ما هو التعريف القانوني للدعارة؟ وهل يحاسب عليها القانون أم لا؟
هل هناك تعريف شرعي للدعارة غير التعريف القانوني، وذلك حين اعتبار الشريعة مصدرا قانونيا؟

هل هناك تعبير مجازي أخلاقي للدعارة؟ وما مدى ارتباطه بوجهة نظرنا المسبقة عن الحياة؟
ما علاقة النكاح المؤقت بالدعارة؟

التعريف القانون للدعارة يؤخذ من قانون العقوبات من البلد المطلوب، لا يحضرني التعريف الآن، لكن من السهل الاطلاع على قانون العقوبات في أي مكتبة عامة قريبة. قانون العقوبات الأردني مثل سائر الدول العربية المحيطة باستثناء السعودية، مأخوذ من قانون العقوبات المصري مع بعض التعديلات، والذي بدوره مشتق من قانون العقوبات الفرنسي القديم.
مدى محاسبة القانون عليها ترجع إلى تجريم الفعل أولا، وصحة الناحية الإجرائية في الضبط ثانيا، وحين يتم الفعل في مكان مغلق فنظريا لا تستطيع شرطة الآداب الدخول دون إذن من النيابة العامة، أو حين يتم سماع استغاثة من الداخل... هذا نظريا، لكن نظرا للتطور السلبي في المجتمعات فلا بأس بدخول الشرطة وما يشبهها والجيران وجيرانهم في أي بيت مغلق لا سند قوي لصاحبه في الدولة ولا يتعاطى فيتامين واو، لعله يجدر به أن يحذر حين الوجود مع زوجته.

الدعارة في الشريعة هي من وسائل الكسب الغير مشروع، ومالها ومال الكهانة شيء واحد في الحرمة، ويسمى بمهر البغي أو أجرها، وهو تقاضي المال على الجنس دون عقد نكاح؛ وعقد النكاح لمن لا يعلم هو عقد مدني شرعي يبيح ويحرم. وفيه أركان التعاقد وهما الإيجاب والقبول ووحدة المجلس، وموضوع العقد وهو البضع، والعاقد وهو المرأة، والمعقود له وهو الرجل، وفيه الخلو من الموانع كانشغال محل العقد بغيره أو بعدة، أو رابع بعد ثلاث طلقات، أو بعد لعان، أو وجود حرمة من نسب أو صهر أو رضاع، أو خامسة، والخلو من التأقيت عند البعض، مع وجود الشروط من مثل الرضا الحقيقي والمهر وما يريد أن يشترطه أحد العاقدين. مع خلافات أخرى بين فقهاء القانون الشرعي.

هل يليق وصف النكاح بالدعارة إن تصاحبت بالمهر؟
حقيقة لا يليق هذا لا من ناحية قانونية ولا من ناحية أدبية، من ناحية قانونية لا ينطبق على هذا ما ينطبق على ذاك، ومن ناحية أدبية فليس ما نراه بالضرورة صحيحا هو خاطئ بعين الغير، والعكس صحيح، وحين يدين الزميل العزيز إبراهيم النكاح المشتمل على المهر ويصمه بالدعارة الشرعية، فهو يخالف الوصية التي تنهاه عن إدانة غيره حتى لا يدان يوم الدينونة. موضوع المهر يتعلق أكثر ما يتعلق بوجهة النظر المسبقة عن الحياة، فحين ينظر المرء للحياة أنها مخلوقة لخالق ينظمها فسينظر إليها مختلفا عمن ينظر إليها كمخلوقة لخالق عبثي لا شأن له بها، أو أنها موجودة صدفة دون موجد. دون خوض في أي من هذه النظرات هي الأصوب، لكن الأصل أن يراعي المرء حين الحكم أن الزاوية التي ينظر منها هي التي شكلت حكمه، وأن غيره يرى سخافة هذه الزاوية، وبالتبع سخافة الحكم الناتج والعكس صحيح. لذا كان الأصوب حين البحث أن تناقش هذه الزوايا، وعدم الانصراف إلى الفروع التي تسقط تلقائيا مع سقوط أصولها. أما دحض الفروع بتشبيهها بالقبيح المفترض فهو موغر للصدور يشبه تصوير السوفسطائي للعسل بأنه خرء ذباب لتنفير الناس منه، لكن الناس ستأكل العسل وتنفر من السوفسطائي. فيكون إبراهيم هنا معثرة للناس مدعاة لنفورهم منه بدل أن يشكل نموذج محبة يجذب الناس للحب الإلهي.

هل الدعارة نشاط غير مشروع بالنظر في معزل عن الدين؟
لا أرى ما يوجب النظر إلى الدعارة كنشاط غير مشروع إن نظرنا إليها من زاوية غير دينية، ذلك أنها خدمة مدفوعة الثمن يقدمها الشخص لغيره. وحين لا تريد الدولة أن تبني قوانينها على الأسس الدينية فعليها أن تلاحظ أن هناك من الناس من هو محافظ لا يريد أن يتم تقديم الجنس بثمن، وهناك من يحبذ ذلك، ومن الظلم فرض نظرة المحافظين على غيرهم. إذ لا يوجد ما يلزم المحافظين بالذهاب إلى بيوت الدعارة، ولا يوجد من يفرضها عليهم، فعليهم إذن أن يتسامحوا مع مواطنيهم غير المحافظين الذين لا يرون بأسا في تبادل خدمات جنسية مدفوعة الثمن، وأن يتوقفوا عن إزعاجهم بإسم الأخلاق. فكم من داعر وداعرة لديه من الأخلاق أكثر من ألوف من مدعي العفة والطهارة، ورب مومس أشرف من بعض المتوارعين مدعي التقوى. على أن تحرص الدولة على منع تناقل الأمراض خلال هذه الخدمات كما تحرص على منع تناقل السالمونيلا حين بيع الدجاج. هذا الأمر ينبغي انطباقه في أي دولة لا تريد أو لا يريد مجتمعها أن يبنيها على أسس دينية، غير ذلك يكون البناء متناقضا إما أن يصلح أو ينهار.

نأتي إلى النكاح المؤقت الذي ذكره الزميل، والذي يظن أنه من آراء أهل السنة.
النكاح المؤقت من الناحية التشريعية لمن يتبع الفقه على الطريقة الجعفرية صحيح لا غبار عليه.
وهو نكاح فاسد من الناحية التشريعية لمن يتبع الفقه على المذاهب السنية المخلتفة.

فساد العقد يعني بطلانه مع بقاء أثره في حال وصوله إلى القضاء، وإمكان إصلاحه قبل الوصول إلى القضاء. وفي حالة عقد النكاح المؤقت عند المذاهب السنية حين التحاكم لقاض سني المذهب أو حين تبني الإمام لهذا الرأي الفقهي، فهو عقد فاسد، يوجب المهر وحرمة الأمهات والآباء والأبناء بمجرد العقد والبنات بالدخول، ولا عقوبة على الدخول لا حدية ولا تعزيرية إلا إن سبقي النهي من الإمام فالعقوبة على عصيانه لا على الدخول. ويلحق الولد بأبيه وتستحق المرأة المهر المسمى أو مهر المثل، وتعتد منها بحيضة. وإن أصلح العقد قبل بلوغه القاضي فهو عقد نكاح صحيح ساري المفعول، ويحد من يرمي العاقدين بالزنا لأن النكاح المؤقت ليس بزنا.

إن لم يتبن الإمام في أمر النكاح المؤقت شيئا، لا غضاضة من إجرائه عند من يرى بإباحته، ويحد كل من يرميهم بالزنا، لأنه اجتهاد فقهي مبني على أصول صحيحة كما هو الحال بالاجتهاد المحرم، ولا ينقض الاجتهاد بمثله مطلقا، وحتى حين يتبنى الإمام أحد الرأيين فإنه يتبناه كأمر تنظيمي ليدير العلاقات في المجتمع وليس له أن يمنع أصحاب الرأي الآخر من تدريس ما يرون والدعوة إليه، وحتى دعوة الدولة أن تتبنى رأيهم.

نختم بأمر الفرس والعرب،
حين النظر للأمر من زاوية دينية، فلا يليق وجود الفرس والعرب في دولتين منفصلتين، ولا حتى الترك والبلوش والهنود والبربر، ذلك أن الدولة الإسلامية واحدة، وقد حكم كل من عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب دولا متعددة الأعراق، واستمرت الدولة "الإسلامية" كذلك حتى الغيت عام 1924. فحين الرجوع إلى الزاوية الدينية ينبغي عدم إغفال هذه النقطة، والذي أعطى الحق لعمر وعلي العربيين أن يحكما فارس وخراسان، يعطي الحق لنجاد والخامنئي أن يحكم الحجاز، وإلا كان الجميع مخطئا.

حين النظر للأمر من ناحية قومية، حقيقة لا يليق نسبة الأمر إلى المراكز الدينية حينها، لأن من الفرس سنة وشيعة، ومن العرب كذلك، وحين يريد المرء أن يجمع الناس على نفس قومي أو وطني، فإن يعيد فرزهم على أسس طائفية أو دينية بما يناقض نفسه، حينها نقول له قرر زميلنا الكريم ما هي المرجعية التي تريد الرجوع إليها؟

نكاح المتعة وضلع الزهراء وشتم الصحابة وتحريف القرآن وقتل الحسين والجمل وصفين وكربلاء، وقتل عثمان، والسقيفة، وتولي معاوية ويزيد.. هي مواضيع لا يوجد بأس من طرحها لتعرف ويتم تجنب مثلها مستقبلا، والأهم تجنب طريقة التفكير التي أدت لمثلها يوما. لكن دراستها بقصد الشحن والتأليب، لا سيما ممن يدعي العالمانية، هو أمر مثير للفتنة وغير محمود ولا مأمون العواقب.


أطلنا عليكم، والسلام ختام..