عزيزي ليس هكذا يا أبزيرفر،

لا ينكر وجود ما ذكرت، وهو إن أردت أن تفحصه إحصائيا، أو أن تصنع نسبة بين الأجانب الجيدين والأجانب السيئين، أو أن تصنع مقارنة بين مجرمي الأجانب من بلادنا ومجرمي الأجانب القادمين من شرق أوربا، لن تجد تلك النسبة العالية الجديرة بهذا الإهتمام فوق العادة التي يبديه الإعلام واليمين المتطرف والمتوسط لهذه القضية.

لا أنكر وجود مشكلة من الأجانب، لكن تسليط الضوء عليها ووضعها تحت المجهر لم يكن من أجل هؤلاء الأجانب ولا من أجل أمن المجتمع الأوربي، هو فقط من أجل تمرير أجندة يمينية معينة، وحين سينتبه الناس لهذا الأمر سيكون قد فات الأوان.

لاحظ عزيزي أنه بالتزامن مع لفت الإنتباه لمشاكل الأجانب، التي إحصائيا تبقى على هامش المجتمعات الأوربية، اللهم إلا في فرنسا لارتفاع نسبتهم وقدم عهد جاليتهم، لاحظ كم القوانين اليمينية التي تمرر ويتم الموافقة عليها بهدوء.

وهو ليس رأيي وحدي على أية حال، هو رأيي، ورأي الباحث الاجتماعي السويدي يوناس فروكمان سمعته منه في محاضرة في نهايات 2009 في جامعة مالمو، ورأي الباحث الاجتماعي السويدي بريندت كلافيير أيضا ذكره في محاضرات المبادئ في العلوم الاجتماعية ونظرية الثقافة في نفس الجامعة.

برأيي أن اليمين يستغل مشكلة موجودة فعلا، وهي التي تفضلت وذكرتها، ثم ينفخ فيها معطيا إياها حجما أكبر منها بكثير، حتى يمرر حزمة من القوانين اليمينية ونقل المجتمع من الحالة المعلقة التي كان عليها إبان الحرب الباردة، نحو الرأسمالية بالصورة النمطية الأمريكية.

قد أؤيد شخصيا بعض هذا القوانين المتعلقة بلمّ الشمل ومنع التحايل على القانون، وقد أؤيد النظرة القائمة على استقدام الهجرة المدربة أو المتخصصة والمميزة والتوقف عن استقدام الهجرة العشوائية بحجة لمّ الشمل، لكنني كمواطن أوربيّ دافع للضرائب ملتزم بالقانون، لن أؤيد اتخاذ هذه الحالة أو المشكلة كذريعة أو غطاء للقضاء على المكتسبات اليسارية التي تعبت وضحت الشعوب هنا للحصول عليها، لا سيمّا نظام الأمن الاجتماعي.

يعني عزيزي، لن ألجأ للكي لعلاج لدغة بعوضة أو للتخلص من قرادة تتطفل على دمّي.

أظن أن هناك انتباها عاما لهذه القضية في الدنمرك بعض أن ضجت الناس بما يجري من تقليص للرفاه الاجتماعي الذي اعتادوا عليه، وستشهد الانتخابات القادمة نهاية عام 2011 اقبالا شبابيا لعله يركز على المشكلة الحقيقية التي تواجه الشباب هناك، وهي البطالة العالية واستقدام العمالة الرخيصة من بولندا وسائر شرق أوربا، بدل من الحديث عن مشكلة غيتوهات الأجانب وعصاباتهم التي من المفترض أن تكون مشكلة أمنية لا سياسية، تحلها الشرطة بمعزل عن مجلس النواب وعن إرباك العامة في ما يجب أن يتخذه مجلس النواب من قوانين.