الزميل البراك الازهرى

اسمح لى أن أتحدث من وجهة نظر شخصية لست ملزماً لأحد بها ، فعند التعامل مع آيات القرآن الكريم يجب على المسلم أن يضع نصب عينيه وحدة البناء للإسلام حتى يصل إلى صورة تتناسب مع عصره الذى يعيش فيه ، وكما تعرف فنحن المسلمون نؤمن بأن القرآن صالح للتطبيق فى كل مكان وزمان.

لذلك فأنى أعتقد أن محاولة الوصول إلى معنى واحد مستقل للآيات يؤدى بطالبه إلى الجمود وعدم التطور مع الزمان وعدم التطور مع درجات المعرفة (وأعنى بها الدرجات الإيمانية)، وكلما ترقيت فى التوحيد كلما كانت دلالة نفس الآية تتغير معك لتصل بها إلى حقائق أكثر شمولا ... الأمر تماما كمن يرتقى فى صعود بناية ، فمستوى الرؤية يزداد لمساحة اكبر مع كل ارتقاء فى الصعود.

وكثيرا ما كنت أتسائل لماذا ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن طلب سر الحروف المقطعة فى القرآن، وقد أيقظ سؤالك هذا وتعليقات الزملاء ما بين ساخر وجاد هذا السؤال عندى ولذلك وجدت انه له عدة إجابات تتعلق بهذه الحروف المقطعة ومنها :

1) فهى عند أهل اللغة والبلاغة فى بداية الدعوة تكون تحديا لهم بأنه القرآن يتكون من نفس الحروف التى تنطقون بها ، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين بأنه كلام بشر.

2) وهى عند من تقدم بهم الزمن تكون فيصلا بين المشككين فى تحريف القرآن ، فلو كان القرآن محرفا أو امتدت له يد التحريف لتم إسقاط تلك الحروف من القراءة لعدم معرفة معناها ، فمن الصعب الحفاظ على كلمة غير مفهوم معناها لو كانت كلمة من وضع بشر وليس من وضع إله تعهد بحفظ القرآن وهى كذلك فيصل آخر لعدم التحريف حيث تقرآ (الم) ألف - لام - ميم فى سورة بينما فى سورة أخرى تقرأ بنطق أخر مثل (ألم نشرح لك صدرك).

لذلك محاولة طلب معنى واحد للقرآن لا يتغير ولا يتبدل على طول الزمان لكل آياته فهذا سيفرغ الكتاب من محتواه ومضمونه وصلاحياته وتأثيره وقد جعل الله من الآيات آيات محكمات وأخرى متشابهات. وقد يأتى زمان بعدنا يتوصل غيرنا إلى معنى أكثر رقيا فى المعرفة الدينية لهذه الحروف المقطعة.

وتقبل تحياتى.