فارس :

أساس مشاركتى فى هذا الحوار هو أن بعض الدول تعتمد الجلد كعقوبه جسديه رادعه , البعض شارك بأراء تفيد بأن تلك العقوبه مصدرها الشريعه الاسلاميه على الرغم من أن حجم العقوبه وأسبابها لا يتوافق مع ما قررته الشريعه , وكان تدخلى لاثبات أنه حتى لو لم تقر الشريعه تلك الوسيله للعقاب فحتما كانت ستكون هناك وسائل أخرى أشد همجيه وتخلف , وأنه اذا كنتم أنتم اليوم تتفاخرون علينا بأنكم أبناء الحضاره المعاصره والداعين لنشر قيمها فان الاسلام بتعاليمه الأخلاقيه التى أسست لحضاره عظيمه استمرت عده قرون كان له أحد أوجه الفضل فى ذلك , وليس الاسلام مرض نفسى كما يدعى نيوترال ويوافقه البعض على ذلك , وهذا هو سبب سؤالى للزميل أندروبوف ان كان الاسلام قد ساهم فى تقدم الوعى والفكر الانسانى وساهم فى بناء الحضاره الانسانيه المعاصره أم كان على الحياد أم جرها الى الخلف ؟ ورده كان ايجابى بهذا الصدد.

فى ظل عدم وجود الاسلام يمكنك أن تقرأ وتسمع وتشاهد بعض العقوبات الهمجيه المتخلفه من مثل تلك العقوبه :
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=40657
هذا على الرغم من وجود الاسلام فى تلك البلاد الا أنهم لجأوا الى الأعراف والتقاليد القبيله , ويمكنك مقارنه تلك العقوبه بعقوبه الجلد لتستطيع أن تميز مابين التخلف والهمجيه وبين اعتماد القسوه الشديده فى العقاب .

أنا قلت وكررت من خلال مداخلاتى وفى مواضع كثيره أخرى أنى لا أطالب بتطبيق الشريعه وليس هذا فقط بل أنى أرفض تطبيقها , بمعنى أنه لو أجرى استفتاء على تطبيق الشريعه من عدمه فسأكون من الرافضين لهذا التطبيق , وهذا لسبب بسيط جدا وهو ما أشرت أنت اليه فى بدايه مداخلتك وهو هل حد الزنى فى الشريعه هو الرجم أم الجلد ؟ وقس على ذلك أشياء كثيره .

وقلت أنى أناقش العقوبات الجسديه وجدواها بمعزل عن الشريعه الاسلاميه , فبالنسبه لى لا أرى عقوبه الجلد عقوبه همجيه , وقلت أنها عقوبه شديده القسوه , وأحيانا تكون القسوه الشديده لها ما يبررها .

كما أن السوط فى الشريعه ليس مشرعا فى أوجه النساء فقط , الشريعه لم تفرق بين رجل وأمرأه فى الثواب أو العقاب , والمرأه الأن لديها وسائل عديده تستطيع بها الانفصال عن رجل لا تحبه , لكن بقاؤها على ذمه رجل ورغبتها فى المتعه مع رجل أخر يعود فى المقام الأول الى رغبتها فى الجمع مابين عنب الشام وبلح اليمن , فهى لا تريد الاستغناء عن رجل يوفر لها أسباب الرفاهيه والوضع الاجتماعى المناسب كزوجه محترمه وأم وربه أسره , وفى نفس الوقت تريد الاستمتاع مع شاب يوفر لها أسباب المتعه والمزاج , وطبعا لا أنا ولا أنت نستطيع التعميم .

كما أن مشكله أطفال الشوارع أيضا لها أسباب عديده , أحد أهم أسبابها ما نقلته عن صحيفه البديل فى مشاركتى رقم 129 من محاوله أم القاء رضيعها أسقل كوبرى 6 أكتوبر فى منطقه الزمالك لأنه جاء من علاقه غير شرعيه وده مثال واقعى حدث ونقلته أحدى الصحف ويتكرر يوميا , أما اذا كنت تعتقد مثلى أن السينيما هى مرأه المجتمع وتعكس واقعه فلعلك شاهدت فيلم " حين ميسره " وتعرفت على مشكله أطفال الشوارع وأسبابها .

أمر أخر ....

لا يمكننا أبدا التنظير على الانترنت والحديث عن الحضاره المعاصره ونشر قيمها ومبادئها فى مجتمعات متخلفه ليس على مستوى الوعى الفكرى والانسانى فقط ولكن على المستوى الحضارى بشكل عام , فى مصر وحدها هناك حوالى 1220 منطقه عشوائيه يسكنها حوالى 13 مليون نسمه , يوجد منها فى القاهره وحدها حوالى 76 منطقه يسكنها 2 مليون نسمه أبرزها مناطق منشأة ناصر والدويقة والزبالين وعزبه الهجانه ومقابرالبساتين والإمام الشافعى وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثى ,,,, الخ ,, فكيف تتحدث بين هؤلاء عن الحضاره وقيمها قبل أن توفر لهم أسباب تلك الحضاره ؟!

أنت مثلا تطالب باباحه الاجهاض على الرغم مما أراه أنا فى ذلك من وحشيه وهمجيه , فهل يمكنك مثلا خنق طفل والقاؤه فى النفايات عقب ولادته مباشره ؟ عندى أن الاجهاض وازهاق روح بريئه يماثل ذلك تماما , والأولى هو منع الأسباب التى أدت الى وجود روح بريئه نعمل على التخلص منها بالمطالبه باجهاضها , وفى ظل أوضاع وظروف كتلك لا يمكن أبدا المطالبه بتطبيق الشريعه الاسلاميه , فلا الحديث عن الحضاره المعاصره مقبول ولا المناداه بتطبيق الشريعه مقبول قبل توفير أسباب وسبل العيش الكريم , بعدها يرى الناس ان كانت الشريعه الاسلاميه تناسبهم أم قيم الحضاره المعاصره هى الأفضل , وقد عبرت عن ذلك فى المداخله رقم 121 عندما قلت (( عندما تستطيع شعوبنا أن تقود ممثليها الحقيقين الى كراسى الحكم فسيرتفع دخل المواطن وسيتم القضاء على البطاله وسيحصل على حظه الوافر من التعليم الجيد , وسيتم القضاء على الجهل وسترتفع مشاعل التنوير وتزيد , لكن كيف ذلك ونحن لازلنا نناقش قضايا النقاب والفساء والظراط والجلد والقطع والرجم سواء بالتأييد أو بالسخريه والتقريع ؟ )) لكن يبدو بالفعل أن هناك خلل بنيوى بينى وبينكم , فالبعض يرى أن العلاج ليس بالتنمية و الديمقراطية فقط بل الإصلاح الثقافي و التنوير, ولا أدرى كيف أنهم لايدركون أن الاصلاح الثقافى والتنوير لن يكون الا بعد رفع معدلات التنميه ونشر ثقافه الديمقراطيه وممارستها ؟! كيف تصبح مثقفا وأنت لا تملك ثمن أقل وسائل المعرفه قيمه وهى الصحيفه أو الكتاب ؟!

الحقيقه التى اراها أننا هنا نجلس خلف شاشات الكمبيوتر نمارس التنظير الفكرى , لكن لا أحد نزل الى الشارع وشاهد الواقع وتحدث عن أسبابه وطرق علاجه أو حاول المشاركه بفاعليه فى هذا العلاج .