أعتقد أن العزيز خالد قد أجاد في تعليقه بشكل رائع (خصوصا في موقفه من الدعارة المنظمة ) .. ولم يترك لنا سوى مجالا بسيطا لإضافات صغيرة:
هناك معان مختلفة للدعارة:
فهناك الدعارة في مفهومها القانوني وتعني الاعتياد على تقديم خدمات جنسية مقابل معنفة مالية.
وهناك الدعارة في مفهومها الاجتماعي والاخلاقي، والذي يوسع من نطاق الدعارة ليدخل ضمنها اشكالا لا تشكل جرما جزائيا، ولكنها قد تكون في عرف البعض دعارة اخلاقية (مثل بعض ممارسات زواج المتعة وزواج المسيار القائمة على الامتهان مقابل منفعة مالية) ..
من الواضح أن التعريف القانوني للدعارة واضح وصارم ودقيق .. في حين أن التعريف الاخلاقي للدعارة واسع جدا وتابع للخلفية الثقافية والاجتماعية لكل شخص (هناك من يرى أن استغلال المرأة انثوتها في تسهيل بعض امورها الشخصية شكلا من أشكال الدعارة !) ..
اقتباس:كيف تثبت السلطات ان تلك الممارسة دعارة وتحاسب الفاعل عليها؟
وتلك الممارسة غير دعارة ولا يحاسب الفاعل؟
السؤال هنا يتعلق بمسألة قانونية بحتة وهي تمييز الدعارة المجرمة عن الممارسة الجنسية خارج اطار الزواج (وغير المجرمة في غالبية القوانين العربية) ..
الركن المادي الأساسي لجرم الدعارة في القانون هو
الاعتياد على ممارسة الدعارة
مع الغير دون تمييز مقابل منفعة مالية ، فأول فعل لا يكون مجرما وإنما تكرار الفعل مع الغير يكون قرينة على تحقق الركن المادي (الاعتياد) ..
عند مداهمة بيت أو مكان ما والقاء القبض على شخصين فإن أول تكييف للواقعة يكون على أنه دعارة، وغالبا يتم التحقق من السجل العدلي للمرأة، فإن لم يكن لها ملف عند الجهاز الأمني المتخص بالقضايا الاخلاقية (فيش وتشبيه) فيطلق سراحها ويتم اعتبار الأمر مجرد ممارسة جنسية غير مجرمة.. ولكن تبدأ المشكلة عندما يقوم عناصر الشرطة بادراج اسم المرأة ضمن ملفاتها (رغم أن القضية لا قد تكون دعارة وانما ممارسة بين شخصين دون مقابل مادي) وبالتالي إذا تكررت مداهمة مكان ما والقاء القبض على ذات المرأة مع رجل آخر عندها سيتم تكييف الأمر على أنه دعارة بالنظر لتحقق ركن (الاعتياد .. متعودة !! ديما) على الرغم من أن العنصر المادي الآخر (مقابل منفعة مادية) قد لا يكون متحققا أو صعب الاثبات .. وهنا يثور في الغالب جدل قانوني حول مدى أحقية الشرطة في ادراج اسم المرأة ضمن سجلات الدعارة (رغم أنها قد تكون ممارسة عادية لا تتحقق فيها الاركان المادية لجرم الدعارة) .. ومن الواضح أن هذه الاشكاليات ناتجة عن تناقض قانوني بين السماح بالممارسة الجنسية خارج إطار الزواج، وتجريم الدعارة في ذات الوقت دون تحديد االأدوات القانونية الدقيقة والكفيلة بالتمييز بين الاثنين دون اهدار الحق في الممارسة الجنسية غير المجرمة، ولعل ما يخفف من حدة هذه الاشكالية هو ميل القانون إلى تجريم الدعارة المنظمة القائمة على وجود شبكات وقوادين واستغلال للنساء ضمن أماكن محددة .. في حين تبقى الدعارة الفردية وغير المنظمة ممارسة يتم التساهل معها (غالبا) أو تترك في أحسن الأحوال لـ (تقدير !!! ) رجال الشرطة .. وفهمكون كفاية ! ..