عزيزي أوبزرفر .
يا صديقي .. لا أنكر أنك أثرت نقطة هامة جدا ،وهي مدى ثقل التيار العلماني المصري و ثباته ، و إمكانية التعويل على تحالف حقيقي معه . و لكن دعنا ننظر للصورة من الجانب الاخر .
العلماني و التنويري المصري بحكم معتقداته الأساسية هو أقرب حليف للمسيحي ، و لصاحب كل عقيدة دينية مخالفة للأغلبية كالشيعية و البهائيين و.. . لذلك هو يتوقع من المسيحي المساندة ، فالمسيحيون يشكلون أكبر كتلة مستقلة عن التيار الأصولي السائد . هذا سيجعل تحالف البابا ولو جزئيا مع رموز الأصولية الإسلامية نوعا من الخيانة . أعتقد ان الكنيسة المصرية تخشى من انتشار التيار العلماني أكثر من خشيتها من الأصولية الإسلامية ، فتلك الأصولية لن تشاركها ( شعبها ) ،و لكن العلمانية تستقطع من رصيد الكنيسة كما تستقطع من قطيع المتأسلمين . هناك بالفعل تيار علماني مسيحي في مصر يرفض سلطة البابا السياسية ،وربما هذا هو سبب معاداة الكنيسة للعلمانية و التيارات الليبرالية .
بحكم صداقاتي لكثير من الأقباط خاصة منذ زمن حزب المستقبل ، أرى أن هناك موقفان من قضية التعاون مع العلمانيين المسلمين ، الأول وهو الأغلبية فاقد الثقة بالمسلمين كلهم أو على الأقل لا يثق بقدرة المسلمين المستنيرين على الحركة و التأثير ،و هذا الإتجاه لا يرى صديقا للمسيحي سوى المسيحي الآخر ، و هو بالتالي يرى ان مكان المسيحي الوحيد هو داخل الكنيسة و سلطة البابا . أما التيار الثاني فهو تيار المثقفين العلمانيين وهو يسعى للتواصل مع المسلمين المستنيرين ، و يرفض الحل الكنسي للمشكلة القبطية ،وهو تيار ثانوي و يتضائل بمرور الوقت ،و إزدياد العنف الأصولي ضده .
كنت أتمنى أن أؤكد على خطأ التيار الأول ، و لكني أخشى أن التيار التنويري المسلم في مصر ضعيف و غير متماسك ، و بالتالي لا يراه أحد لاعبا أساسيا في الساحة المصرية ، الجميع يهمله .. الغرب و المسيحيون و حتى عناصر هذا التيار تهمل بعضها البعض . فلا توجد أي جهة رسمية او غير رسمية تدعم هذا التيار لافي مصر و لا خارجها .
رغم هذا كله فمازلت أعتقد أن الأقباط في مصر لو اتخذوا زمام المبادرة بقيادات مدنية قادرين ان يكونوا النواة لحركة تنوير جديدة في مصر .