الحالة سوريالية

أين رجال المحاماة··؟؟ أين الأطباء··؟؟ أين أساتذة الجامعة··؟؟ أين الصحافيون·· ؟ أين الطلبة··؟؟ أين أهل الفن والإبداع··؟؟ كيف يقبل هؤلاء أن يتركوا الشباب الغاضب وحده في الشارع يكسر ويخرب.·؟؟ كيف اختفوا كلهم والبلاد على فوهة بركان؟؟ الأمر محير فعلا·· كل ردود الأفعال جاءت من بقايا النخبة الموزعة في الخارج· تمنيت أن أرى بقية البقية الموجودة هنا، أن تخرج إلى البرلمان أو إلى قصر الحكومة وتعتصم هناك وتطالب هذه الحكومة بأن تحشم على روحها شوية وأن تلتفت إلى هذا الشعب المطحون المضروب من أمامه ومن ورائه·· هذه البقية الباقية هنا تظهر مرة أخرى عجزها ولامبالاتها·· ويظهر مرة أخرى الشارع أذكى وأقوى منها·· لأن الذين خرجوا وتظاهروا قد يكون أكثرهم تعليما من خرج من الثانوي مطرودا من مدرسة الوزير الهمام بن بوزيد·· لذلك فإن هذه الحركات الاحتجاجية التي لا يكون لها إطار جمعوي أو وعاء سياسي تكون عواقبها وخيمة·· فالغاضبون لا يؤمنون بأي قيمة ثقافية أو حضارية تكبح جماحهم عن التكسير والحرق·· والأخطر من ذلك أن هؤلاء الشبان لم يعودوا يؤمنون بالكلام الخشبي الذي يمكن أن تقوله لهم هذه البقية الباقية من نخبة مفلسة لا تملك أدوات إجرائية فاعلة لتحليل الراهن الوطني·· وظهر أن الشارع يستطيع فهم الوضع أحسن منها ويعبر على ذلك بكلمات قليلة وعميقة وأكثر دلالة·· مثل ذلك الشاب الذي رأيته يتحدث لإحدى القنوات قائلا هذه الدولة التي بنت ثلاثين سجنا كان يمكن أن تبني لنا عوض ذلك ثلاثين مصنعا وبهذا تتهنى القرعة من حك الرأس·· السيل جارف ولا يمكن توقع ما سيحدث·· وكل التحاليل التي تقال الآن تبقى مجرد كلام وتخمينات·· وعلى الجميع أن يفهم أن الشباب الغاضب وقوات الأمن معا هم من نفس الطبقة الاجتماعية وكلهم معنيون بغلاء الزيت والسكر والفرينة·· وأن الشباب المنضوي في قوات الأمن لم يفعل ذلك إلا بعد أن عذبه سوط البطالة·· وإنهم كذلك بالكاد يلبون حاجات عائلاتهم الضرورية·· وأن عائلاتهم لا تأكل اللحم إلا في المناسبات·· أقول هذا الكلام لأني خائف على بلدي·· وعلى أبناء بلدي·· فالمصابون من الشباب الغاضب ومن قوات الأمن معا هم فقراء الجزائر·· لأن أبناء الوزراء والقماقم كلهم في الخارج يلهون ويعبثون في ملاهي أوروبا وأمريكا بأموال آبائهم المشكوك في مصدرها طبعا·· الحالة سوريالية وعبثية .

الشاعر عبد الله الهامل