الإنترنت أصبح كابوسا للأنظمة العربية التي تواجه احتجاجات شعبية
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي مكانا مثاليا للتعبير عن الاحتجاجات الشعبية والمطالبة بتحسين ظروف المعيشة والمزيد من الحريات, ما يثير قلق وسخط الأنظمة العربية التي تجد صعوبات جمة في إيقاف هذه الطفرة في عالم الاحتجاج.
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي من "فيس بوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، في البلدان العربية في الآونة الأخيرة إلى واحدة من أفضل وأنجع الوسائل للتعبير عن غضب الجماهير، خصوصا الفئات الشابة، من حكوماتها، واحتجاجاتهم على ما تعيشه هذه البلدان من ويلات سياسية واجتماعية وقمع ومصادرة للحريات. وتجد الحكومات العربية صعوبات جمة في مواجهة هذه الطفرة في عالم الاتصال والاحتجاج وفي فرض رقابتها المعتادة عليها.
فمن الجزائر إلى تونس مرورا بمصر، اكتسب رواد هذه المواقع أهمية كبيرة إلى حد بدأت هذه الظاهرة تقلق وتقض مضاجع الأنظمة في كافة أنحاء العالم العربي حتى في تلك الدول العربية النادرة التي تتباهى بتوفير وحماية الحريات العامة لمواطنيها.
ثلث سكان تونس يستعملون الانترنت
وتفيد معلومات دولية أن ثلث سكان تونس، من أصل 12 مليون نسمة، يستعملون الانترنت وأن أكثر من مليوني تونسي يملكون صفحات على "فيس بوك"، الأمر الذي حول موقع التواصل الاجتماعي هذا إلى مكان مثالي للتعبير عن الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لدرجة امتنعت السلطات التونسية وفي أوج مواجهاتها مع شعبها عن إغلاق الموقع خوفا من "سكب الزيت على النار المشتعلة في شوارع تونس العاصمة وغيرها من مدن البلاد" بحسب لوسي موريون مسؤولة مكتب وسائل الاتصال الحديثة في منظمة "مراسلون بلا حدود"، التي تضيف أنه بالرغم من كون"الرقابة على الانترنت في تونس و حتى الأيام الأخيرة كانت الأشد قسوة في منطقة شمال أفريقيا".
مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد مستخدمي الشبكة
وفي الدول العربية الأخرى اكتست أيضا الشبكة العنكبوتية أهمية قصوى، ففي مصر أكبر دولة عربية في عدد مستعملي الانترنت (17 مليون شخص) تابع رواد الشبكة تطورات الوضع التونسي لحظة بلحظة عبر شاشات الكومبيوتر وصفحات تويتر وفايس بوك. حتى أن بعض رواد الشبكة المصريين حلموا بتغيير الأوضاع في بلادهم طبقا للوصفة التونسية. الأمر الذي أثار سخط السلطات المصرية، التي تمارس رقابة أقل على الشبكة مقارنة بتونس قبل الثورة ولكنها لا تتردد في ملاحقة المدونات المعارضة لنظام الرئيس حسني مبارك.
ويستغل المعارضون على الشبكة الضربات التي يتلقونها من السلطات المصرية في تقوية تحركاتهم وتعزيز مواجهتهم للسلطة. وبذلك تحول المدون المصري المعارض خالد سعيد الذي عذب حتى الموت في يونيو/حزيران الماضي لنشره على الشبكة فيديو يظهر رجال من الشرطة يقبضون الرشوة، إلى رمز للحركات الاحتجاجية وبلغ عدد المعجبين بالصفحة المخصصة له على فايس بوك حوالي 370 ألف معجب. كما أن رواد "فيس بوك" في مصر دعوا اليوم إلى مظاهرة ضد النظام استقبلت 40 ألف مؤيد.
السلطات الجزائرية تشوش على "فيس بوك" و"تويتر"
ويبلغ عدد مستعملي شبكة الانترنت في الجزائر نحو 5 ملايين شخص، وقد قامت السلطات الاثنين الماضي وبعد أيام من تجمعات منددة بغلاء المعيشة في الجزائر العاصمة بالتشويش على "فيس بوك" و"تويتر" وعلى خدمة الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة.
ويقول واحد من مراقبي موقع فرانس 24 في الجزائر إن الحكومة تخشى من انتشار أشرطة الفيديو حول أحداث تونس وتأثيرها على مزاج الجماهير الجزائرية التي تتظاهر بدورها ضد غلاء الحياة. ويضيف مراقب آخر، أن رواد الشبكة في الجزائر يكتشفون كل يوم طرق جديدة للتحايل على الرقابة والتشويش.
ويبدو أن حرب السلطات العربية على رواد الشبكة العنكبوتية لن تنتهي قريبا... فهل يمكن للسيناريو التونسي أن يتكرر في مصر أو الجزائر؟ أم أن المطلوب الاستماع إلى الروائية التونسية المقيمة في الولايات المتحدة ليلى للامي التي تقول "الرجاء توقفوا عن قول إن "ويكيليكس" و"تويتر" و"يوتيوب" أطاحوا بنظام بن علي، الذي اسقط نظام بن علي هو الشعب التونسي".
http://www.france24.com/ar/20110118-tuni...censorship