضارة "كوش" القديمة و عن حاضرتها في مروي او Meroë
و هي المدينة التي اطلق عليها المؤرخون و علماء الاثار اسم بيرمنجهام افريقيا لأنها كانت مشهورة بصهر و صناعة الحديد و في الحقيقة فإن استخدام الحديد كواحد من اهم انجازات الحضارة البشرية ابتدأ هناك في مروي التي تبعد عن الخرطوم عاصمة السودان بضعة كيلومترات على الضفة الشرقية لنهر النيل و لا زالت اهرامات و مدافن ملوكها شاخصة للعيان، اذا يمكننا القول بكل اطمئنان أنه كان للحضارة الكوشية الافريقية الخالصة اسهام كبير في مسيرة التاريخ. و ايضا يمكن الحديث عن الحضارة النوبية التي كانت موجودة إلى الجنوب من الحضارة الفرعونية و تبادلت معها التأثير و التأثر بل و تمكن بعض ملوكها من حكم مصر طيلة فترة الاسرة 25 ابتدأ ببعانخي عظيم النوبة و حتى ابنه الملك العظيم تهارقا. و يوجد الكثير الذي يمكن قوله عن اثيوبيا و بلاد بونت و غيرها من الحضارات الافريقية و كونك لا تعرف عن مالي التي كانت حاضرتها "تمبكتو" اشهر من نار على علم في حقبة تاريخية معينة و لا تعلم عن توغو و السينغال و لا تعرف لهم اسهاما حضاريا فذلك لا ينفي اطلاقا أنهم لم يكن لهم ذلك الاسهام و عدم معرفتك هذه في ظني تؤكد أن التاريخ البشري في حوجة حقيقية لاعادة كتابته و تحريره من هيمنة المركزية الاوروبية التي احتكرت كتابة التاريخ وفق رؤاها و انطلاقا من فرضية تميزها عن بقية البشر.