القمع المبرمج الذي تعرض له الإنسان العربي من قبل الاستبداد الديني والسياسي حوله إلى "منافق".

والمنافقون والمنافقات يترقصون ويترقوصن هنا، بخلفيات مترهلة، بدعوى أن بابا الفاتيكان مس مشاعرهم القومية "الحساسة جدا" حين دعا إلى حماية المسيحيين من الإرهاب. (هذه الحساسية "معطلة" عند عتبة السلطان !..)

بما أن هذا اليابا ليس عربيا، فهذا يسمح لي بالانضمام إلى حلبة الرقص هذه، فأرفع صوتي، وأهز مؤخرتي، مستنكرا تدخل هذا البابا، وأدعوه عميلا للاستعمار والامبريالية والصهيونية.. الخ. الخ.

لكن قبل أن أسترسل في الشتائم، أجد لزاما علي أن أتذكر بأن دعوة البابا هذه لم تأت من "فراغ"، بل وردت في مقررات مؤتمر عقد في الفاتيكان في الخريف الماضي، ضم ما يقرب من 200 رجل دين مسيحي ينتمون إلى العراق وسوريا ولبنان ومصر وفلسطين والأردن. وذلك لمناقشة أوضاع المسيحيين في الشرق وخاصة في العراق.
قالوا في هذا المؤتمر إن عدد المسيحيين في العراق أصبح اليوم أقل من نصف مليون، وكان يقرب من مليونين قبل أربع سنوات! .. وطرحوا السؤال: لماذا ؟..
أجابوا عن هذا السؤال بالقول إن المسيحيين يتعرضون لإرهاب ديني.

فهل هذا صحيح ؟؟

مختصر القول؛ إن كان صحيحا أن المسيحيين يتعرضون في الشرق لإرهاب ديني، فعلينا أن نشكر كل من يستنكر هذا الإرهاب، وندعو الناس أجمعين إلى استنكاره والعمل على الخلاص منه.

إن لم يكن صحيحا فتعسا لبابا الفاتيكان، وتعسا لرجال الدين، العرب المسيحيين، الذي اجتمعوا للبحث فيما سموه "إرهابا دينيا" يستهدف المسيحيين العرب ويفرض عليهم الهرب خارج البلاد.

---------------

شيخ الأزهر لام بابا الفاتيكان لأنه دعا المجتمع الدولي لاستنكار المجازر التي تطال المسيحيين ، و لم يدعوه لاستنكار المجازر التي طالت المسلمين. (في هذا الأمر لا أستطيع النفي أو الإثبات لست متابعا لتصريحات بابا المسيحيين)
ما يضحك ويبكي في هذه المسألة، أن شيخ الأزهر تجاهل مواقفه "المنافقة" من الإرهاب الذي تمارسه جماعات تدعي الإسلام ضد من تعتبره خارجا عن الإسلام (هل كان "يجاملها" خشية منها ؟.. أم لأنه يوافقها في تسميته "جهادا" ؟..)
نعرف أن من قام بهذه المجازر هم بعض من السنة ضد الشيعة، وبعض من الشيعة ضد السنة.
ونعرف أن شيخ الأزهر، اكتفى دوما بـ"الهمس" مستنكرا، دون أن يكلف نفسه إصدار فتوى تحرمها، وتجرم من قام بها واعتباره خارجا عن الدين.
ونعرف أن المئات، بل الآلاف، ممن يسمون أنفسهم "شيوخ الإسلام" كانوا يفتون بوجوب هذا "الجهاد" .. ولم نر شيخ الأزهر، أو سواه من الشيوخ، يصدر فتوى بتكفيرهم أو بكف يدهم عن مشيخاتهم !

ولا عجب... هذا النفاق من وسائل كهنة الدين في حربهم ضد الحداثة.