للأسف هذا الموضوع طرحه الغرب لغرض يختلف تماما عن الحفاظ على حقوق الإنسان. فالغرب يساعد على انتهاك حقوق الإنسان في الدول العربية والإسلامية ومن مصلحته أن تبقى تلك الدول في الحضيض وأن تبقى بعيدة عن العلمانية.
وهذا الفيديو يتم عرضه في إطار التحضير لاستفتاء الجنوب تمهيدا للإنفصال من أجل حشد الرأي العام العالمي لهذا الغرض لأن مصالح أوروبا وأمريكا سوف تتحقق عندما يتحقق الانفصال. ولا علاقة للفيديو بحرص أمريكا أو أوروبا على حقوق الإنسان بأي حال من الأحوال.
لو كان هناك حرص على حقوق الإنسان لتم اتخاذ خطوات حقيقية من العالم الذي يسمي نفسه بالمتحضر من أجل تغيير الفكر العربي والإسلامي ومن أجل تثقيف المسئولين والسلطات التنفيذية وإعطائهم دورات في أحدث ما وصل إليه علم السجون والعقاب ، ولتم عقد مؤتمرات دولية من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان وتم التشديد على تنفيذ ما وقعته تلك الدول من اتفاقيات ، ولتم تمويل الفكر الإسلامي الذي يتبنى رؤية إنسانية لتطور العقوبات والعلاقات الإنسانية.
ولكن ما يحصل هو أن الدول "المتحضرة" من مصلحتها الإبقاء على التخلف والقهر والتعذيب في الدول العربية وقد قرأت ذات مرة أن أمريكا وأوروبا يصدرون أجهزة تعذيب إلى مصر وباقي دول المنطقة. هذا فضلا عن تصديرهم للسلاح إلى كل الدول الأفريقية الداخلة في حروب أهلية ونزاعات. أي أن المسألة تجارة ومكسب بالنسبة لهم.
ومن جهتنا فنحن نتحمل مسئوليتنا عن الوصول إلى هذه النتيجة لأن شخصا مثل البشير الذي تعود على السير وهو يمسك بالكرباج في يده أو المنشة والتلويح بها في الهواء ولعله لم يتلق تعليما في حياته يترأس أكبر دولة عربية من حيث المساحة وهو فقيه في الدين وهذا هو الدين الذي يريد تطبيقه على الناس، وقد انفصل عنه الجنوب والغرب وحاربه الشرق وبقي منحصرا في الشمال ، ولم يكن ليقوى على البقاء لولا دعم الدكتاتور الشمالي حسني مبارك له بقوة لأنه يرى أن مصلحة مصر هي في بقاء هذا الدموي الجاهل المتحدث باسم الإسلام لصيقا بمصر ، لأن مبارك هو الآخر لم يتلق تعليما سوى الإجراءات العسكرية وكيفية قمع الشعوب ، وهذه هي وظيفته.
وفي نفس الوقت تقوم السعودية من خلال أمرائها بتمويل البشير بمليارات الدولارات لمجرد أنه يحافظ على ما تراه هي "المذهب السني" في السودان، فهم يعيشون على أسطورة أن الله رزقهم بالبترول وجعل لهم سوبر ماركت "بندة" والمولات المتعالية في بنيانها وأجهزة التكييف في كل مكان وأنظمة الهواتف الذكية والتلفزيونات المنزلية الضخمة لأنهم يحافظون على منهج الله الصحيح في الأرض ولأنهم يشكلون الفرقة الناجية في أنقى صورها، وبأن الله سوف يبقي على هذه الرفاهيات عندما يعمل السعوديون جاهدين ويبذلون الأموال كل يوم في سبيل الحفاظ على منهج الله وأن يبقوا الفرقة الناجية مسيطرة على العالم الإسلامي حتى لو أدى ذلك إلى تخريب عقول ملايين البشر وتكميم أفواه ملايين أخر وتعذيب وتفجير الملايين الآخرين.
وطبعا فالحل لقضية هذه المرأة السودانية التي وقعت ضحية تآمر العالم كله عليها يبدو مثل الحلم ولا يبدو أن هناك أفقا لإنقاذها أو إخوتها في الإنسانية من سندان مصالح الغرب ومطرقة عقائد الشرق في أي وقت قريب على الإطلاق.