عزيزي Serpico:

أشكرك يا أمير على سؤالك عن حال ابني. هو الآن بخير ونحمد الله على كل شيء. اذكرنا بدعائك الصالح بخصوصه ولك مني خالص الامتنان.

الإقصاء متأصل في طبع البشر يا أخي العزيز. موجود عند الكل بمن فيهم أنا ولكنه يتفاوت بدرجات. مثلا إقصاء الفرنسيين لغير الفرنسيين يختلف عن إقصاء الأقباط لغير القبطي وخاصة عندما يتعلق الأمر بقبول واحد منهم للديانة الإسلامية. مجتمعاتنا الشرقية إجمالاً إقصائية لأبعد حد لأننا تعودنا وتربينا على احتكار الحقيقة وأننا فقط أصحاب الحقيقة وغيرنا على باطل.. للأسف هذا طابع رديء موجود في كل الأديان بمن فيها المسيحية. سعي الإنسان لأن يتجاوز الإقصاء ومحاولة التعرف على الجماليات عند الطرف الآخر يقتضي بذل مجهود ليس بقليل وعمل وحرص على رؤية ما لدى الآخرين من جمال.

التدين السعودي لا يختلف عن التدين التوراتي وربما المسيحي في القرون الأولى مع فارق أن الناس قد تحرص في مكان على حركة الحياة والسير مع سير الحياة نفسها. مثلا حد الردة كان بالتوراة ولكن لم نسمع عن حد الردة أو أحد منهم أقاموا عليه حد الردة ولكن في شعوبنا الآن تثور الثائرة على ظهور أي شيء مختلف. نريد لكل الناس أن يشبهونا في طريقة تفكيرهم ونظرتهم للوجود. اليوم تحدثت مع زوجتي عن ثورة الأقباط من أجل استعادة كاميليا شحاتة للكنيسة ورغم أنها اقتنعت بالإسلام وتأذينا كلانا من مواقف كهذه إذ هي تعكس شخصية تملكية تسلطية لا تحترم آدمية الآخر. في المقابل نظرنا لـ الـ Amish كجماعة بدائية جدًا في أميركا وكم أنهم يتيحون لأبناءهم وبناتهم حق الخروج من مساكنهم ومحال إقامتهم ويعطون الإنسان فرصة للاختيار ومساحة لا متناهية من الحرية وفي المقابل يقوم الشخص باختيار جماعته في مطاف الأمر. لكن لابد لي أن أرتد عن هذا الدين وعن تلك الجماعة وأجوز كل هذه الصراعات ثم أختار بحرية مطلقة ما أشاء. شعوبنا العربية لا تستوعب ذلك بمن فيهم من مسلمين أو مسيحيين وبكل أسف شديد بسبب الذهنية التملكية البطريركية الأبوية الاستبدادية.

أشكرك على سؤالك عنا وأمنياتك وليحفظك الباري تبارك اسمه في حفظه تعالى. واذكرني بدعاك.