


هل يستطيع ميقاتي؟
الثلاثاء, 25 يناير 2011
الياس حرفوش
مهما قيل في أسباب التغيير الحكومي في لبنان، الذي ينتظر أن يؤدي إلى إبعاد الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة المقبلة، فالأكيد أن هناك سببين أساسيين وراء التغيير في هذا الظرف. وهذان السببان لا علاقة لأي منهما بما يزعمه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون عن حملة على «الفساد».
السبب الأول هو ارتباط هذا التغيير الحكومي برفض الحريري التجاوب مع مطلب إلغاء تعاون لبنان مع المحكمة الدولية، وما يستتبع ذلك من سحب القضاة اللبنانيين ووقف التمويل اللبناني وما إلى ذلك ... في الوقت الذي يتقدم عمل هذه المحكمة وصولاً إلى إعلان قرارها الاتهامي. ففي كل النقاشات التي أُعلن عنها في شأن ما كان يتم من تفاوض إقليمي حول شروط التسوية، كان واضحاً أن المطلب المتعلق بالمحكمة كان البند الأول في ورقة المعارضين، بقيادة «حزب الله»، وليس أي بند آخر.
السبب الثاني للتغيير الحكومي يعود إلى قدرة «حزب الله» على إسقاط الحكومة، التي كانت توصف بأنها حكومة توافق وطني، على رغم التفاهمات السابقة المتعلقة بتحصين هذه الحكومة، وأخصها الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الدوحة، والذي التزمت فيه المعارضة بعدم اللجوء إلى الثلث المعطل لإسقاط الحكومة، كما فعلت مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. (البند الثاني من اتفاق الدوحة: «تتعهد الأطراف بمقتضى هذا الاتفاق بعدم الاستقالة أو إعاقة عمل الحكومة»). ومعروف أن بنود هذا الاتفاق هي التي سهّلت ولادة حكومة الحريري ورسمت حدود رعايتها الإقليمية.
في الحالتين، سواء المتعلقة بالمحكمة أو بتحصين الحكومة،
تم التراجع عن التعهدات السابقة التي أكد «حزب الله» من خلالها، ومن ورائه حلفاؤه، احترام الالتزامات اللبنانية المتعلقة بعمل المحكمة، وكذلك احترام تعهدات اتفاق الدوحة. البيان الوزاري لحكومة الحريري نص على الالتزام بالمحكمة وحصلت على ثقة المجلس النيابي على هذا الأساس، والأمر نفسه كان في ما يتعلق بالثلث المعطل. ولهذا السبب كانت حصة المعارضين عشرة وزراء فقط من اصل ثلاثين، قبل أن يتبين أن «الوديعة» الذي تُرك في يد رئيس الجمهورية مستعد أيضاً لترجيح كفة التعطيل، لمصلحة احد الأطراف، على كفة التوافق الذي كان يفترض أن يحكم قرارات الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية «التوافقي».
ما هو الاستنتاج من كل ذلك بالنسبة إلى مهمة رئيس الحكومة المقبل الذي بات مرجّحاً أن يكون الرئيس نجيب ميقاتي؟
اول الاستنتاجات أن إسقاط المحكمة الدولية، ولا شيء سواه، بصرف النظر عمّا يقال غير ذلك، سوف يكون البند الأول في الالتزامات التي سوف تُطلب من الحكومة الجديدة. والسؤال: هل تستطيع حكومة يرأسها نجيب ميقاتي، في الظروف الحاضرة، أن تتصدى لمهمة من هذا النوع، وهي الآتية إلى الحكم على انقاض حكومة «ولي الدم» سعد الحريري؟ وهل في قدرة ميقاتي، على خلفية موقعه السياسي والاقتصادي، لبنانياً وخارجياً، أن يواجه ما يشبه الإجماع الدولي حول تحصين عمل هذه المحكمة، التي اقر نظام إنشائها تحت الفصل السابع، مع إدراكه لعواقب ذلك بالنسبة إلى موقع لبنان والتزاماته الدولية؟
أما الاستنتاج الثاني من الذي حصل في الأسبوعين الأخيرين، فيتعلق بالتساؤل عن قيمة الالتزامات والتعهدات المتبادلة بين أطراف النزاع في لبنان، في الوقت الذي تظل القدرة على تغيير هذه التفاهمات بالقوة هي التي تتحكم باللعبة السياسية؟ ما هي، مثلاً، قيمة التعهد بعدم التصرف بكيدية وبالالتزام بحكومة شراكة وطنية تتيح مكاناً للجميع، طالما أن مصلحة طرف واحد والوقوف إلى جانب هذه المصلحة هما اللذان باتا يحددان معايير الانتماء الوطني؟