«لم تكن الوشاية التي قام بها سامي شرف ضد شقيقيه تستهدف في الحقيقة صالح الوطن أو سلامة البلاد لأن :
شقيقه عزالدين شرف ضابط الشرطة نقل بعد ذلك إلي وزارة الخارجية بمجهوده الشخصي في بداية الستينيات عقب اجتيازه امتحان القبول بالخارجية واظهر من المقدرة والكفاءة ما جعله من أكفأ السفراء بالوزارة.. وأنضم للتنظيم الطليعى وأصبح سكرتيرا للسيد عبد اللطيف البغدادى نائب رئيس الجمهوريه السابق !!
أما شقيقه الثاني طارق شرف فقد كان أول دفعته عند تخرجه في الكلية الحربية ونتيجة لوشاية ظالمة من شقيق يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة وجد الملازم طارق نفسه مع مجموعة من الملازمين الصغار السن الحديثي التخرج في غياهب السجن الحربي متهمين بتهمة التآمر علي قلب نظام الحكم وهي تهمة لا يمكن لعاقل تصديقها وانتهي الأمر بفصل المجموعة بأكملها من خدمة القوات المسلحة
وهكذا يتضح بجلاء أن وشاية سامي شرف بشقيقه التي تناقض كل ما عرف من المبادئ الإنسانية وصلات الرحم لم تكن تستهدف إلا الاستحواذ علي ثقة عبدالناصر وضمان البقاء بجواره في المنصب البراق
هكذا قدم الخادم نفسه لسيدة
وهكذا نجح فى كسب ثقته
فالسيد كان فى أحتياج لمثل هذا الخادم كما كان الخادم فى أحتياج لمثل هذا السيد
وجد سامى شرف نفسه كسكرتيرا شخصيا للرئيس عبد الناصر
يقوم بدور الرقيب على كل ما يقدم لعبد الناصر
ويقوم بدور الرقيب على تنفيذ أوامر عبد الناصر
ويقوم بدور الرقيب على ما يحفظ من مستندات عبد الناصر
لذلك كان هذا المنصب من أخطر المناصب فى عصر عبد الناصر
ولذلك أيضا كان هذا المنصب يتطلب أعلى درجات الأمانه
أمانه التوصيل
أمانه التنفيذ
أمانه الحفظ والأرشفه
كان الهمشرى - وهو الأسم الكودى لسامى شرف - معروفا بتقديمه التقارير لعبد الناصر
وبفلترته لكل ما يدخل ويخرج لعبد الناصر من أوراق
أى أنه كان يساهم بطرق غير مباشرة
فى رسم الحاله المزاجيه اليوميه لعبد الناصر
وبالتالى
التحكم الغير مباشر فى أغلب قرارات عبد الناصر
لذلك أعتمد سامى شرف
على شبكه هائله من المتعاونين معه
ولم لا
وأسم عبد الناصر موجودا وبأمكانه التلويح به
لذلك أصبح سامى شرف أخطبوطا ومركز قوى حقيقى
ولم يكن هذا الأمر سرا على عبد الناصر
فطبقا لحديث سامى شرف لجريدة أخبار اليوم القاهريه
أعترف سامى شرف بتهديد عبد الناصر له أمام الرئيس اللبنانى فؤاد شهاب عندما قال له
"أرفعوا أيديكم عن لبنان "
فقد كان سامى شرف فى تلك الأيام
هو الحاكم الفعلى فى لبنان
وكان أعوانه من المصريين والشوام كثيرون
خاصه المدعو يحى الشاعر – الذى يملء المنتديات ببطولاته الوهميه - والذى كان يتولى التجسس على الطلبه العرب فى جامعات بيروت
وإليكم ما كتبه يحى الشاعر فى منتدى المطاريد نقلا عن جريدة الأخبار القاهريه
سامي شرف يتذكر الشهابية
- الجزء الأول -
حوار
نقولا ناصيف
يعبر سامي شرف العقد الثامن بهدوء في منزله في القاهرة. يقرأ ويكتب ويستخدم الكومبيوتر ويتتبّع الحاضر بعد الماضي. كان يوماً الرجل القوي في لبنان من مكتبه في قصر القبّة. حارس علاقة الناصرية بالشهابية، وحافظ أسرار مرحلة مثيرة للجدل عن لغز حكم الرئيس فؤاد شهاب الذي نجح، بتعاونه مع الرئيس جمال عبد الناصر، في إمرار رئاسة هي الوحيدة في تاريخ لبنان، التي خلت من حرب أو انقلاب أبيض أو أزمة كيانية، منذ عقد اجتماع الخيمة بين الرئيس والريّس. يروي سامي شرف لـ«الأخبار» في حلقتين، اليوم وغداً، بعض خفايا مجهولة عن تلك المرحلة.
• متى بدأت علاقتك بالملف اللبناني؟
أول تعاطٍ لي بالملف اللبناني بدأ في مايو (أيار) 1958، في عهد كميل شمعون عندما رفع شكوى إلى مجلس الأمن ضد الجمهورية العربية المتحدة متهماً إياها بالتدخل في الشؤون اللبنانية وتهريب أسلحة عبر سوريا. كان سفيرنا في الأمم المتحدة عمر لطفي رجلاً طيباً ولم يوفّق في مواجهة الموقف، في ذلك اليوم في القصر القبة أرسل الريّس في طلبي ولم يكن يفصل مكتبي عن مكتبه سوى حاجز، كنت مدير مكتب رئيس الجمهورية للمعلومات ووزير شؤون رئاسة الجمهورية، واستمررت في هذا المنصب حتى رحيله، ثم حتى 1971 عندما أدخلني الرئيس أنور السادات السجن حتى 1981.
• ماذا كانت وظيفة هذا المكتب؟
الحصول على أي نوع من المعلومات، سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية والرسائل والشكاوى وبريد الرئيس.
كل ما له علاقة بمعلومات.
وكان استحدث هذا المنصب عام 1955، كان موجوداً قبل أيام الرئيس محمد نجيب، لكنه كان غير ذي فاعلية وعمد الرئيس عبد الناصر إلى تطويره وتنشيطه مع تعييني فيه في أول ابريل (نيسان) 1955، وكان هذا التاريخ بمثابة أول إنشاء لهذا المكتب، ورافقت في جانب من دوري في مكتب رئيس الجمهورية الملف اللبناني كمعلومات منذ ذلك الوقت، لكن المهمة الأولى والمباشرة لي في الملف اللبناني كانت عام 1958.
قال لي الرئيس عبد الناصر أعدّ نفسك للسفر إلى نيويورك، هناك جلسة لمجلس الأمن يقتضي حضورها بصفة مستشار للوفد الرسمي، ويجب إطلاع المجلس على الأوضاع لدينا بكل وقائعها التي يجهلونها كما يجري في المنطقة وأسبابها وتداعياتها لأنهم قد لا يكونون مطّلعين عليها تماماً. ليسوا في صورتها أبداً وخصوصاً ما يجري في لبنان. قدّم كميل شمعون شكوى ضدنا وسنواجهها وطلب مني الاجتماع بمسؤولي الاستخبارات المركزية الأميركية في سفارة واشنطن في القاهرة للحصول على تأشيرة سفر.
كانت لنا حوارات ولقاءات خلفية مع السفارات ومسؤولي الاستخبارات فيها ومنها الأميركية. كانت سياسة عبد الناصر التعاون مع الجميع وهي السياسة الصحيحة، وكنا نعرف أن الأميركيين والاستخبارات الأميركية عدو لنا لكن ينبغي التعاون معهم. ليس هناك عداء مطلق أو كلمة لا، هذا غلط، في السياسة هناك نعم ولا، سياسة الممكن إذاً.
وكان مسؤول الاستخبارات الأميركية في السفارة الاميركية تشارلز كريمنز، وهو اليوم أستاذ في جامعة كولومبيا. طلبت منه تأشيرة سفر إلى نيويورك في اليوم التالي، ردّ بالإيجاب، ستكون عندك وسيستقبلونك. عندما وصلت إلى نيويورك، وقبل أن تفتح الطائرة أبوابها دعاني ربّانها إلى مقصورته، وقال لي بألّا أنزل من الطائرة بعد خروج المسافرين منها. استفسرت، فأجاب بأن لديه أوامر بالبقاء لأن ثمة من سيستقبلني كضيف، ثم حضر اليّ شخص وقدّم نفسه على أنه مدير الاستخبارات المركزية في نيويورك، وهو موفد من رئيس الاستخبارات المركزية الان دالاس، شقيق وزير الخارجية جون فوستر دالاس، لاستقبالي.
وقال إن السيارة والفندق في تصرفي. أجبته شاكراً أنني أتٍ على نفقة حكومتي واعضاء بعثتنا في نيويورك ينتظرونني، وكذلك هناك سيارة مصرية وفندق حجزت لي البعثة غرفة فيه.
شكرته على هذه المقابلة، لكنّه أصرّ على قبول الدعوة، فأصررت على موقفي قائلاً إنني لا أقبل استضافته لي إلّا بعد موافقة حكومتي على الأمر، وتولّت الاستخبارات الأميركية والان دالاس اصطحابي إلى الفندق.
وهذا دليل على أن هناك أجهزة في كل انحاء العالم وليس في مصر فقط. ولديكم انتم في لبنان الأجهزة أيضاً. الأجهزة ضرورية للأمن، لا يمكن ضمان أمن البلد من دونها، ولا يعني ذلك أن تفتري وتؤذي وتذل الناس وتعذب وتقتل وما سوى ذلك. دور الاستخبارات المحافظة على الأمن بأسلوب قوي، قوة الأمن في هيبته، وعندما يكون ضعيفاً يفقدها.
ليلة ذلك اليوم حضر الان دالاس مجدداً، وأصر على تكرار دعوة الاستخبارات المركزية لي، فقلت إنني لا أملك القرار ولا الموقف، لا موافقة ولا رفضاً. أرسلت برقية إلى الرئيس عبد الناصر وأطلعته على تصرفي فأيدني، أن أبقى في ضيافة السفارة المصرية في نيويورك.
درست الملف وكان الطرف المقابل في الشكوى وزير الخارجية اللبناني شارل مالك.
• هل التقيته؟
مجرد سلام، كلانا عرف الآخر، كانت مصافحة بيننا، لا أكثر ولا أقل، وكانت هذه المرة الأولى والأخيرة.
• كيف واجهت الشكوى؟
كان تقديرنا في القاهرة أن مناقشة الشكوى ستُسلق سلقاً لمصلحة كميل شمعون، والغرب كي يتدخل أكثر في لبنان، وأن هناك اتجاهاً إلى اتخاذ قرار سريع ضد الجمهورية العربية المتحدة واتهامها بتهريب أسلحة إلى لبنان.
وضعت في تصرف مجلس الأمن المستندات والوثائق والمواقف كاملةً، يومذاك لم يتخذ مجلس الأمن قراراً بل اكتفى بإرسال وفد من المراقبين الدوليين للتحقّق من صحة الشكوى، وكان هذا الإجراء بمثابة حل وسط وتسوية، وافقنا على المراقبين الدوليين، ولم نكن نخشى مهمتهم، وفي نهاية المطاف أصدروا تقريراًَ نفوا فيه تهريب أسلحة عبر الحدود السورية اللبنانية وربحنا المعركة الدبلوماسية في مجلس الأمن ضد كميل شمعون.
لم نكن ضد لبنان، بل كنا نحافظ عليه، وضد أن يتكوّن اقتناع لدى أفرقاء لبنانيين بأن مصر كما يوحون تريد ابتلاع لبنان وإذلاله واحتلاله، قصدنا في حملتنا المضادة أن يؤكّد المراقبون الدوليون ما كنا قد أعلنّاه في جلسات مجلس الأمن.
• منذاك بدأ تعاطيك الملف اللبناني؟
اللقاء الذي عقده الريّس مع الرئيس شهاب أدى إلى بناء قنوات اتصال خلفية منذ عام 1959. لكن اسمي بدأ يشتهر منذ مايو (أيار) 1958 على أثر معركتنا الدبلوماسية، وراح يتردد في بيروت، وأطلق عليّ ميشال أبو جودة في جريدة «النهار» اسم «سامو» لا سامي، ولم أعرف السبب، تردد اسمي حتى من دون أن أقوم بأي دور آخر. لكن الدور بدأ فعلاً بعد اجتماع الخيمة
.
• كيف حصل لقاء الخيمة في آذار 1959؟
تأسس لقاء الخيمة قبل انتخاب الرئيس شهاب، تأسس بناءً على نظرية قادها جمال عبد الناصر وتمسّك بها حتى رحل، وهي ارفعوا أيديكم عن لبنان. قالها للمرة الأولى عندما كنا معه في دمشق أيام الوحدة، على أثر حادثة لم أعد أتذكرها وتتعلق بكمال جنبلاط، في خصوص مشكلة ناشبة بينه وبين كميل شمعون، وكان مع جنبلاط الأفندي (رشيد كرامي). ويبدو أن المكتب الثاني السوري بقيادة عبد الحميد السراج أراد أن يتدخل على طريقة إخواننا السوريين بشيء من العنف الذي ليس من تقاليدنا المصرية، نحن نحبّذ الجدّية على العنف. ويبدو أن هذه هي طبيعة عمل الاستخبارات السورية بتوسّل العنف بلا ذكاء، وأرجو أن يؤخذ وصفي هذا بحسن نية، وهذا ما كان يحصل في ذلك الوقت وقبل ذلك الوقت، فأطلق الرئيس عبد الناصر عبارته: ارفعوا أيديكم عن لبنان، كان يقول لبنان هو لبنان، ويجب أن يظل هكذا.
• كيف أعد لاجتماع الخيمة؟
لمّا انتخب الرئيس شهاب تأكّد أن الجمهورية العربية المتحدة بقيادة جمال عبد الناصر شقيقة، وأسلوبها جديد وتحقّق مصالح لبنان الذاتية قبل أن تحقّق مصالحها العربية، كذلك مصالحها العربية، كنا نعرف أن لبنان هو نافذة العالم الغربي على العالم العربي، ونافذة العالم العربي على العالم الخارجي، وكان ذلك اقتناع عبد الناصر، الأمر الذي أرسى علاقة قوية بينه وبين الصحافة اللبنانية، كان يقرأ كل الجرائد والمجلات اللبنانية وعددها 102، تصل إليه يومياً من بيروت إلى القاهرة في طائرة خاصة تحط الساعة الأولى فجراً في بيروت لتحملها إلى الرئيس، واستمر هذا التقليد منذ العدوان الثلاثي عام 1956، وكان الصحافيون اللبنانيون يقصدون القاهرة كسعيد فريحة وميشال أبو جودة وغسان تويني وبديع سربيه وسليم اللوزي وكثيرين آخرين.
كانت علاقة الريّس بالصحافة اللبنانية والصحافيين اللبنانيين قوية. في اجتماع الخيمة كان هناك نوع من التلاقي، لم يكن من طرف واحد فحسب، كل واحد قال في نفسه أن لا مبرر له لعدم التعاون مع الآخر يداً واحدة وجبهة واحدة للأمة العربية ضدّ الخارج، كان الريّس يرى أن الصحافة والسياسة تكمل إحداهما الأخرى، وكما أن الصحافة اللبنانية نافذة لبنان على الخارج، ونافذة الخارج على الداخل العربي، فإن في وسع السياسة اللبنانية أن تكون كذلك.
حصلت اتصالات بعيدة عن الأضواء كان لعبد الحميد السراج دور فيها ولرئيس المكتب الثاني اللبناني انطون سعد. جمعت بين الرجلين علاقة طيبة ساعدت على تحقيق ذلك، وأنا كنت قد اجتمعت بأنطون سعد أكثر من مرة وأدركت كفاءيه على رأس الجهاز اللبناني ولم يكن أرعن. كان هناك دور لأحمد الحاج أيضاً.
• لماذا وافق الرئيس عبد الناصر على الاجتماع بالرئيس شهاب في خيمة نصفها في لبنان ونصفها في سوريا؟
لم تكن لذلك قصة، بل المسألة بسيطة للغاية، كان الاجتماع في خيمة أشبه بنوع من الكبرياء غير الحقيقية، أي من نوع لماذا تذهب مصر أو الجمهورية العربية المتحدة إلى لبنان، ولماذا يرضخ لبنان للذهاب إلى دمشق، قيل الكثير في ذلك، إن أحدهما يرضخ للآخر، جمال عبد الناصر للبنان أو لبنان لسوريا، وهكذا كان السجال حول المفهوم الحقيقي لكلمة رضوخ.
• تقبّل الرئيس عبد الناصر الفكرة بسهولة؟
جداً، بل قال: ما يريده الرئيس شهاب أنا جاهز للقيام به. كل ما يريحه ويجعله مطمئناً سأنفّذه له. قالها لنا في اجتماع في مكتب الريّس، كنا نناقش معه الاجتماع قبل ساعات من انعقاده على الحدود اللبنانية السورية، ونحن نعدّ الترتيبات اللازمة لذلك، طبعاً شملت الاتصالات القادة اللبنانيين الآخرين.
• لماذا، مع أن اجتماعات قادة الدول تدوّن في محاضر رسمية أمانة للتاريخ؟
بحسب ما فهمت لاحقاً من كلامي مع الرئيس عبد الناصر أن الرئيسين لم يشأ أحدهما أن يعطي الآخر صورة رسمية وبروتوكولية للقاء، أي أن يكون عفوياً بين شقيقين يفتحان صفحة جديدة من العلاقات الدولية والعربية على نحو مختلف يكون مثلاً يُحتذى به الآخرون.
كما أن اللقاء في ذاته كان مجاملة، لم يكن هناك ما ينبغي تصفيته، قلب الرئيسان الصفحة القديمة لعلاقة البلدين وقررا فتح صفحة جديدة بين لبنان والجمهورية العربية المتحدة، وقال الريّس للرئيس شهاب إن الجمهورية العربية المتحدة في تصرفه في كل ما يريد ويقرر، وبحسب ما علمت من الرئيس عبد الناصر أنه قال للرئيس شهاب: أرجو أن لا نضمر أي شيء في صدرنا للغد ونخفيه بعضنا عن بعض إذا حدث أمر ما، قبل أن تفكر في أننا فعلنا أو تعمدنا أو أننا مسؤولون عنه أم لا، أن تحيطني علماً بالأمر فوراً لمنع أي اجتهادات أو التباسات في الموضوع، لي في دمشق عبد الحميد (السراج) وفي بيروت عبد الحميد (غالب) وفي القاهرة سامي (شرف) سمّ لي مندوبين من عندكم.
هل طمأن دور اللواء شهاب في «ثورة 1958» الرئيس عبد الناصر إلى التعاون معه؟
بالتأكيد، طبعاً الرئيس عبد الناصر حذّرني مرة واحدة ولم يكرّرها، إياكم، إياكم، إياكم أن يقوم أحد منكم بعمل في لبنان يضر بفؤاد شهاب أو يؤذيه في شعوره وفي موقعه كرئيس للبنان حظّر علينا القيام بأي نشاط أو اتصال بأحد ما أو عمل أمني يزعج الرئيس شهاب.
قال ذلك في وقت لاحق على اجتماع الخيمة، كان مصراً على أن لا يتم أي عمل في لبنان، إلا بعلم الرئيس شهاب وموافقته الشخصية
سأعطيك مثلاً على حادث مشهور ومشهود له بتعاون الرئيسين هو تهريب عبد الحميد السراج من سجنه في دمشق، أسهم في تحقيق هذا العمل أكثر من طرف، هناك دور أردني من خلال نذير رشيد مدير المخابرات لا الحكومة الأردنية، وكان دوراً محدداً، وهناك دور فؤاد شهاب وكمال جنبلاط وشبلي العريان.
كان الغطاء السياسي والأمني الرئيسي من الرئيس شهاب عبر أجهزته وخصوصاً المكتب الثاني اللبناني من خلال سامي الخطيب، جهّز كمال جنبلاط الجمال والرجال في انتظار وصول عبد الحميد السراج جرود الحدود السورية اللبنانية، فركب الجمل وعبر الحدود، حتى وصل إلى دير العشائر حيث استقبله شبلي العريان وهو دليلنا في تلك المنطقة، ومضى به إلى المختارة وأمضى فيها ليلة.
في اليوم التالي غادر المختارة إلى بيروت، ساعدنا داخل سوريا منصور الرواشدة وهو العسكري الذي كان مكلفاً حراسة عبد الحميد السراج، وكان السراج قد جنّده سابقاً، فاتصل بنا الرواشدة وأبدى الاستعداد للتعاون، نحن تسلّمنا عبد الحميد عند الحدود السورية اللبنانية، من المختارة إلى بيت محمد نسيم الموظف في السفارة المصرية في بيروت في الروشة، ومنه إلى سيارة جيب أنا وسامي الخطيب الذي قادها، جلست وسامي في المقعدين الأماميين وعبد الحميد السراج ومحمد المصري وهو مساعدي للشؤون العربية في مكتب رئيس الجمهورية ومنصور الرواشدة في المقعد الخلفي، وكنا نرتدي بزّتَي الجيش اللبناني، ولا أزال أحتفظ بالبزة في خزانتي هنا في القاهرة، وقبل وصولنا إلى المطار أوجد المكتب الثاني فتحة في جدار سوره وكانت تنتظرنا الطائرة الخاصة التي تأتي فجراً إلى بيروت لنقل الصحف اللبنانية إلى الرئيس عبد الناصر، وكان قد تذرّع قائدها بعطل لتأخير إقلاعها إلى حين وصولنا، وأعلم برج المراقبة بالأمر وسط سرية كاملة لعملنا الأمني هذا، إلى أن وصلنا واخترقنا المدرج حتى مكان مرابضة الطائرة وأنجزنا مهمة التهريب والذهاب بعبد الحميد السراج إلى القاهرة.
• ما هي تعليمات الرئيس عبد الناصر لكم حيال حكم الرئيس شهاب؟
لم أذهب مرة إلى بيروت للقاء أحد كصائب سلام ورشيد كرامي وكمال جنبلاط وعبد الله اليافي وعبد الله المشنوق ومعروف سعد ونسيم مجدلاني ورينيه معوض، وجميع من كانوا في خط الناصرية، من دون أن أحيط الرئيس شهاب علماً بزيارتي ومهمتي، ومن دون زيارته. في المقابل كان هؤلاء الزعماء يترددون بكثرة على القاهرة للاجتماع بي وبوزير الداخلية شعراوي جمعة، وكانوا من الصف الأول وسواهم من الصف الثاني.
• كان الرئيس عبد الناصر هو الذي زكّى انتخاب الرئيس شهاب؟
كانت لدينا معلومات وفيرة عن فؤاد شهاب عبر سفارتنا في بيروت وعبر حلفائنا اللبنانيين بل كانت لدينا معلومات عن كثيرين سياسيين وزعماء وعسكريين. كان لبنان بالنسبة إلينا صفحة مفتوحة قرأها بسهولة جمال عبد الناصر، ومرد ذلك إلى اقتناعه بأنه نافذة على العالمين العربي والغربي، فضلاً عن اهتمامه بالتركيبة الطائفية اللبنانية، وكان يقول إن هذه التركيبة يجب أن تبقى وألّا يمسّها إنسان أو وضع ما أو قوة، وقال كلاماً مماثلاً بعد سنوات من حضوري أنا، عندما استقبل قائد الجيش اللبناني العماد إميل بستاني في نوفمبر (تشرين الثاني) 1969 عندما أتى لتوقيع اتفاق القاهرة.
وقاله كذلك أمامي لسامي الخطيب عام 1970: لبنان يا سامي (الخطيب) يجب أن تحافظوا عليه كما هو بتركيبته الحالية، وإياكم أن يسعى أحد ما إلى تفكيك هذه التركيبة. كانت هذه تعليمات الريّس لنا: لبنان يجب أن يبقى لبنان، كانت هذه المسألة نصب عين عبد الناصر في كل مرة كلفني أو سواي مهمة في لبنان.
http://www.almatareed.org/vb/archive/ind...-5514.html