نسمه ..
مرحبا و سلامات .. وازيكم .. كيف انكم .
جيد جدا أن نتطهر و نرفض هذه النظرة الإستعلائية .. سواء من المصريين تجاه سودانيين أو عرب بينما يكونون أفضل ممن يستعلون عليهم ، كذلك العكس تماما من عرب تجاه مصريين . الإستعلاء هذا هو نوع من التعويض المرضي ، هناك أيضا استعلاء سوداني شمالي تجاه الجنوبي أو الغربي باعتبار الشمالي عربيا ( بنيا ) و الاخر أسود . البني هذا تعبير سمعته من صديق سوداني وهو يشرح مشكلة الجنوب بأنها مشكلة لون ، و لما شعر بأن هذا التعبير صادم و كنا مجموعة من المصريين و الإمارتيين ، فأوضح بأن الشمال بني و الجنوب أسود ،و لأن عندي عمى ألوان فلم أعرف ما هو الفرق بين اللونين و غيرهما من الألوان .
بالمناسبة النوبي غير السوداني ، فأهل النوبة شعب له خصائص و لغات مختلفة عن المصريين و السودانيين ، رغم هذا أتفق معك أن السوداني عادة إنسان عالي التهذيب ،و كأي مصري لنا أقارب سودانيين ، فخالة زوجتي ،وهم أتراك برضه إسما ورسما !، كانت متزوجة من سوداني مصري ،و بعض أبنائها و بناتها متزوجون من سودانيين ، و نحن على علاقة وثيقة بهذا الفرع ، هذه الخالة و زوجها كانا يسكنان في شبين الكوم ( للأخوة العرب .. تقريبا 120 كم من القاهرة ). رغم أني لا أميل كثيرا لإضاعة الوقت في مجاملات إجتماعية كنت أرحب و بحماس باصطحاب زوجتي لزيارتهم ، و كثيرا ما كنت أقضي الوقت مع عم نابري أساجله الشعر العربي القديم و الحديث على السواء . المدهش أني أتذكر الكثير من الشعر الذي سمعته منه دون غيره ، كما كنت أداعبه أحيانا بأن أنشده شعرا من نظمي مدعيا انه لهذا او ذاك من كبار الشعراء ، فلم يزد أن يجاملني مبتسما :" ما يجول هذا الشعر الجميل سواك " ، قاصدا هذا شعر تافه لا يقوله شاعر محترف ! .
هناك واقعة قريبة مما حدث لك ، فيبدوا أن هناك تجارب كثيرة مشتركة بيننا لست أدري كيف تصادفت ؟. أثناء العمل في الإمارات و قد عملت في دبي و منطقة تتبع أبي ظبي رغم أن إقامتي كانت دائما في دبي ، كان يعمل في مكتبي مباشرة سوداني و مصري و مجموعة من الهنود و إنجليزي و ... ، يعني الخلطة الخليجية الشهيرة . كان المصري حاصل على شهادة جامعية و السوداني حاصل على شهادة متوسطة أو دونها . كان الإثنان يعملان في نفس الوظيفة ،و رغم كوني مصريا كنت أفضل التعامل مع السوداني ، فهو يعرف معنى علاقات العمل ،ولا يخلطها بالعلاقات الشخصية ، كما أنه وهذه هو الغريب في الأمر ، أكثر كفاءة !. المصري كان قد عقد العزم على عدم معرفة أي كلمة بالإنجليزية وهي لغة التخاطب الشائعة ،و كل المخزون و الإحتياجات تحدد بالإسم و الكود الإنجليزي . السوداني قضى أوقات طويلة في حفظها بينما الأخ المصري الجامعي لا يعرف كيف يكتب أي اسم باللغة الإنجليزية .و النتيجة أنه جلس بلا عمل حقيقي حتى استغنوا عنه ، فعندما خيروني بينهما ، حكمت الضمير المهني – كما هو مفترض من محترف - و اخترت السوداني . أما الأخ المصري فقد بحثت له عن عمل آخر ، خلال صديق في شرطة الشارقة حيث اللغة عربية ناصعة البياض و مازال يعمل هناك .
لاحظت أن السودانيين كانوا قد بدأوا يتأثرون بالدعاية الإخوانية و الأصولية ، و أحيانا عندما كنت اتواجد بالنادي العربي عندما أذهب إلى الشارقة أصادف سودانيين متعاطفين من الإخوان و يرددون كلامهم المدمر عن حروب الإسلام و نشر الدعوة ، حتى أن فنان سوداني خريج كلية الفنون جعلوه يهجر الفن و يعمل في الترويج لكتب تراثية سوقية ، تماما كما يحدث في مصر المحروسة ،و علمت بعد ذلك أنه هاجر إلى لندن و نجح هناك كفنان تشكيلي موهوب .
فعلا أقترح سحب العصا من البشير ووضعها في .... ، و تحرير السودان منه و من عصابة الإخوان المسلمين .