أخي العزيز حنيفا على الفطرة،

حيث أني لست ملحدا، فربما أوافقك في بعض قولك، ولعلي أخالفك في كثير منه.

عزيزي، ابتداء لست في معرض تصويب وتخطئة الفعل الجنسي مع الجنس المماثل، لأننا نعلم أن مقاييس الصواب والخطأ إنما تنتزع من الزاوية التي ننظر منها إلى الحياة، وكلانا ينظر من زاوية الإسلام، لذا أظن أننا حكما قد نتفق في هذا المعيار.

ولكن،
حين نريد أن نبحث الواقع نفسه، واقع الميل الجنسي إلى المثيل، ما الذي يسببه وكيف يحدث؟ لم يقرر بعض الرجال، وبعض النسوة، أن ينجذبوا إلى الجنس المماثل؟
هل يقرروا فعلا أن ينجذبوا إلى الجنس المماثل، أم أنهم يولدوا أو يتهيؤوا نفسيا لذلك لأسباب لا دخل لهم بها؟ كيف سنعرف هذا الأمر؟
لاحظ أننا لا نتحدث عن ذات الفعل، نحن نتحدث عن الميل، عن الحلم الذي يترافق مع الإنسان خلال نومه مؤديا به إلى الاحتلام، هل يحلم المثليون أحلاما جنسية كما نحلم؟ أم يحلمون بالجنس المثيل؟

ما مدى دقة المعلومات عن الإشكالات التي تحدث في رحم الأم والتي قد تؤدي إلى انحراف الميل الجنسي عن المعتاد؟ وماذا عن الكروموسومات؟ هل هناك جين يتحكم بهذه الخصلة؟

هل بحثت هذه الأمور عزيزي؟

فلنترك المثليين الغربيين جانبا، وهلم فلنسأل المثليين العرب، هل هم سعداء بما هم عليه؟ هل حاولوا أم لم يحاولوا أن يكونوا مثلنا؟ هل يحلمون باليوم الذي يشتهون فيه الجنس المغاير ويحظون بعائلة كما نحظى، واحترام من ذويهم كما نحترم؟

عزيزي،

ما مدى انطباق رفضنا للجنس المثلي على الحكم الشرعي، هل نرفضه لأنه محرم أم نرفضه لأنه تابو اجتماعي؟

كم من المحرمات العامة الطامة التي نتسامح فيها، أو نغض الطرف عنها خوفا من سيف المعز وطمعا بذهبه، أو من الرأي العام، وكم من الأحكام الشرعية التي قد عطلناها لضعف وتخاذل وانهزام فينا، حتى نبرز بروزا واضحا في رفض هذه الجزئية التي لا يعاني منها كل المجتمع، ولا نصفه، ولا ربما عشره. ولعل في إقامة ما ينبغي من أحكام شرعية أن تحل مشكلتهم بالنصفة لهم ولنا.

هل حقيقة ترى أننا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه بسبب وجود هذه الفئة بيننا؟

أختم بموضوع التحرش بالأطفال...

عزيزي موضوع اشتهاء الأطفال هو موضوع شاذ يغاير أمر الجنس المثيل، ويسمى البيدوفيليا، ولا يميز صاحب هذا الميل بين ولد أو بنت، إن هو إلا طفل ناعم غض بض، يأخذه ويرتكب جريمته معه لأسباب شتى، قد يكون منها اشتهاء المثيل وقد لا يكون.

هل اطلعت على من يرغب مثلا من الرجال في أن يمارس الجنس مع رجال تامي الرجولة وافري الشعر في متوسط العمر؟ هل ترى هؤلاء لا بأس فيهم لأنهم لا يتحرشون بالأطفال؟

أمرنا أن نعدل حتى لو كان بيننا وبين قوم شنآن، وأرى قومي لا يعدلون في أمر هذه الفئة من الناس، ويظلمونها بناء على تابو اجتماعي ذكوري وليس بناء على واقع شرعي متعلق بحكمه، تجد أن من أشد من يظلمه من لا يسأل عن الشرع ولا يبالي به، بحجة الشرع.

لا أدعي أن القوم على صواب في ما يفعلون، ولا أتحدث عن الميل فلا سلطة لأحد عليه، ولا أميل لرأي الغرب الذي رأى في الأمر شيئا طبيعيا، لكني أيضا لا أتفق مع وجهة النظر الإقصائية التي يلتزم بها الكثيرون على ظن منهم أن الشرع يريد هذا. القوم فيهم مشكلة تحتاج حلا، والحل لن يكون أبدا بالإقصاء، الحل يكون في الاستماع وإعطائهم الأمان، ودراسة قضيتهم دراسة تعطيها حقها دون تعصب لرأي مسبق، تذكر أننا لا نتحدث عن الفعل بل عن الميل، ثم محاولة العمل معهم سوية لإيجاد حل شرعي لهم يرضي الله ويتناسب مع ما جبلوا عليه.